دوماً لا أخفي اعتزازي بانتمائي الأمدرماني نشأةً ودراسة وحياة اجتماعية وثقافية ، وكثيراً ما أتقمص شعور الخليل الطاؤوسي النبيل ( قدله يا مولاي حافي حالق بالطريق الشاقه الترام ) حين يسترعيني موقف أو يستغرقني حدث يثير عليَّ كوامن المشاعر الدفيئة تجاه أم درمان القديمة أهل وعلايل ومزالق و(ملازمين) . وربما يكون هذا موضوع ثانوي بالنسبة لما سأحكي بعد، ولكنه كان مدخلاً وردياً وأنا أتعرف على الشاب الأمدرماني المتمكن الذي حكى قصة تصفية الذهب السوداني كيمياءً وصهراً وسبكاً (من سبائك) يوم أمس لضيوف حفل افتتاح ( شركة مصفاة السودان للذهب المحدودة) الذي تم على يد السيد رئيس الجمهورية. كذلك أجد نفسي من الداعين لإبراز كثير من النجوم المغمورين خلف الإنجازات العظيمة والتعريف بأدوارهم وأعمالهم ومهامهم التي ينفذونها من وراء الحجب وبعيداً عن الأضواء كونهم يستحقون، وكوننا نريد أن نعرف أكثر عن تفاصيل بعض المشروعات والإنجازات التي توضع في قائمة التحولات الكبرى كمصفاة ذهب السودان، بهدف إزالة آثار الإحباط، وغمر القلوب بماء الطمأنينة، وإشعال مواقد العزيمة والتطلع، واستشراف آفاق الوعد الزاخر .. مدير الإنتاج المهندس الكيميائي الشاب / أمين البنا ( ود أم درمان ) من الشباب الذين لبو نداء الوطن ودعوة مديره في المهجر الأستاذ/ محمد حسن الزبير - مدير مصفاة السودان للذهب - والمدير السابق لمصفاة الغيثي للذهب بدولة الإمارات، حين برزت الحاجة لإنشاء هذا الصرح بعد أن منّ رب العباد على أهل السودان بهذه الثروة الذهبية، وحين كانت الحاجة أكثر من ملحة لاستيعاب أصحاب التخصصات من الوطنيين للنهوض بهذه الصناعة الاستراتيجية والدارة للعوائد المالية الكبيرة. المهندس أمين، والأستاذ محمد حسن الزبير اكتسبا خبرة نادرة في هذه الصناعة تصنيعاً وتسويقاً، وتولى الأخير إدارة أقسام تسويق الذهب بعدة مؤسسات بالخارج كالبنك الأهلي السعودي وشركة دبي للسلع المتعددة ثم إدارته لمصفاة الغيثي التي تلقى فيها أمين البنا التدريب والخبرات، ثم عاد الأستاذ/ الزبير ليضع مع آخرين اللبنات والتصميمات وإدارة العطاء التي أفضت إلى بناء هذه المصفاة ذات التقنية الإيطالية. وإذا اعتبر السودان ثاني دولة في الفضاء الإفريقي بعد جنوب إفريقيا بإنشاء هذا النوع من المصانع ، فتعتبر مصفاتنا الأكبر بالمقارنة مع ثلاثة من مثيلاتها بدولة الإمارات حيث لا يتعدى إنتاج أكبرها أكثر من مئتين وخمسين كيلو ذهب في اليوم ، ومصفاة السودان تنتج تسعمائة كيلو باليوم بانتظام ثلاث ورديات إنتاج متعاقبة،. ثم أن ذهب السودان بفضل الله يمتاز بقيمة عالية، ذلك لأن الخام الذهبي تتحد معه عناصر معدنية نفيسة أخرى، فبعد تشغيل المصفاة وإدارة عمليات التنقية اتضح أن كل كيلو من الخام تستخلص منه نسبة تتراوح بين %12 إلى %18 من معدن الفضة، كذلك تستخلص من الخام نسبة مقدرة من معدن البلاتين الذي يعد الأغلى سعراً من الذهب نفسه - فيا ربنا لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك . وأعود لتوقي ، إن كانت عائلة البنا التي سمي الحي الأمدرماني العريق باسمها (ود البنا) منذ عهد شاعرها القومي عبدالله البنا وحتى هذا الجيل تغذي وجدان الوطن بالشعر البديع وتطرب الآذان بشجى الألحان وعذب الأصوات، (كسرت) بوتيرة الفن والإبداع بنوع جديد على سبائك الذهب والفضة بنقش المهندس / أمين ،، وإلى الملتقى .. .