ابو علي آكلاب منظمة أروقة والمدائح النبوية عند المرأة البجاوية الإنسان في الحياة نوعان: إنسان آلي وإنسان رسالي والإنسان الآلي كالبيهم يعيش نمط حياة محدود بين مكان مأكله وبين مكان مرقده لا يلتفت لما حوله من المجتمعات إما الإنسان الرسالي فهو كالنحلة يتماهى مع المجتمع يداوي العليل ويعمل لإسعاد الآخرين. والإنسان الرسالي وهو يخترق المجتمعات لا يحتاج لدعم حكومة وإنما يحركه ضميره وإدراكه مسؤوليته تجاه المجتمع. والإنسان الرسالي "مكلف" من كل الديانات السماوية أن يعمل لإسعاد الآخرين ويزرع يوفر الحب لتعطر الاجواء مسكاً يفوح لبعث الحيوية في أوصال المجتمعات الراكدة. هذه مقدمة لابد منها وأنا اشارك منظمة أروقة وهي تقود العمل الرسالي والتوعوي بين المجتمعات أروقة مؤسسة ذات منهج اجتماعي راق والراقون في منظور "ارسطو" مدرسة تبني بأن الانسان حيوان اجتماعي وانه مهما بلغ من استقلاله عن العالم الذي يحيط به واستغنائه عن كل ما حوله مكتفياً بنفسه فانه لابد متصل بأبناء جنسه وأنه بما يملك من نفس عاقله يدرك انه جزء من الكون وانه مضطر لذلك الى العمل من أجل الجميع لذلك نجد اهتمام الروقيين بالجانب العملي في الحياة حيث نادوا بضرورة اصطناع الفضيلة في السلوك اليومي وان الناس يجب أن يعيشوا اخوة متحابين. وكلمة اروقة تعني المجتمعات أو البيوت التي تقدم الدروس وتبث الخير في ارجاء المعمورة. وقد تشرفت بحضور ندوتين عن المدائح النبوية اقامتهما منظمة أروقة شارك فيها كبار المادحين في السودان وما اضفى على هذه المدائح الرونق هو اللغة الرفيعة والرصينة والنطق الصحيح للغة. كانت الندوة الاولى تحت عنوان (المجلس الرباني) والثانية تحت عنوان (القثام الصدوق محمد رسول الله) عليه أفضل الصلوات والسلام وقد شرفها الاستاذ الدقير وزير الثقافة بولاية الخرطوم وعطر قاعة المصارف بكلمات رائعات. وحينما سئل النبي الكريم هل المؤمن يسرق قال لهم نعم وهل يزني قال نعم وحيثما سئل عن هل يكذب المؤمن فقال لا ، والكذاب بمنطوق الحديث خارج من ملة محمد لأن ضرره يشكل خطورة على المجتمع والقثمام الصدوق تعني المعطاء والصادق وكان عنوان الندوة جذاباً والندوة الأولى كانت بعنوان (المجلس الرباني) كما اسلفت امها لفيف من الأدباء والصحفيين بقيادة الدكتور أحمد بلال وزير الثقافة والإعلام الاتحادي وفي كلتا الندوتين تبارى وصدح المداحون وبأصوات رخيمة وعبارات مموسقة طافوا بالحضور في سموات روحانية. وفي شرق السودان تتخذ المدائح الشكل الجماعي حيث يجلس المداحون على شكل دائرة يمدحون الرسول الكريم بانغام جماعية جميلة ويتبادلون العبارات. ومثلا. حينما ينشدون قصيدة: "مرحبا بالمصطفى" يقفون جميعاً إجلالاً لخيار الانبياء والرسل وخاتم الرسالات. والمرأة عند البجا لها حلقات مدائح والقوم هنا يسمون المدائح "بالمولد" ويقيمون المولد في الاعراس ومناسبات الفرح المختلفة. وطبعاً "مولد" المرأة بمعزل عن أعين الرجال وفي البيوت. وأعتقد ان الاخوة المهتمين بالثقافات الدينية يجب أن يلعبوا دورهم في إبراز هذا النوع من الثقافة الدينية والتي تتميز بها المرأة بشرق السودان عن بقية ارجاء السودان، وثقافة مديح المرأة بشرق السودان يصعب الحفاظ عليها لرفض المرأة البجاوية للظهور على خشبة المسرح أو التصوير. ولعل بنتاتنا المثقفات يمكن أن يلعبون دورا لإبراز هذا النوع من التراث وتثبيته حتى لا ينقرض. كما ندعو الشباب من الجنسين ان يتدافعوا بشجاعة وجرأة لتطوير المدائح عند رجال بجا وعند النساء أيضاً. وعلى وزارات الثقافة بالولايات أن تحشذ الكوادر والمال لتحقيق هذا الهدف والأستاذ السمؤال خلف الله متعدد المواهب والمعارف يمتلئ حماسة وخلقاً قويماً وقد عرف بين معارفه واصدقائه بالتواضع وصدق المقاصد وحينما تقلد وزارة الثقافة حرك المسارح والمنتديات الفكرية إماما يهز منابر مساجد الله ومديرا لمنظمة أروقة التي ظلت تسهم في العطاء الثقافي فالرجل يحركه ايمانه برسالته في الكون وقضيته وسط المجتمع وهو صاحب قضية، لا توقف همته العثرات ولا تقلل من ادائه ألسنة الحساد والظلامين، فالطرب عنده حسنه حسن وقبيحه قبيح والغناء عبادة حينما يردد كلمات ترباس "يا أمي الله يسلمك" لانه يدعو لأعظم انسان قال عنه سيد الأنبياء حيثما سئل من أحب إليك قال: أمك "ثلاث" مرات ثم قال: أبوك.. فالالحان الغنائية ليست محرمة بقدر ما يكون التحريم في المعاني التي تحملها الالحان ثم أن الرقص البريء والغناء المعبر عن الوجدان الصادقة ليس محرماً فالمحرم الكلام المبتذل والرخيص. ونحن في المركز الثقافي لشرق السودان سوف نرفد جهد الأخ السمؤال بالمشاركة لقيادتنا وطلابنا المقيمين بالعاصمة حتى نستفيد من التجربة التي تتمتع بها منظمة أروقة الشامخة