ترجمة: سيف الدين عبد الحميد يقول ناطق رسمي باسم الحكومة إن شريكي الاتفاقية المسماة باتفاقية السلام الشامل التي وقعت قبل خمسة أعوام لإنهاء إحدى أطول الحروب الأهلية في القارة الإفريقية قد اتفقا على تسليم القضايا والترتيبات المتعلقة بفترة ما بعد الاستفتاء إلى اللجنة التنفيذية الرفيعة التابعة للاتحاد الإفريقي والخاصة بالسودان. فقد أكد د. ماريال بنجامين بل العضو الرئيس في الحركة الشعبية لتحرير السودان ووزير إعلام حكومة جنوب السودان الإقليمية في لقاء مع صحيفة سودان تربيون من جوبا أن الإجماع الذي توصل إليه الطرفان يشمل وسطاء الاتحاد الإفريقي وذلك حول ترتيبات فترة ما بعد الاستفتاء بين الطرفين. وقال الوزير ماريال إن الشريكين قررا إشراك الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) في المباحثات معبِّراً عن التزام حزبه بالتسوية السلمية لقضايا فترة ما بعد الاستفتاء حيث قال: «الحركة الشعبية ملتزمة بالمشاركة مع حزب المؤتمر الوطني في أية مباحثات نزيهة ومحايدة بواسطة أي شخص. وفي الواقع نحن معتادون على إجراء حوار سلمي باعتباره الطريقة الأفضل لحسم الخلافات في اتفاقية السلام الشامل خلال السنوات الماضية). إن قيادة الطرفين أجرت مباحثات مطولة وتفاكرية حول القضايا والترتيبات المتعلقة بفترة ما بعد الاستفتاء والتي بدأت العام الماضي بين نائب رئيس حكومة جنوب السودان د. رياك مشار ونائب رئيس الحكومة السودانية علي عثمان محمد طه. إن التوصل إلى إجماع يسمح للاتحاد الإفريقي بلعب دور رئيس في المباحثات الجارية بين الإقليمين بعد إجرا استفتاء جنوب السودان الذي يتوقع أن يتمخض عن انفصال جنوب السودان ينظر إليه الكثيرون باعتباره أفضل بديل لكسر حاجز الجمود، ولكن آخرين ينظرون إليه باعتباره مبادرات أجنبية مفروضة ربما لا يقوم أصحاب المصلحة السودانيون بتنفيذها. إن الإجماع الذي تم التوصل إليه بين شريكي السلام في يوم الخميس 24 يونيو في مدينة ميكيلي الإثيوبية ستعمل على تسهيله اللجنة التنفيذية الرفيعة التابعة للاتحاد الإفريقي والخاصة بالسودان مدعومة بواسطة الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) ومنبر شركاء الإيقاد إضافة إلى الأممالمتحدة. إن اللجنة التنفيذية الرفيعة التابعة للاتحاد الإفريقي التي شكلت في 2008م بواسطة مجلس الأمن والسلم الإفريقي لتحقق في أزمة دارفور يتزعمها الرؤساء السابقون ثامبو مبيكي رئيس جنوب إفريقيا وبيير بويويوا رئيس بورندي وعبد السلام أبوبكر رئيس نيجيريا. إن مفاوضات فترة ما بعد الاستفتاء ستقسم وفقاً لذات مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بعد إجراء المحادثات بمدينة ميكيلي إلى أربعة مواضيع كلاً منها بمجموعة العمل الخاصة به والمواضيع هي المواطنة، الأمن، التمويل، والاقتصاد والموارد الطبيعية علاوة على المعاهدات الدولية والقضايا القانونية. ومن المقرر أن يصاغ إطار المبادئ والموجهات والتفاوض في الأول من يوليو مع تحديد بدء المفاوضات الفعلية بعد أربعة أيام. وعلى أية حال فإن المحللين القوميين والدوليين يرون أن الاتحاد الإفريقي الذي يتضمن قانونه التأسيسي احترام الحدود الموجودة لدى إنجاز الاستقلال