ويرى الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي أن ملف إعفاء الديون يرتبط بالسياسة والدبلوماسية، وقال إن ديون السودان الخارجية المتراكمة منذ عقود طويلة تشكل عائقاً كبيراً أمام نهوض الاقتصاد السوداني، مشيراً إلى أن البحث عن حلول لإنهاء أزمة الديون ظل قائماً أيضاً دون جدوى لأنها مرتبطة بالسياسة والدبلوماسية بالرغم من أن السودان مؤهل فنياً لأن يعفى من الديون حسب مبادرة الدول المثقلة بالديون بنسبة 98٪ ، وأشار إلى أن هناك دولاً فعلاً أعفيت من الديون واستفادت من هذه المبادرة. وأضاف بعد انفصال دولة الجنوب عن السودان بدأت التحركات بصورة أكبر لإعفاء أو تقسيم الديون بين الدولتين، وبرزت عدة خيارات لذلك من ضمنها ما يسمى الخيار الصفري وهو (إعفاء كل طرف للآخر من دين عليه) أو تحديد حجم توزيع الدين بين الدولتين على حسب المشاريع أو الصرف الذي تم من الديون على أن تدفع كل دولة دينها لوحدها. خيارات صعبة فتحي اعتبر الخيارات تبدو صعبة بسبب عدم وجود قانون يحدد هذا الأمر أو يفرضه على طرف من الأطراف لتبقى مشكلة ديون السودان متوقفة على حسب العلاقات بين الدولتين ويأخذ الحل بذلك طابعاً سياسياً أكثر من أنه اقتصادياً، وغالباً ما يتضرر من ذلك الأمر السودان بسبب الحصار والتضييق أكثر من دولة الجنوب، وأضاف: فوق ذلك كله تبقى مشكلة الديون الخارجية عائقاً كبيراً لدولتي السودان والجنوب، وأشار إلى أن هنالك ديوناً على البنك والصندوق الدوليين تبلغ 2 مليار دولار مطلوب من الحكومة أعفاؤها أولاً ثم الجلوس بعد ذلك إلى طاولة الحوار، منوهاً إلى أهمية دور البنك الدولي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والشركاء للاستفادة من القروض الميسرة المتاحة عبر البنك، لافتاً إلى أن ديون السودان الخارجية تمثل حجر العثرة الأول في نهوض الاقتصاد السوداني بسبب أن السودان لا يستطيع الاستدانة بسبب ديونه الخارجية، ويذهب فتحي إلى القول بأن السودان قطع مراحل متقدمة للاستفادة من برامج الإطار المتكامل المعزز للدول الأقل نمواً وبرنامج العون من أجل التجارة بتطوير البنيات التحتية والمؤسسات الداخلية حتى تستطيع الدولة التفاعل والمنافسة في إطار النظام التجاري الدولي متعدد الأطراف وتحقيق الفائدة منه. حقوق السودان وقال فتحى إن صندوق النقد الدولي له مبادرات بإعفاء الدول الفقيرة وغير القادرة على سداد الدين والسودان واحد من تلك الدول المؤهلة للاستفادة من الإعفاء، مشيراً إلى أن مطالب وزارة الخارجية باعفاء الديون هو حق من حقوق السودان على البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى باعتبار أن السودان مستوفٍ للشروط والمعايير العالمية لإعفاء الديون فضلاً عن اتباع حكومة السودان لسياسة التحرير الاقتصادي وإعادة هيكلته ووضع خطط وبرامج لمحاربة الفقر وإدارة الاقتصاد بشفافية وعدالة وتوازن إضافة إلى النمو المتصل في الاقتصاد إلا أن البنك الدولي يتعامل بأجندة اقتصادية وأجندة سياسية. اختراق وتوقع الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي أن تفلح جهود وزارة الخارجية في إحداث اختراق في ملف الديون في ظل النجاح الذي تحقق برفع العقوبات مشيراً إلى أن ملف العقوبات أكسبها خبرة وقدرة على التفاوض فى هذا المجال باعتبار أن المناخ أصبح مواتياً أكثر من الماضي خاصة بالنسبة لدول نادي باريس للنظر بجدية دون عائق أو اعتراض من أي جهة كما هو الحال سابقاً من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقال إن العقوبات كانت العقبة الأساسية امام خفض أو إلغاء الديون عن السودان، مشيراً إلى أن هناك دولاً عديدة ألغيت ديونها إلا أن ذلك تعذر بالنسبة للسودان رغم تصنيفه من قبل المؤسسات الدولية بأنه من ضمن مجموعة الدول الأكثر فقراً والمنهكة بالديون مشيراً إلى أن هذا التصنيف أفاد دولاً كثيرة في إلغاء ديونها والسودان مؤهل الآن لذلك وأضاف كل هذه الظروف إلى جانب رفع الحظر عن السودان تسهم فى ملف الديون خاصة أن أمريكا كانت تقف ضد إلغاء العقوبات . وتقدر ديون السودان بحوالي 47 مليار دولار مقسمة على (32%) لدول نادي باريس، (37%) للدول غير الأعضاء في نادي باريس، (16 %) للمؤسسات المالية الدولية، (12 %) و (3 %) للبنوك التجارية العالمية والموردين الأجانب كما تعادل الديون الخارجية 266% من حجم الصادرات مقارنة ب 150% كمؤشر عالمي، كما تعادل 72% من الناتج المحلي الإجمالي، و 250% من الإيرادات العامة مما يؤكد صعوبة سداد الاستدانة مع تزايد نسبة الفوائد والجزاءات لعدم السداد. مواقف داعمة ويرى الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز أن قرار الإدارة الأمريكية برفع الحظر الاقتصادي عن السودان سوف يسهم في الإعفاء من الديون وفي الاستفادة من البرامج الأخرى، خصوصاً أن الدول الأوروبية في الوقت الحالي داعمة لمواقف السودان وقال إن الموقف السياسي لأمريكا وللمجموعة الأوروبية شكل عائقا أساسياً للسودان حرمه من الاستفادة من مبادرة إعفاء الديون كما حرمه من الاستفادة من حقوق الملكية بموجب اتفاقية لومي وبرنامج العون التنموي للمجموعة الأوروبية وبالتالي تصبح جملة المبالغ المجمدة من البرنامجين معاً 367,9 مليون يورو، وأضاف عبد العزيز أن الموقف السياسي من السودان لمجموعة نادي باريسولأمريكا على وجه الخصوص حرم السودان من العديد من برامج العون والدعم الاقتصادي الأمريكي والأوروبي.