في شتاء 2691م وذات أمسية دافئة كانت الخرطوم تهيئ زينتها لاستقبال المساء، وكان كل شيء عادياً تقريباً.. الرتابة ترحل من مكان الى آخر وأحيانا يرحل المكان وتبقى الرتابة، فجأة اختلجت عيون الخرطوم وهي تشهد لأول مرة وجه شابة سودانية تلبس الثوب وتقول للناس عبر مربع البلور أعني «شاشة التلفزيون» تقول «سيداتي آنساتي سادتي.. طاب مساؤكم» أنها عفاف صفوت أول مذيعة ربط بالتلفزيون، وأول صوت نسائي سوداني يقرأ نشرة الاخبار امام الكاميرا، وبعدها بفترة قصيرة حمل الاثير صوتها مع عصافير الخريف الى عموم أهل السودان كأول مذيعة رسمية تلتحق بالاذاعة السودانية. ٭ استاذة عفاف متى وكيف بدأت قصتك في المجال الاعلامي إلى أن اصبحت اذاعية معروفة؟ - كانت البداية مع التلفزيون، حيث تم اختياري للعمل فيه عند افتتاحه، وكنت أول مذيعة تظهر على الشاشة البلورية بوصفي مقدمة ربط، وكنت أيضا أول من قدم نشرة الأخبار كوجه نسائي، وارجو ان أكون مرموقة ومعروفة لدى الجميع. ٭ عدد البرامج التي قدمتيها من الاذاعة وأسمائها؟ - كان العمل بالاذاعة والتلفزيون موحداً، بمعنى أنه لم يكن هناك كادر خاص للاذاعة وآخر للتلفزيون، وربما انني كنت ولفترة طويلة العنصر النسائي الوحيد، فقد كنت القاسم المشترك في كل البرامج والسهرات، كما كان لي قصب السبق في قراءة الأخبار بالإذاعة والتلفزيون، إلى جانب العديد من الأعمال التي قمت بها. ولعل من أهمها كان باسم «الإذاعة والمستمع»، وقد شارك في تقديمه معي المذيع السابق عمر النصري واذكر ان بعض مستمعي هذا البرنامج كانوا يرسلون لنا بعض الهدايا كالحلوى والبلح تعبيرا عن الصداقة والمودة والإعجاب. ٭ ما هو أقوى عمل إذاعي قدم خلال السنوات العشر الماضية، وما هي دلالته التي تميزه عن غيره من البرامج التي قدمت خلال الفترة المعنية؟ - أنا أميل عادة للدراما، وربما كانت «الدهباية» من ابرز الاعمال من ناحية الاخراج والتمثيل. ٭ هل تلقيت أي تدريب في مجال العمل الاذاعي ومتى وأين تم ذلك؟ - تلقيت بعض التدريبات الأولية من بعض المذيعين الذين سبقوني في مجال الإعلام، ومنهم الأساتذة محمد خوجلي صالحين وأحمد قباني ومحمد طاهر، ولم اتلق تدريبا خارجيا. ٭ ما هو رأيك في جيل الاذاعيات اللائي التحقن بالاذاعة أخيراً؟ - في اعتقادي أن العمل في المجال الاعلامي يتطلب التضحية والصبر والرغبة اولاً واخيرا، وعليه أنا اشد على ايديهن، وأتمنى لهن حظاً أوفر وظروفاً أفضل مما كنا عليه. ٭ أستاذة عفاف بما أنك ذات وجه فوتوجينك، فهل تقبلين العمل بالسينما لو تكللت الجهود المبذولة حالياً لقيام صناعة سينما سودانية؟ - الله يخليك يا أستاذ حسن، هذه مجاملة طيبة منك، ولكن ألست معي في أن قطار السينما قد فاتني حتى لو فكرت فيه، ولكني متيقنة من أن هذا المجال ستقتحمه فتياتنا. ٭ العمل الإذاعي يحتاج إلى عقل، أما التلفزيون فيحتاج الى عقل ووجه، فهل توافقينني على رأيي هذا؟ - أوافق بعض الشيء، ولكن هذا سؤال كبير ويحتاج الى وقفة طويلة، فالعمل الاعلامي باعتباره فنا وعلما يحتاج الى مواصفات وقدرات عديدة وما ذكرته يدخل ضمنها. ٭ ما هو تقييمك لتجربتك بالتلفزيون؟ - تجربتي طويلة مع التلفزيون والإذاعة، وأيضا أنا أكن لهما الحب والاعتزاز، فمن خلالهما نضجت شخصيتي وصقلت تجربتي بحصيلة عظيمة من حب الآخرين لا أظن انني سأجدها في أي مكان اخر، واتمنى دائما ان اكون وأظل في خاطر الناس. ٭ يتفق الرأي على أن إذاعة صوت الأمة قد اكتسبت سمعة طيبة بين جماهير المستمعين، مما أهلها لأن تصبح مسموعة لدى الناس.. فما هو سر نجاحها؟ وما هي العقبات التي تعوق نجاح العمل الإذاعي بصفة عامة؟ - آه.. لو يعلم المستمع مصاعب الظروف والامكانات التي تسير عمل جهازي الاذاعة والتلفزيون، عندها سوف تصيب الدهشة المرء، وحتماً سيقابل هذه الاعمال بالتقدير والاجلال، لأنه حينئذٍ سيعرف مدى المعاناة التي يعانيها العاملون بهذين الجهازين. ٭ كتبت الصحف مطالبة المسؤولين بوزارتكم بإعادتك الى مكانتك الطبيعية وراء المايكرفون، فأيهما تفضلين موقعك كإدارية ام موقعك وراء المايكرفون؟ - شكراً للصحف التي كتبت مطالبة برجوعي للاذاعة والمايكرفون الذي عشقته سنوات طوال، ولازال عشقي يتجدد لأنه علمني الكثير، وعرفني على الكثيرين الذين أحبوني واحببتهم، وهذه ذخيرتي في الحياة، ولا افضل الإدارة على المايكرفون. أجراه: حسن الحميدي القوات المسلحة 61/8/9791م