فاطمة لم تكن تعتقد أن قرار ترامب سيُنفَّذُ فور التوقيع عليه وأن سفارة الولاياتالمتحدة ستتجاهل إخطارهم بعدم السفر، لذا شنت في حديثها ل(السوداني) هجوماً عنيفاً على قراره معتبرة أنه مُجحف وظالم وذكرت أنها تكبدت خسائر فادحة للغاية جراء منعها من السفر إلى أمريكا وأنها تضررت كثيراً خاصة أن تذكرتها كانت عبر (فيرست كلاس) مما كلفها مبالغ طائلة، ولم تتمكن من الوصول إلى وجهتها، وتحدثت عن معاناة كبيرة شاهدتها هي في مطار الدوحة أمس السبت، وقالت "تخيلوا أن هناك (40) فرداً كانوا في طائرة واحدة متجهة إلى لوس أنجلوس رفضت السلطات صعودهم إلى الطائرة مرة أخرى وأعادتهم من حيث أتوا وأيضاً (4) أفراد آخرين كان من المفترض أن يتجهوا إلى نيويورك وحُرِمُوا من السفر"، واختتمت حديثها بحدة قائلة: "قرار ترامب مجحف وظالم ونحن أول المتضررين منه". ما الذي حدث؟ أمس الأول، وعلى نحو مفاجئ، أعلن متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن قرار حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيدخل حيز التنفيذ ويشمل حاملي وثائق إقامة دائمة في الولاياتالمتحدة من مواطني سبع دول. وأصدر ترامب قراراً تنفيذياً يحظر دخول اللاجئين السوريين إلى الولاياتالمتحدة حتى إشعار آخر وتعليق دخول الزائرين القادمين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة لثلاثة أشهر. ووقع ترامب على الأمر التنفيذي في مقر وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون بعد مراسم أداء الجنرال جيمس ماتيس لليمين وزيراً للدفاع، وعلق عليه قائلاً: "أضع إجراءات تدقيق جديدة لمنع الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية. نريد ألا يدخل بلدنا سوى من يدعم بلدنا ويحب شعبنا". ويبدو أن ترامب الذي وقَّع على القرار لم يمنح سفارات الدول السبع بإجراء أي ترتيبات احترازية، حيث علمت (السوداني) أن سفارتين من الدول السبع كانت تباشر منح التأشيرات حتى قبل توقيع ترامب للقرار بساعات. وبموجب هذا الأمر لن يتم إصدار أي تأشيرات دخول لمدة تسعين يوماً لمهاجرين أو مسافرين من سبع دول إسلامية هي إيرانوالعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن، باستثناء الرعايا الذين لديهم تأشيرات دبلوماسية والعاملين في مؤسسات دولية. تطورات القرار لم يُثِرْ استياء المواطنين الذين تم توقيفهم في المطارات إنما حتى الجماعات الحقوقية حيث أعلنت بعضها بحسب موقع (بي بي سي) تحريك دعوى قضائية لتحدي قرار ترامب بحظر السفر، كما جاء تحرك اتحاد الحريات المدنية الأمريكية بعد احتجاز عراقيَّيْن في مطار جون إف كينيدي في نيويورك، ويبدو بحسب مراقبين أن الاحتجاجات من المنظمات والمؤسسات ستتوالى. والإجراءات التي يشملها الأمر التنفيذي تتمثل في إيقاف برنامج قبول اللاجئين في الولاياتالمتحدة لمدة 120 يوماً، وفرض حظر على اللاجئين من سوريا لحين حدوث "تغييرات مهمة" "تتوافق مع المصلحة الوطنية"، وتعليق السماح بدخول القادمين من اليمن، ليبيا، العراق، إيران، سوريا، الصومال، السودان؛ وهي البلدان التي صُنِّفَتْ أنها "مناطق مثيرة للقلق" لمدة 90 يوماً وتحديد أولويات طلبات اللجوء في المستقبل "بناءً على الاضطهاد على أساس ديني وتعليق فوري لبرنامج الإعفاء من المقابلة للحصول على تأشيرة الدخول، الذي يسمح للمهاجرين بتجديد تأشيراتهم دون حضور مقابلة". الصفقة الضائعة مساء أمس السبت في مطار الخرطوم الدولي بدت ملامح رجل الأعمال عامر حامد المنوفلي غاضبة للغاية عندما بدأ يسرد ل(السوداني) بصالة الوصول قصته حيث قال: "إن ضباط الهجرة الأمريكية بمطار الدوحة هم الذين منعوهم من السفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، رغم اكتمال كافة الإجراءات الخاصة بهم من حصول على التأشيرة وخلافه"، مشيراً إلى بعض الجنسيات الأخرى التي حُرِمَتْ من المغادرة معهم وهم سوريون وإيرانيون وعراقيون وكذلك صوماليون. وواصل رجل الأعمال السوداني سرد قصته ل(السوداني) قائلاً إنه كان ضمن المجموعة الأولى لرجال الأعمال التي سعت إلى تطبيق قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان بعد أن سافر من أجل المشاركة في معرض دولي خاص بالدواجن يعقد في أتلاتنا، وكانت لديه أيضاً مهمة أخرى تتعلق بشراء أبقار من ولاية تكساس الأمريكية، معتبراً أن كل تلك الفرص ضاعت رغم أن الصفقة تصل إلى (27) مليون دولار - حسب قوله. وأشار عامر حامد المنفولي إلى أنه طلب توضيحاً من الخطوط القطرية بخصوص ما جرى معهم غير أن الخطوط لم