في الوقت الذي يرى فيه بعض الخبراء العسكريون أن الحرب عبارة عن عمليات مستمرة من العلاقات السياسية وتداخل المصالح، إلا أنهُ لا يختلف أحد على الآثار الناجمة عنها. وكانت الحرب على الإرهاب السمة الأبرز لعصرٍ شهدت فيه الكثير من الدول حالة من الصراعات الداخلية والحرب.. مخلفةً آثار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فيما تفاقمت ظواهر أخرى وتطورت وهو ما حدا بالأمين التنفيذي للسيسا شيملس ولد سيمايات التأكيد على أهمية الورشة لمناقشة ظاهرة الارتزاق والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات غير الحكومية السالبة داعيًا أجهزة المخابرات لوضع استراتيجة لمحاربتها والحد من ظواهرها مؤكدًا أن مؤسسي السيسا يدركون المخاطر التي تهدد دول شرق إفريقيا، وأضاف لدى حديثه في الورشة أمس: "الجرائم عابرة للقارات، ورؤية الاتحاد الإفريقي أن تكون إفريقيا خالية من النزاعات، إلا أن الارتزاق يمثل أحد التحديات الأمنية، وهنالك دول بالتعاون مع شركات أجنبية وأمنية خاصة تستخدم المرتزقة عبر التدريب وتوفير المعلومات الاستخبارية بغرض إزالة دول وحكومات شرعية"، لافتًا إلى أنهُ لا يمكن استثناء أيّ دولة في إفريقيا من خطر الارتزاق. بالمقابل، أشار ممثل رئيس السيسا رئيس جهاز المخابرات الرواندي فرانسيس موونغو إلى تعهد رئيس السيسا بتبني التوصيات الصادرة من الورشة لافتًا إلى أن ظاهرة الارتزاق والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات غير الحكومية السالبة تمت الإشارة لها في العديد من ورش عمل ومؤتمرات السيسا التي طالبت بالتصدي لها. من جانبه دعت ممثل رئيس المفوضية الإفريقية مفوض الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي أميرة الفاضل إلى جمع الجهود من أجل أمن إفريقيا وأضافت: "هناك آلية قارية إفريقية للتصدي لظاهرة الارتزاق مع ضرورة استصطحاب المتغيرات وأن رؤية قارة إفريقيا لل50 سنة القادمة هي التصدي لعوامل الفقر ووقف الحرب في 2020 وآثارها التي تخلِّف نوعًا من عدم الاستقرار، والتركيز على الشباب وتحقيق تطلعاتهم. حركات دارفور: أطلّت حركات دارفور برأسها مجددًا في الورشة عبر أفرادها الذين يقاتلون كمرتزقة في ليبيا وذلك بحسب شيملس الذي وجه أصابع الاتهام لحركة تحرير السودان "مناوي"، وليس ببعيدٍ مما سبق أكد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول محمد عطا انخراط حركات التمرد السودانية المسلحة في جرائم القتل والخطف وتجنيد الأطفال إضافة إلى نشاطها في الاتجار بالبشر والتهريب وتورطها في القتال مع كتائب القذافي، وأضاف: وما زالت بعضها تقاتل في ليبيا لحساب بعض الأطراف كما تورط جزء آخر في الحرب الأهلية في جنوب السودان. فيما وصف نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن الارتزاق أداة من أدوات الحرب واصفًا إياه بالنشاط غير الأخلاقي. قوانين: وتبرز أيضًا ضرورة تفعيل القوانين حيثُ أشار شيملس إلى أن الكثير من الدول الإفريقية ليس لها قوانين محلية لمحاربة الارتزاق وأنهُ على الرغم من وجود اتفاقية دولية ضد تجنيد المرتزقة إلا أن الدول التي صادقت عليها 14 دولة من أصل 22 التي يجب أن تصادق على الاتفاقية. من جهته يرى حسبو أنهُ رغم جهود المجتمع الدولي لإصدار تشريعات للحد من ظاهرة الارتزاق إلا أنها لا تزال قائمة وأضاف: الشركات التي تصدر المرتزقة وتعمل تحت مسميات مختلفة ولها أسهم متداولة في سوق المال خطرها أكبر.. إضافة إلى دخول بعض المنظمات غير الحكومية تحت مظلة الإنسانية إلا أنها أشبه بالاستعمار. المنظمات غير الحكومية: ينظر البعض إلى المنظمات غير الحكومية إلى أنها واجهة وأداة لتمرير أجندة خاصة بدول أخرى حيث أوضح شيملس أن الكثير من المنظمات غير الحكومية يتم استخدامها لتغيير النظام وزعزعة استقرار البلدان، إضافة إلى تمويلها للحركات المسلحة. وأضاف: هناك دليل قوي على أن منظمات غير حكومية توفر الدعم لمجموعات راديكالية بغرض تغيير الأنظمة إضافة إلى استخدامهم لاستراتيجيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. مطالبًا المجتمع الدولي بجمع جهوده، لافتًا إلى أن التقارير كشفت أن 20_30% من المقاتلين الذين تم تجنيدهم في مجموعات كالقاعدة، داعش، بوكو حرام يعودوا لبلادهم بسبب الحرب في العراق، سوريا، ليبيا وأن ذلك يتطلب انتباه واستعداد السيسا. مثلث الرعب: ما يعزز أهمية الورشة بحسب حديث مشاركة خبراء من أكثر من 27 جهاز مخابرات إفريقي، وممثلي المنظمات الدولية ومفوضيات الاتحاد الإفريقي؛ حيث وصف عطا ظاهرة الارتزاق والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات غير الحكومية السالبة بمثلث الرعب والخطر في إفريقيا، وأضاف لدى حديثه في الورشة أمس: حان الوقت لترجمة أقوالنا إلى أفعال عبر خوض حرب لا هوادة فيها لمواجهة هذه الظواهر لافتًا إلى أن الظروف الأمنية بالغة التعقيد، وأن الطريق ما زال طويلًا لتجويد استراتيجة للمكافحة داعيًا إلى شموليتها وعمق معالجتها وإعمالها الفكر في محاربة هذه الظواهر. استهداف دائم: على الرغم من تمكن الأجهزة الأمنية في إفريقيا من إحباط العشرات من العمليات قبل تنفيذها بحسب حديث نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن إلا أنهُ استدرك قائلًا: التطور المضطرد للظواهر يتطلب التعاون وتبادل والخبرات مشيرا إلى معاناة السودان من الأنشطة السالبة والاستهداف الدائم.