حسن...حكاية فرَّان ب(يد واحدة)..!! الخرطوم : يوسف دوكة كانت (طاقة) الفرن ترسل لهيبها القاسي... وكان هو يتحسس رأسه كل ما ارتفعت سخونة الجو... يده (الوحيدة) ترتفع لتتحس مدى السخونة بين الفينة والاخرى والعرق يتصبب من وجهه بغزارة ، فالفرن كما صدح له مصطفي سيد أحمد: (الكتمة الفرن والشغلانتو نار... والجو كيف سخن) وربما كان مصطفى في تلك اللحظات يغني لعمال الفرن العاديين، لكن ماذا لو كان عامل فرننا هذا يعمل بيد واحدة..؟؟ اسئلة عديدة وخواطر متعددة وضعناها ما بين طاولة (الرغيف) في طريقها للفرن، وبين رسم (حسن) لابتسامة واسعة على وجهه ومن ثم البدء في الاجابات. شغل وكورة: يقول (حسن) في بداية حديثه معنا:( اسمي حسن آدم حسن من قرية العزازاي بالجزيرة وعامل في الافران منذ سنين ودرست حتى المستوي الرابع بالاساس وبعدها تركت المدرسة واتجهت إلى العمل)... واضاف : (في بداياتي كنت اقوم بتعبئة العيش داخل اكياس رغم أن (يدي واحدة) وبعدها تطورت في المهنة واصبحت (فراني)..ويصمت قليلاً قبل أن يضيف: (خلاف ذلك انا لاعب كرة ماهر)..يضحك. شقاوة اطفال: وعن سبب الاعاقة يقول حسن بحسرة : (عندما كنت صغيراً ومع شقاوة الطفولة أدخلت يدي في عصارة زيت.. وفورا قامت العصارة بقطع يدي اليسرى، مما سبب لي ألماً في بداياتها.. ولكن بعدها لم اشعر بذلك الألم ولم اشعر بأني شخص معاق.. وقمت بمواصلة عملي مثلي ومثل اي شخص واتجهت إلى شغل الافران وهذا العمل يعد من أصعب الأعمال ولكن...... هنا صمت (حسن) قليلاً وكادت أن تنزل منه دمعة قبل أن يضيف: (المعايش جبارة)..ويواصل: (انا اعمل من اجل مساعدة اسرتي والزمن دا الزول الما بشتغل ما بعيش... وزي ما بقولوا (المضطر يركب الصعب). همس الآخرين: وعن المواقف الطريفة التي تواجهه اثناء العمل يحكي حسن قائلاً ( مرة جيت اشتغل في فرن ومن الباب سيد الفرن قال لي: يا زول انت عايز تشتغل شنو ...؟ فقلت له: (فران)... ومن المعروف أن مهنة الفران من اصعب المهن لانها (شغلة متعبة) وتحتاج لشخص سريع وسليم الايادي وفيها الكوريك وطبعا الكوريك عايز (يدين اتنين)...المهم... سيد الفرن نظر لي للحظات ثم قال: (امشي من هنا يا زول ما عندنا شغل)... وبعدها بأيام وبالصدفة شافني شغال في فرن آخر، مما جعله ينظر إلى مندهشاً وغلبوا (الكلام عديل كدا)، وكثيرة هي المواقف الطريفة وفي كثير من الاحيان بسمع الناس يتهامسون ويقولون:(عاينوا الزول دا شغال بيد واحدة).! بحلم بطبلية: قبل أن نغادره قال لنا حسن:( شغل الافران شغل مرهق ومتعب لكن انا ما عندي خيار تاني (آكل منوين عيش) غير الفرن، واذا وجدت عملا آخر بخلي الافران...قاطعناه: شغل زي شنو؟... فقال: (اذا لقيت لي راس مال بسيط اعمل لي بيهو طبلية ابيع فيها بعض الحلويات ويكون فيها تحويل رصيد طوالي بخلي الفرن، دا حلمي بس)..!!!...إلى هنا انتهى حديث (حسن) وبدورنا نناشد الجهات المسؤولة أن تنظر إلى تلك الحالة التى تستحق بالفعل أن تحقق مطالبها، وهي ليست بكثيرة..فقط (طبلية)..فهل تصل اليها الرسالة..؟؟؟