قال الوسيط الأفريقي والدولي في أزمة دارفور جبريل باسولي، إن مسؤولية إعادة السلام إلى الاقليم »تقع على عاتق الحكومة السودانية« التي دعاها إلى القيام بثلاث خطوات من أجل تسهيل التوصل إلى اتفاق سلام. وشدد باسولي في تصريح ل»الشرق الأوسط« بمناسبة الزيارة التي يقوم بها إلى باريس للقاء المسؤولين الفرنسيين على أن »مسؤولية الرئيس البشير أمام التاريخ وأمام شعبه« لتسهيل التوصل إلى حل. غير أنه في المقابل، ندد بمناورات المتمردين الدارفوريين وانقساماتهم والنزاعات الكامنة بينهم حول من يمثل حقيقة سكان دارفور وبالتالي من له الحق في التفاوض والتوقيع على اتفاق. ويرى باسولي أن الوضع الإقليمي وتحديدا العلاقات الجديدة بين السودان وتشاد والوضع الداخلي السوداني وإعادة انتخاب الرئيس عمر البشير وتشكيل الحكومة الجديدة وابتعاد شبح محكمة الجزاء الدولية، تمكن الحكومة من تقديم بعض »التنازلات« للتسريع في المفاوضات. وقال إنه يطلب عمليا من الخرطوم تنفيذ بثلاث خطوات تشمل تحسين الوضع الأمني ووقف النشاط العسكري في دارفور، وتسهيل عودة الأشخاص المبعدين إلى أراضيهم وتسوية موضوع التعويضات المطلوبة سريعا، وأخيرا العمل على إعادة إحياء دارفور اقتصاديا وتنميتها بحيث تعود إلى نشاطات اقتصادية »عادية«. واضاف باسولي أن ثمة »ترتيبات أمنية« يجب أن تتخذ لتحقيق هذه المطالب وتمكين العمل بها، وعلى رأسها ضم الذين يقبلون تسليم السلاح وتسهيل اندماجهم إما داخل القوات الأمنية التي ستناط بها مهمة حفظ الأمن في دارفور أو مساعدتهم على العودة إلى حياة عادية اقتصاديا واجتماعيا«. وأكد باسولي أن الأجندة التي يعمل عليها هي التوصل إلى اتفاق سلام نهائي قبل نهاية العام الحالي بحيث يمكن وضع دارفور بمنأى عما يمكن أن يحدث في الاستفتاء المقرر بالنسبة إلى بقائه داخل السودان أو الانفصال عنه. غير أن المبعوث الأفريقي والدولي يفضل البقاء بعيدا عن الخوض في العمق في هذا الموضوع مكتفيا بما اتفق عليه في الأجندة الدولية، أي الاتفاق قبل الاستفتاء. ورأى باسولي أن التعاون بين الخرطوم وتشاد اللذين تحاربا بالواسطة وعبر الحركات المتمردة المدعومة من هنا أو هناك، »صادق«، بدليل رفض الرئيس التشادي إدريس ديبي استقبال رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم ومنعه من النزول من الطائرة التي وصل فيها في مايو الماضي إلى مطار إنجامينا. وفي المقابل، أكد باسولي أن الرئيس البشير سيشارك في القمة التي ستستضيفها إنجامينا قريبا. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده في باريس أمس الأول بدعوة من نادي الصحافة العربية، انتقد باسولي رئيس «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم الذي يرفض العودة إلى طاولة المفاوضات في الدوحة بعد أن شارك فيها سابقا، كما انتقد رئيس «حركة تحرير السودان» عبد الواحد نور للمطالب التعجيزية التي يطرحانها، موضحا أن الأول يطالب بإعادة تشكيل مفاوضات الدوحة مما يعني عمليا إبعاد الحركات المنضوية تحت لواء »حركة التحرير من أجل العدالة« باعتبارها »لا تمثل أحدا« وباعتبار حركة العدل والمساواة الأقوى عسكريا. وجواب باسوليه: »إذا أراد خليل العودة إلى مفاوضات الدوحة فأهلا به وإذا لم يرد فنحن مستمرون فيها«. أما بالنسبة إلى عبد الواحد نور، فإنه يفرض شروطا على الحكومة لا يمكن أن تتحقق كما يقول الوسيط الدولي إلا مع الجلوس إلى طاولة المفاوضات. لكن في المقابل، يرى باسولي أن ثمة حاجة إلى »اتفاق شامل«، أي مع جميع الأطراف للوصول إلى السلام بحيث يقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر. أما عن موقف فرنسا من نور وهو المقيم على أراضيها، فقد اعتبر باسولي أنها »قامت بما عليها من غير أن تنجح«، وأنها لا تستطيع أن تضع نور في طائرة وترسله هكذا إلى الدوحة لتجلسه إلى طاولة المفاوضات على الرغم من قدرتها على الضغط عليه إذا احتفظ بقدرته على الرفض والمناورة. ويعتقد باسولي أن نور »لا يريد التفاوض« بل ربما يراهن على »أجندات مختلفة«، إذ إنه »دخل الحرب« وفق أجندة خاصة به ولا يرى اليوم فائدة من التفاوض. ورأي باسولي، فإن انقسام الحركات المعارضة »يريح« الحكومة السودانية التي لا تجد اليوم حاجة إلى التحرك أو تقديم تنازلات.