ساعتان من لقاء (البشير وسلفا كير) رجل المراسم الذي أعياه الوقوف قال بضجر: (بعد كل هذا لا شيء غير الابتسامات)!! تجلس مع إدريس عبد القادر رئيس الوفد السوداني تشعر أن كل شيء على ما يرام وأن التوقيع سيتم خلال ساعات، تشاهد دكتور كمال عبيد ممسكاً بمسبحته يصعد للطابق الأول ثم يعود لبهو الفندق ،تعرف أن المشوار سيكون طويلاً وشاقاً يستعين عليه عبيد بالاستغفار وعرمان بالانتظار على ضفة النهر.. ربما يقول قائل: (بل أنه انتظار على حافة الهاوية)!! وطوال الأيام الثلاثة خرجت ابتسامة دينق ألور (الكاكاوية) ولم تعد، عبارته أصبحت أكثر حدة يشعرك أنه على وشك الانفجار وربما البكاء الاحتجاجي! تأجل اللقاء الخامس للرئيسين (البشير وسلفاكير) أمس عدة مرات، من العاشرة صباحاً إلى الرابعة عصراً، ليلتئم أخيراً في السابعة مساء مستمراً لساعتين في أجواء من السرية والتكتم! الابتسامات والضحكات لم تعد تعتمد كمؤشر لما كان يحدث داخل القاعات المغلقة،بل ربما تقرأ كمحاولة لمقاومة التوتر وبث الثقة في الأنصار والمتعاطفين! بعد انتهاء اجتماع الساعتين، سلفا مازح الفريق عبد الرحيم محمد حسين قائلاً:(أها عملتو شنو) كان الرد سريعاً : (كل شيء تمام لكن منتظرنك أنت والرئيس البشير)!! ..أول أمس كنا أقرب للاتفاق. سلفاكير أصبح أكثر مرونة، ولكن زيارة ليلية لعدد من الجنرالات غيرت مسار التوقعات وأعادت العربة إلى الوحل! وتليفزيون الجنوب يبث رسائل من هناك للتأثير على المفاوضين حول 14 ميل وأبيي. المفاوض الجنوبي تحت ضغط مزدوج أبناء أبيي في جانب يخشون من اتفاق الدولتين على كل القضايا وترك ملف منطقتهم في مهب الريح! من قبل طالبوا حكومة الجنوب بربط الاستفتاء العام باستفتاء أبيي لكن سلفا امتنع بالصمت. لم يستجب لرغبتهم وتم الاستفتاء العام وترك ملف أبيي قيد الانتظار! دينق ألور ولوكا بيونق وآخرون يخشون من تكرار التجربة السابقة التي علمتهم ألا يثقوا كثيراً في صمت سلفا! قطاع الشمال كذلك يمارس ضغطاً -غير ناعم- على المفاوض الجنوبي ،خوفاً من أن تأتي التسوية على حسابه، قيل أن اجتماعاً عاصفاً تم بين عدد من قيادات القطاع بقيادة عرمان مع باقان أموم رئيس وفد حكومة الجنوب ،أحيط بسياج من السرية، معلومات غير مؤكدة تقول إن عقار موجود بجوبا والحلو لم يغادر أمريكا! قبل يومين سلم باقان الوسطاء بياناً عن فك الارتباط بالشمال. عرمان لايزال بعيداً عن قاعات التفاوض ولكنه يقضي وقتاً طويلاً في اللقاءات الجانبية في بهو الفندق وفي الحديقة الخارجية، إلى الآن لم تتم ولا مصافحة عابرة بين عبيد وعرمان..! يدور همس عن وجود مساعٍ لإحداث تقدم ما في ملف المنطقتين ولكن بعيداً عن طاولات التفاوض الرسمية،فناجين القهوة في مقهى الشيرتون، ترصد تفاصيل طبخة لم توضع على النار بعد!! المبعوث الأمريكي برلستون ليمان الرجل الثمانيني قيل أن الإرهاق أثر على تركيزه، في مرة كان يبحث عن ورق كان يحمله في يده !! ظل ليمان يجتمع بدينق ألور وباقان... في مرات كل على حدة ويجمعهما معاً في مرات! بهو الفندق من أهم الأمكنة، هنا تنجز فيه الكثير من المهام وربما تحاك بعض المؤامرات وفي الجلسات الجانبية يتم تبادل الرسائل غير الرسمية! أمس لم يظهر السفير الدريردي محمد أحمد في بهو الفندق قيل أن اجتماعات مطولة تعقد بينه والوسطاء حول رد الحكومة على مقترح أمبيكي بخصوص أبيي، أحدهم قال لأول مرة انفلت عقال غضب أمبيكي إذ دق بعنف على الطاولة، أثناء مناقشة تعليق الحكومة على ورقته! لن نجازف مرة أخرى بالتوقعات، سنعود للاحتماء بعبارة سابقة : (كل شيء ممكن حدوثه الشيء وضده)!!