ظل المنهج المدرسى لمرحلتى الأساس والثانوى يمثل هاجسا ومصدر قلق كبير، سواء للدولة أو وزارة التربية والتعليم، وكذلك المركز القومى للمناهج ببخت الرضا، كيف لا وهو ينبي عليه الكثير من الأمور الحياتية المهمة فى مقدمتها أنه يلعب دورا كبير فى تشكيل شخصية الإنسان السودانى من ناحية نفسية وعلمية واجتماعية. وقد ووجه المنهج فى السنوات الأخيرة بالكثير من الانتقادات، وشابته بعض العيوب سواء من ناحية النوع أو الكم الهائل من المقررات التى يرى العديد من المهتمين أنها فوق طاقة التلاميذ والطلاب، كما أنها ليست بالدرجة الكافية من الجودة والاتقان. صحيفة «الصحافة» استغلت فرصة قيام ورشة اللغات بالمركز القومى للمناهج، وسألت عدداً من التربويين عن أسباب تدني مستوى المنهج المدرسى، اذ عزا الأستاذ حمدان أبو عنجة رئيس قسم اللغة الإنجليزية التدهور لغياب التجريب والتدريب، مشيرا إلى أن معهد بخت الرضا كان يولى هاتين العمليتين كل الاهتمام، ما جعل المنهج فى السابق بمستوى جيد. الأستاذ محمود السائح مدير مرحلة الأساس بالدويم، أرجع ضعف الاستيعاب إلى عدم تأهيل المعلم بالصورة المطلوبة. وقال إن المعلم كان سابقا يجد تدريبا مكثفا حتى يكون مؤهلا لتوصيل المادة. وأوضح أن التعيينات فى السنوات الأخيرة تنبني على المؤهل الجامعى دون إخضاع المعلم الجديد لدورات تدريبية قوية، وطالب بعودة التدريب عبر المركز القومى للمناهج. وعن تعامل المركز القومى للمناهج مع المشكل في ظل الاعتراف بوجود العيوب من قبل قياداته، يقول الدكتور ياسر أبو حراز نائب مدير المركز الذى ابتدر حديثه مقراً بوجود بعض السلبيات فى المنهج الموجود حاليا، قائلا إن المركز ظل ومنذ فترة فى حالة بحث ودراسة لكى يعيد تقييم وتقويم المنهج بإقامة ورش لكافة المواد، وكذلك المجالات المرتبطة بالعملية التربوية والتعليمية، وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الإتحادية وعدد من الخبراء والعلماء المختصين، مؤكدا أن الأبحاث والدراسات قطعت شوطا بعيدا وتبقى القليل، مشيراً إلى أن توصيات الورش ومقترحات الخبراء ستقدم لمجلس التعليم العام لإجازتها بعد مناقشتها، ومن ثم ترفع للمؤتمر الثالث للتعليم العام. وأكد دكتور ياسر أن المنهج الذى سيولد فى الفترة المقبلة سيلبي طموحات الجميع. وزير التربية والتعليم بولاية النيل الأبيض عزا التراجع فى المستوى التحصيلى إلى ضعف المنهج الذى عزاه بدوره إلى غياب التجريب، حيث قال إن تجريب المنهج قبل تعميمه أمر مهم، لأنه يمنح فرصة لتقييمه والوقوف على سلبياته وإيجابياته. وطالب بعودة أسلوب التجريب للمركز القومى للمناهج. وزير التربية والتعليم الاتحادي دكتور فرح مصطفى عبد الله، أمن على وجود عيوب فى المنهج الحالي، إلا أنه قال إن علاج العيوب يحتاج إلى وقت، ويتطلب من المهتمين والمعنيين بالعملية التعليمية الصبر والاجتهاد، مؤكداً وقوف الوزارة مع التوصيات التى سترفعها الورش المختصة لمجلس التعليم العام، وأكد أن من أولوياته إعادة التدريب للمركز القومى للمناهج، داعيا لمواصلة الأبحاث والدراسات من أجل تطوير المنهج. وخلاصة الأمر أن تغييب دور معهد التربية ببخت الرضا سابقا فى التدريب والتأهيل والتجريب، كان سببا مباشرا فى ضعف المنهج الدراسي، وبالتالى تدنى مستوى التحصيل عند الطلاب، وهذا يعنى أن أى منهج جديد لا بد أن تواكبه ورش تجريبية ببعض المدارس قبل إجازته، والكل فى انتظار ما سيخرج به المؤتمر الثالث للتعليم العام المقبل بعد أن اكتملت الورش التحضيرية.