ترد عليهم ولم تمنحهم إجابة حسب وصفه. وانصرف رجل الأعمال السوداني وملامح الاستياء تبدو على وجهه. قرارٌ ظالم أما محمود بشير، كان يُحلم بزيارة شقيقته في أمريكا وظل يرتب لذلك طيلة الفترة الماضية وأكمل إجراءات مغادرته إلى هناك بعد أن تمكن من الحصول على التأشيرة من السفارة الأمريكية بالمملكة العربية السعودية. وقال محمود بشير وهو يسرد قصته ل(السوداني) إنه غادر عبر الطائرة إلى مطار الدوحة وكان يقصد زيارة شقيقته في الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يكن يعلم أنه سيحرم من الوصول إليها لاحقاً كما حدث معه، لافتاً إلى أن المسؤولين في مطار الدوحة أبلغوهم بقرار منعهم من الدخول ووصفه بالظالم والمجحف في حقهم، مشيراً إلى أنهم تكبدوا خسائر مالية كبيرة في سبيل إكمال إجراءات السفر وحجز التذاكر وخلافه. وتمني السوداني محمود بشير من الرئيس الأمريكي ترامب إعادة النظر في قراره لأن هناك الكثير من الجنسيات ستضرر منه إن لم يكن الضرر قد وقع بالفعل وكانوا هم من أول ضحاياه. ردُّ (الخارجية) وبعد مرور 24 ساعة وتوقيف سودانيين في مطارات العالم وأيضاً الولاياتالمتحدة، أصدرت الخارجية السودانية بياناً عبرت فيه عن أسفها لإدراج السودانيين في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى الولاياتالمتحدة لمدة ثلاثة أشهر. وقال الناطق باسم الخارجية قريب الله خضر، إنه من المؤسف أن يأتي القرار متزامناً مع إنجاز البلدين لخطوة تاريخية مهمة برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية عن السودان، وأضاف أنه اتساقاً مع المواقف المشتركة لمحاربة الإرهاب الذي يهدد البلدين، ومع الهدف المشروع لحماية المواطنين من الإرهاب والإجرام، فإن وزارة الخارجية تؤكد التزام السودان بسياسة الارتباط البنّاء بين البلدين، وستواصل حوارها مع الحكومة الأمريكية والتعاون مع الأجهزة المختصة. الخطوط الجوية ترد لم يكن مطار الخرطوم هو فقط الذي شهد عودة سودانيين إلى أرض الوطن قادمين من مطارات الدول الأخرى، إنما تم توقيف مصريين وعراقيين ويمنيين الأمر الذي دعا شركات الطيران العالمية للرد على هذا القرار. وبحسب موقع (سي إن إن) الأمريكي فإن بعض الأشخاص من مواطني الدول التي شملتها قائمة الحظر تم منعهم من الصعود على متن رحلة كانت متجهة من القاهرة إلى الولاياتالمتحدة. وأضاف المصدر أن مسؤولي المطار ملتزمون بتعليمات الولاياتالمتحدة في هذا الشأن. بينما قالت الخطوط الجوية القطرية، على موقعها الإلكتروني، إنه بناءً على مذكرة من السلطات الأمريكية فيما يتعلق بالقواعد الجديدة التي تؤثر على مواطني الدول السبع، سيتمكن فقط من السفر إلى الولاياتالمتحدة من مواطني هذه الدول من لديه إقامة دائمة (غرين كارد) أو فيزا صادرة لأعضاء حكومات أو الأممالمتحدة أو منظمات دولية أو حلف شمال الأطلسي (ناتو). في ذات الوقت قال متحدث باسم شركة الخطوط الجوية الإماراتية: "عدد قليل جداً من المسافرين تأثروا بالقواعد الأمريكية الجديدة"، وأضاف في تصريح ل(CNN)، "أن الشركة تساعد المتأثرين في إعادة حجز تذاكر الطيران"، مؤكداً "أن المسافرين مسؤولون عن تقديم الوثائق المطلوبة للسفر". وقال متحدث باسم الخطوط البريطانية: "نحن نلتزم بتعهداتنا بموقف الاتفاقيات الدولية للهجرة". فيما قال متحدث باسم الخطوط الجوية الألمانية (لوفتهانزا) إنه "مثل أي حالة أخرى، على المسافرين وشركات الطيران الالتزام والخضوع لقواعد الهجرة المطبقة". في غضون ذلك، قدم محاميا شخصَيْن عراقيَّيْن جرى اعتقالهما في مطار نيويورك فور وصولهما بموجب المرسوم التنفيذي لترامب، دعوى قضائية ضد الرئيس الأمريكي وحكومته، مؤكدين في الدعوى أن موكليهما يحملان تأشيرة دخول للولايات المتحدة. السفارة الأمريكية في الخرطوم وفي موقع السفارة الأمريكيةبالخرطوم جاء على صدر الموقع إشعار عاجل، حيث أعلنت السفارة أن "الولاياتالمتحدة وقّعت على الأمر الرئاسي التنفيذي في 27 يناير 2017، والمتعلق بإصدار التأشيرات للأجانب من بلدان العراق، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، سوريا واليمن، بتعليق منح التأشيرات حتى إشعار آخر وقال البيان إذا كنت مواطناً، أو تحمل الجنسيَّتَيْن، واحدة من هذه الدول، لا يُجدوَلُ موعدُ التأشيرة". وطلب البيان "عدم الحضور عند الموعد ولن يكون المسافر قادراً على المضي قدماً في مقابلة التأشيرة"، وأوضح البيان "أن السفر مُعيَّنٌ لأغراض حكومية رسمية، تتعلق بالعمل الرسمي أو العمل في المنظمات الدولية المعينة".