يجد نفسه الآن في موقف متناقض في الإشراف على الترتيبات التي ربما تتوج بانشطار دولة إفريقية. فالاتحاد الإفريقي يعتبر موقعاً وضامناً لاتفاقية السلام الشامل في 2005م، وبالتالي فإن كثيرين يلاحظون أنه في الوقت الذي يكون فيه لديه التزام لفعل أي شيء في وسعه لجعل الوحدة جاذبة في السودان لكنه ملتزم أيضاً باحترام حق تقرير المصير، فإذا تراجع فإن مصداقيته ستضار في المنطقة وما وراءها. لقد سعت منابر دولية عديدة منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005م إلى تنسيق المشاركة الدولية في تنفيذها بدرجات متفاوتة من النجاح. لقد أنشئت مفوضية التقييم وإعادة التقدير في أكتوبر 2005م وفقاً لاتفاقية السلام الشامل في حين أن الأجهزة المنشأة لذات الغرض برزت أخيراً، فمثلاً مجموعة «الستة مبعوثين» تتكون من ستة مبعوثين خاصين يمثلون الصين والاتحاد الأوربي وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة حيث بدأت مجموعة الستة مبعوثين اجتماعها بانتظام في موسكو في شهر أكتوبر الماضي وفي السودان في مايو وأصدرت البيانات التي تستخدم الضغط السياسي والدبلوماسي الجماعي للدول والهيئات الدولية التي يمثلها الستة مبعوثين. في الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير من هذا العام قال رجلان لعبا دور القبالة في عملية السلام هما الجنرال لازاراس سيمبيو الوسيط الرئيس وجون دانفورث المبعوث الأمريكي الخاص إنه «ما لم يزدد الدعم الدولي بدرجة كبيرة لمساعدة الشمال والجنوب على الاتفاق على أسس مستقبلهم فإن الانتخابات والاستفتاء قد يرجعان بالسودان إلى الحرب الأهلية». وأشار آخرون بالمثل إلى أن احتمال نهاية سلسة للعبة اتفاقية السلام الشامل لا يقع على المجتمع الدولي والمجموعات القارية كالاتحاد الإفريقي، ذلك أن تنسيق العمل الدولي يعتبر ضرورياً لكن أيضاً من المهم أن نتذكر أولاً وأخيراً أن حزبيْ السودان المهيمنين هما اللذان يكونان مسؤوليْن عن حلِّ جداول أعمال اتفاقية السلام الشامل البارزة وحفظ السلام. ويمكن أن يؤدي اللاعبون الدوليون دوراً محورياً داعماً رغم أن ثقة الطرفين ضرورية لأي مشاركة طرف ثالث لمنح الثمار. والقضية الأخرى هي ما إذا كان للحركة الشعبية رغم توقيعها لمذكرة ميكيلي أن تكمل الثقة في الاتحاد الإفريقي بالنظر إلى خطوته الماضية المناصرة للوحدة، فقد أشار دبلوماسي غربي في جوبا طلب عدم ذكر اسمه إلى أن هناك إرثاً تاريخياً من الارتياب وعدم الثقة، فالحركة الشعبية قد غيرت من رأيها بدرجة كبيرة لكن ليس بصورة مكتملة. وأضاف الدبلوماسي قائلاً إنهم يريدون موازنة مشاركة الاتحاد الإفريقي بالتأكد من أن الآخرين كالأممالمتحدة والنرويج مشاركون أيضاً. وعلى أية حال إن القضية الضاغطة الآن هي إجراء الاستفتاء نفسه مع نفاد الزمن مع ما تبقى من أقل من ستة أشهر فقط. لقد تم تشكيل فريق عمل استفتاء جنوبي تحت قيادة نائب الرئيس الجنوبي د. رياك مشار ليشرف على إجرائه ويساعد اللجنة الفنية. وبغض النظر عن قضايا فترة ما بعد الاستقلال تم أيضاً تشكيل لجنة فرعية أخرى تعمل تحت فريق العمل لتهيئ الإقليم ذي الحكم شبه الذاتي للحكم ومراجعة الدستور المؤقت بعد عام 2011م.