يبدي عضو المفاوضات بقوى الحرية والتغيير د. إبراهيم الأمين تفاؤلاً بإمكانية التوافق مع المجلس العسكري حول الوثيقة الدستورية وإعلان الحكومة الانتقالية خلال أسبوع، مقللاً في ذات الوقت من تأثير ردود الفعل المتحفظة على الاتفاق السياسي داخل فصائل قوى الحرية وتأثيرها على تماسك التحالف السياسي العريض. هل تعتقد أن الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري يلبي تطلعات الثورة في إقامة دولة مدنية ديمقراطية؟ هذه الثورة لم تكتمل حلقاتها بعد، صحيح أنه أزيل رأس النظام، ولكن النظام ما يزال موجوداً ويتحكم في مفاصل الدولة، ويمتلك العديد من الآليات والمؤسسات الاقتصادية والإعلامية، وهذا يحتاج لدرجة عالية جداً من الحكمة في التعامل معه للوصول للأهداف المطلوبة لإقامة حكومة مدنية ديمقراطية، بما يعني أن تكون المكاسب بحساب نقاط هذا الاتفاق هي المتاحة في الظروف الحالية، وهي خطوة موفقة جداً إلى الأمام وتحتاج لعمل كبير ومرتب، لأن التحديات كبيرة ..من قضايا المواطن الحياتية إلى قضايا السلام والتحول الديموقراطي، وبالتالي الحكومة القادمة ستكون خادمة للشعب، فضلاً عن تنفيذ المطلب الأساسي حول لجنة التحقيق المستقلة للتحقيق في قضية فض الاعتصام وكل الانتهاكات التي تمت في حق أبناء الشعب السوداني، في الخرطوم والولايات، وأن تتم محاسبة أي شخص ارتكب جريمة في حق المواطن السوداني. ماذا تعني بالعمل الكبير الذي يحتاجه الاتفاق؟ الوضع في السودان معقد جداً ولمواجهة هذه العقد التي تراكمت على مدى 30 عاماً نحتاج إلى محاولة تفكيكها بأقل الخسائر الممكنة لتحقيق أكبر فائدة ممكنة، وهناك تدهور مريع في مختلف مجالات الحياة، والآن بعد الثورة لاح أمل في حدوث التغيير، ولكنه ليس بالسهولة التي يتحدث بها البعض، والاتفاق مدخل للإصلاح وسيدعم بوثيقة دستورية لإعطائه الصفة الرسمية لممارسة الحكومة القادمة لنشاطها، والاتفاق فتح الباب أمام قوى التغيير بأن تسير في مسار التغيير بما يحقق تطلعات الشعب وفي ذات الوقت تسعى لإتاحة الفرص أمام القوى غير المنتمية للتحالف قوى الحرية والتغيير بصورة تحمي السودان من أي مضاعفات وأخطرها ما يثار عن تدخلات كثيفة في الشأن السوداني. دعنا نتحدث عن تحفظات بعض الأطراف داخل قوى الحرية والتغيير على الاتفاق نفسه؟ الأمر ليس كما يجري تداوله، قطعاً إن قوى الحرية والتغيير تمثل طيفاً واسعاً من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني إضافة إلى رموز من المهنيين، وما من شك في أن هذا التحالف موحد الهدف إلا أن هناك خلافاً في الجوانب الإجرائية، البعض يريد أن يحدث التغيير الشامل الكامل بأسرع فرصة ممكنة بمختلف الوسائل، وهناك اجتهاد آخر يرى أن الظروف التي يمر بها السودان والمهددات التي يتعرض لها داخلياً وخارجياً تحتاج للتعامل والاستفادة مما هو متاح وأن تكسب مواقف جديدة تحقق بعض الأهداف عن طريق النقاط. ألا ترى أن دخول قوى الحرية والتغيير في عملية تفاوض مع المجلس العسكري من الأساس كان خطأً؟ بالعكس، الشعب السوداني ثقته في القوات المسلحة كبيرة جداً، فعلى امتداد تاريخها سجلت مواقف مشهودة في مجال مهنيتها عبر دورها الطبيعي في حماية البلاد، أما ما يميزها فهو انحيازها للجماهير بصورة فريدة ثلاث مرات آخرها في ثورة ديسمبر، لذلك لا يمكن بصورة عملية أن تبعد القوات المسلحة بالصورة التي يراها البعض. الشراكة مع القوات المسلحة ومحاولة إيجاد معادلة مقبولة لإدارة الشأن العام بصورة متدرجة لتجاوز المرحلة الانتقالية وهو أمر مهم. ألا يمثل ذلك انتقاصاً من المدنية المنشودة؟ هناك ضبابية تعتري تفسير معنى المدنية.. نحن نتحدث عن حكومة مدنية كاملة الصلاحيات تتيح لرئيس الوزراء بالإضافة للمهام الموكلة له في مرحلة حساسة وحرجة اختيار وزرائه ونوفر له عبر المجلس التشريعي أغلبية تمكن الحكومة من أداء واجباتها دون التعرض لهزات، وقد وفر الاتفاق السياسي نظام برلماني وحكومة كاملة الصلاحيات من اختيار قوى الحرية والتغيير، أما المشاركة على مستوى المجلس السيادي فهي مشاركة في نظام برلماني معروف عنه أنه يعطي المجلس السيادي صلاحيات محدودة، إضافة إلى ذلك أن ما تحقق في هذه المرحلة أفضل مما تحقق في أكتوبر 1964 وإبريل 1985، حيث لم يكن يوجد مجلس تشريعي في تلك التجربتين ونحن هنا طالبنا بوجود المجلس التشريعي صحيح أن تكوينه سيتأخر. (مقاطعة) ماهي الفائدة من مجلس تشريعي لا يمتلك صلاحيات تذكر؟ ليس صحيحاً هناك فوائد جمة، أبرزها تحصين الحكومة من أي هزات، قد تحدث لها إذا لم يكن لديها الأغلبية داخل المجلس التشريعي، ومن الممكن أن تسقط الحكومة في شهر أو أقل وهذا يعني انهيار للمشروع ككل، إضافة إلى إعطاء غير المنتمين لتحالف قوى الحرية والتغيير فرصة التواجد كرأي ناقد ومعارض داخل المجلس التشريعي، وهذا يعطي المجلس حيوية ويحدث تقويماً لأي أخطاء قد تحدث . هل المجلس التشريعي لديه صلاحيات؟ نعم..ستكون له صلاحيات رقابية بالنسبة للحكومة وتشريعية، أي شخص يقول إن الفترة الانتقالية لا يكون فيها صلاحيات تشريعية هو بعيد عن الواقع والثورة لأن هناك ممارسات وقوانين مقيدة للحريات ومشروعاً لتفكيك دولة الحزب لإقامة دولة الوطن، وتستطيع الحكومة أن تجتز الفساد والفاسدين كل هذا يحتاج إلى تشريع وقوانين وممارسة محمية بالقانون . إرجاء تكوين المجلس التشريعي لوقت لاحق مع تحفظ المجلس العسكري على نسبة الحرية والتغيير إلا يمثل ترحيلاً للخلافات أم ستتنازل الحرية والتغيير عن نسبة ال67% ؟ كل طرف رفض التنازل عن موقفة، واتفقنا على التفاوض لاحقاً، يمكن القول إن الاختلاف موجود، لكن قوى الحرية والتغيير قادرة على التمسك كذلك بموقفها في المفاوضات المقبلة، هناك حديث عن أن نسبة 67% قد تستغلها الحرية والتغيير في مجالات قد لا تُرضي أطراف داخل المؤسسات العسكرية، لكن نقولها بوضوح نحن لا نريد أن تحل هذه القضايا بصورة جذرية في المرحلة الانتقالية، كمثال "الدعم السريع" نحن نرى أن له وجوداً وهو قوة مؤثرة جداً ونحن لا نقبل أن يكون هناك أي نزاع معه أو داخل القوات المسلحة ونرفض أي انشقاقات أو عنف إلى أن تأتي المرحلة التي تكون فيها الحكومة مفوضة تفويضاً شعبياً وهناك قضايا أخرى مثل الدين والدولة . معذرة ملف قوات الدعم السريع لن يتم اتخاذ قرارات بشأنه ؟ لا توجد قرارات ستتخذ بشأن الدعم السريع، هذا الكلام يُقال لخلق فتنة، نحن الآن لا نتحدث عن الدعم السريع نتحدث عن القضايا المباشرة التي يحتاج لها التشريع في المرحلة الانتقالية فقط، وما يخص القضايا الكبرى مثل علاقة الدين والدولة لا يمكن أن تحسم في الفترة الانتقالية لأن بنهاية الفترة الانتقالية سيكون هناك مؤتمر دستوري سيناقش هذه القضايا بتوافق من الشعب السوداني، لأن أي عمل بهذا القدر من التعقيد والتأثير على الشعب السوداني من الصعب جداً أن تأتي حكومة انتقالية في فترة زمنية محدودة وبمهام محددة وتتخذ فيه قراراً،.. هذا القرار يُترك للمؤتمر الدستوري والديمقراطية القادمة . بالنظر لتركيبة مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية سيتم تعيينهما من قبل المجلس العسكري ؟ هذا يؤكد أننا وصلنا لدرجة عالية جداً من التوافق وهدفنا أن الحكومة المكونة تكون من كفاءات وطنية، واجب الحرية والتغيير أن ترشح عدداً ويخضع الترشيح لاختيار رئيس مجلس الوزراء، قلنا إن الوزارات التي لها علاقة بالمجال العسكري تعطي للعسكريين بالصورة التي تؤكد التكامل بين الطرفين والتعاون في المرحلة الانتقالية . بشكل مباشر هل سيخضع الوزيران لرئيس الوزراء أم للمجلس العسكري ؟ مجلس السيادة لا علاقة له بالعمل التنفيذي، وهذا الإجراء مُتبع حتى بعد الانتفاضة 1985 كان وزير الدفاع عثمان عبدالله، ووزير الداخلية عباس مدني وتجارب السودان تؤكد أنك تأخذ لوزارة الداخلية فرداً من المؤسسة وكذلك وزارة الدفاع . بالعودة لما قبل التفاوض والحديث عن أن الوسيط الإفريقي قبل فض الاعتصام تحدث عن تثبيت ماتم الاتفاق عليه "نسبة 67% لقوي الحرية والتغيير وغيرها" لكن الظهور المفاجئ للمبادرة الإفريقية مثل اختطاف لذلك الطرح؟ كلامك غير صحيح أساساً القصة دي تمت مناقشتها في كل المراحل ووجدنا أنه من الأفضل تأخير تشكيل المجلس التشريعي إلى مدة أقصاها 3 أشهر وفي هذه الفترة يتولى مجلس الوزراء ومجلس السيادة مجتمعين مهام المجلس التشريعي وهذا حدث في فترة أكتوبر وفترة مابعد الانتفاضة أما فيما يتعلق بالنسب نحن كحرية وتغيير متمسكون بموقفنا وهم لديهم موقف وعندما يفتح الحوار من جديد نبدأ من نقطة الانتهاء . إلى أي حد يؤثر اختلاف التقديرات داخل الحرية والتغيير على وحدتها وتماسكها؟ لا يوجد اختلاف في التقديرات ولكن في بعض وجهات النظر فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية والخلاف يحسم ديمقراطياً رغم البيانات التي تصدر، حتى كل النقاشات التي تتم ومراجعة الوثيقة الدستورية كانت كل الأطراف حاضرة وتناقش بصورة تؤكد وحدة الحرية والتغيير. الجبهة الثورية باعتبارها جزءاً من نداء السودان وأنت والدقير ممثلان لهذه الكتلة في الحرية والتغيير ..