ظل ولوج الرأسمالية الوطنية مجال العمل الإداري الرياضي عبر بوابة الاستثمار حتى وقت قريب طريقاً محفوفاً بالمخاطر بحسابات الربح والخسارة في ظل عزوف الدعم الحكومي استنادا بأهلية وديمقراطية العمل الرياضي . وقد شهدت الساحة الرياضية في الآونة الاخيرة العديد من الورش والسمنارات من قبل المهتمين والمختصين بهدف الغوص في اعماق الازمة وصولا للحلول الناجعة تماشيا مع متطلبات المرحلة وواقع الاحتراف، كان آخرها الندوة التي نظمها سوق الخرطوم للاوراق المالية بمباني اتحاد المصارف في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر الماضي بعنوان تحويل الاندية الرياضية لشركات مساهمة عامة بمشاركة العديد من الرياضين وممثلي اندية الممتاز. وقدمت خلالها العديد من الاوراق لعل اهمها ورقة الدكتور عادل عبد العزيز بعنوان الانفاق الحكومي على الرياضة وورقة الدكتور حامد الامين عن تحويل الاندية الرياضية الى صناعة وادارتها على اساس شركات مساهمة، كما افردت الندوة حيزا لمداخلات اصحاب الوجعة ممثلي اندية الممتاز فقال احمد دولة الاداري السابق بنادي الهلال (ان تمويل الانشطة الرياضية من اهم عوامل تطور الرياضة في البلاد والرياضة حاليا تعتمد علي الدولة بنسبة قليلة وعضوية الاندية عبارة عن مساهمة رمزية اقل من المطلوب والاندية ما زالت تعتمد على دعم افراد معينين فتحويل الاندية لشركات مساهمة فكرة سديدة لتطوير الرياضة ولكن بشروط لا بد من وضع قوانين اولا لتمليك الاندية للاصول حتى تتمكن من التحول وانشاء استادات ضخمة ومراكز شباب )، فيما كشف متوكل احمد نائب الامين العام لنادي المريخ عن عقبات كبيرة تواجه تطور الرياضة ووصف الوضع الحالي بأنه مناخ غير صالح للتقدم الرياضي وأبان حتى نضمن نجاح مشروع تحويل الاندية لشركات مساهمة عامة لا بد من ازالة بعض القوانين التي تعوق عملية التحويل مثل مشاكل التسويق التي تتعلق باحتكار الشركات للاعلانات داخل الاستادات، ولابد من فك احتكار حق العضوية للاندية الجماهيرية الموجودة في ولاية الخرطوم، فمعلوم ان ناديي الهلال والمريخ لا يمنحان العضوية الا لمواطني ولاية الخرطوم. وفي مداخلته طالب الفريق بحر نائب الامين لنادي الهلال بتحديد عنوان تحويل الاندية الرياضية الى شركات مساهمة عامة باضافة تحويلها الى شركات مساهمة رياضية حتى نربط الجماهير بالنادي الذي كان في السابق متعدد الانشطة، واصبح الآن مرتبطا فقط بكرة القدم فيما اوضح بروفسير تميم رئيس نادي الموردة ان استثمارات الاندية ما زالت تنحصر في العقارات، مؤكدا ان القوانين تمثل اهم المحاورلتحويل الاندية لشركات مساهمة عامة وتساءل هل الدولة مستعدة للتنازل للاندية عن الممتلكات والاراضي التي تستحوز عليها الاندية . وفي ختام الندوة امن الجميع على الفكرة واعتبروها خطوة مهمة للنهوض بالرياضة مطالبين بتوسيع مواعين المشاركة حتى يتراضى عليها الجميع طالما ارتضوا المصلحة العامة. وما بين تاريخ انعقاد الندوة والآن نجد ان مياهاً كثيرة عبرت تحت الجسر ولعل تجربة جمال الوالي في رئاسة نادي المريخ وما احدثه من طفرات وبني تحتية وتأهيل الاستاد بمواصفات عالمية وفتح قنوات للتسويق والرعاية وفق اسس واستراتيجية محددة واستجلاب للمحترفين تمثل محطة في سياق الطرح العام لابعاد القضية تستدعي دراستها والوقوف عندها .. فالبعض يرى ان تجربة جمال الوالي بالمريخ ما هي الا اختزال لما طرح في ندوة سوق الاوراق المالية من معضلات وحلول ومن ثم تجسيدها لارض الواقع وخطوة لتحريك الجمود الاستثماري للاندية وخلق نوع من الحراك الاجتماعي لتلك الفئة الفاعلة في المجتمع برؤى سياسية قياسا بما يمتلكه الوالي من مقومات ادارية ومنهجية في الطرح، فضلا عن شخصيته الكاريزمية وكلها عوامل من شأنها كسب الثقل الجماهيري والذي برهنته جماهير المريخ عبر هتافها المشهور (لن نوالي غير الوالي)، فكانت المحصلة فوز الوالي ودخوله قبة البرلمان ممثلا للمؤتمر الوطني، فيما يرى آخرون ان فترة رئاسة الوالي قد افرزت واقعا صعبا وملتهبا لمن يأتي بعده ممثلا في ضرورة السير بذات النهج والصرف والانفاق على النادي ومنشآته، اذ قدر المهتمون بالشأن المريخي بان النادي ينفق حوالي مئتين وخمسين الف جنيه شهريا للتسيير. وفي حالة الاخفاق والفشل سيدخل النادي في نفق مظلم ناهيك عن العودة للمربع الاول مما يعني انتفاء الاستمرارية في المنافسات المحلية ناهيك عن العربية والافريقية، ويرون حدوث ذلك الامر وشيكا بدليل ما تناولته الصحف مؤخرا من تصريح للوالي مفاده التنحي عن الرئاسة عقب فترة التسجيلات التكميلية وترشيحه لانتخابات الاتحاد العام. وفي افادات لصحيفة السوبر امس رأى اللواء مدني الحارث الامين العام الاسبق لنادي المريخ ان ذهاب الوالي خسارة كبيرة لمجتمع المريخ بصورة عامة واضاف الوالي شخصية مقبولة من الجميع ويجد الاحترام التام من الاسرة المريخية لما قدمه لهذا النادي من اعمال جليلة ونجاحات تمثلت في ثورة المنشآت التي جعلت استاد المريخ من اجمل الاستادات في افريقيا واستقباله لحدث شغل العالم اجمع ابان فاصلة مصر والجزائر، وتابع ان جمال الوالي رجل خلوق ومهذب وعلى قدر كبير من الاحترام وله علاقات واسعة وظفها بشكل جيد لخدمة المريخ فدفع ضريبته على اكمل وجه فيما رفض قطب المريخ اكرم خيري في ذات الصحيفة فكرة ابتعاد الوالي في هذا التوقيت قائلا ان انتقاله للاتحاد العام مرفوض جملة وتفصيلا ذلك لان الرجل ارتبط اسمه بنادي المريخ واستطاع خلال فترة وجيزة ان يترك بصمات واضحة في مسيرته، وشخصيا ارى انه لا بديل للوالي الا الوالي ... في المقابل يرى كثيرون ان ما احدثه الوالي من طفرة في المنشآت والبني التحتية والتسويق وعالم الاحتراف غض الطرف عن الدوافع سواء كانت سياسية او رياضية يجعل من نادي المريخ ارضية انطلاق وبوابة دخول للرأسمالية الوطنية مجال الاستثمار الرياضي .. فهل تكون فترة الوالي بمثابة حالة تزول بزوال المؤثر وذكرى تتناولها المجالس .. ام تجربة تلتقط الرأسمالية قفازها .. ام يكون البحث عن بديل الوالي خيار اهل السياسة وان تغيرت الامكنة .. سؤال تكمن اجابته في موقف الوالي من الترشيح للاتحاد العام بصورة قاطعة.