لماذا أظهرت الجبهة الثورية هذه المواقف ؟ الجبهة الثورية لديها ظروف خاصة مختلفة عن التكوينات المدنية الأخرى وبالتالي كون تفرض عليها هذه الخصوصية بعض المطالب المختلفة هذا أمر طبيعي ونتعامل معه بصورة بها كثير من المرونة ولكن نقول بكلام إننا الآن نتحدث عن سلام شامل يشمل الجبهة الثورية والحلو وعبدالواحد، وهناك نزاعات قبلية لا حصر لها، والاتفاقات التي تمت لها في عهد النظام السابق لم تخاطب قضايا المواطن المتأثر بهذه الحروب وركزت على مصالح القادة والنخب، نعم هناك قادة ويجب أن يكون هناك حوار معهم لكن يجب أن يكون الترجيح الآن لكفة العمل الذي يخاطب قضايا المواطنين عامة لأنهم يحتاجون إلى تعويض جماعي وهناك مواطنون اقتلعوا من أراضيهم ويجب أن ترجع لهم، لذلك قضايا السلام لا بد أن تكون شاملة لكل المناطق المتأثرة بالحرب وأن تكون جزءاً من استراتيجية الدولة وملزمة لنا ولغيرنا، ويجب ألا يكون هناك خلاف بين المركز والأقاليم وألا تُرفع بندقية ضد الدولة وهذه القضية يجب أن يخطط لها استراتيجياً، وأي محاولة لتحويل الثورة إلى مكاسب شخصية مرفوضة. في خطابك بعد التوقيع على الاتفاق أشرت إلى أن جيل الشباب الذي قاد الثورة يجب أن يحكم؟ نعم ونحن عملنا داخل الاتفاق السياسي على أن يكون للشباب دور كبير فيها، ومثلاً خفضنا سن المشاركة في المجلس التشريعي ال 21 سنة أي الطالب بالجامعة يمكن أن يدخل باعتبار أن المجالس التشريعية على مستويى المركز والأقاليم والمحليات هذا يتيح للشباب التدريب بصورة عملية للارتقاء إلى المناصب الأعلى، وعضوية مجلس الوزراء نزلناها إلى 25 سنة وأعطينا ميزة تفضيلية للمرأة السودانية بأن يكون لديها في المجلس التشريعي 40 % وهذا يؤكد حدوث تغيير أساسي بالبلاد وأن جيل الشباب مستقبلاً هو الذي يتحكم في البلاد. الشيء الآخر فيما يخص الحكومة التي تتكون في الأيام القادمة قلنا لن تكون هناك محاصصة حزبية وهذا يتيح الفرصة لعدد أكبر من المستقلين والشباب أن يشاركوا مشاركة بنسبة عالية في الحكومة، هذه كلها موجهات الهدف منها حدوث تحول وأن يكون للشباب الغلبة في إدارة الشأن العام . هل تتوقع أن يتم التوافق على الوثيقة الدستورية بشكل سلس ؟ نعم وهي الآن جاهزة والمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مهيآن لإجازتها بأسرع وقت، وأنا متفائل جداً أن كل القضايا ستصل إلى حلول مقبولة ونبدأ من جديد في كيفية التوصل لاتفاق موضوعي يضعنا في الطريق الصحيح ويجد القبول من الشعب السوداني . هل تم التوافق عليى دخولها بشكل موحد تجاه ضغوطات التفاوض ؟ الحرية والتغيير تمارس التفاوض في كل المراحل وهدفها موحد وقد يكون هناك اختلاف في الجوانب الإجرائية، وهي ليست كتلة صماء ولا نظام شمولي أو حزب لديه أيديولوجية معينة فهي عبارة عن تحالف واسع بالحوار الموضوعي يصل لما يريده . وفقاً لتقديراتك متى يمكن أن يتم التوقيع على الوثيقة الدستورية وإعلان الحكومة ؟ هذا الأسبوع إن شاء الله.