يبدأ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيارة رسمية إلى السودان في الثالث من سبتمبر القادم في بادرة هي الأولى لوزير خارجية ألماني منذ عام 2011م. كما تعتبر أرفع زيارة لمسؤول بعد تشكيل حكومة الفترة الانتقالية، ومن المقرر أن يلتقي الوزير الألماني بكل من رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، والقوى الحية التي شاركت في صنع الثورة. أجندة الزيارة ظلت ألمانيا مهتمة بتطورات الأوضاع بالسودان عقب نجاح الثورة وعبرت في العديد من تصريحات كبار مسؤوليها عن الحرص على استقرار السودان والرغبة في مساندته ودعمه خلال الفترة الانتقالية. وزار وفد برلماني ألماني الخرطوم الأسبوع قبل الماضي، والتقى بعدد من كبار المسؤولين. كما قام السفير فيليب إكرمان المدير العام لإدارة إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الوسط والأدنى بالخارجية الألمانية بزيارة للبلاد خلال الفترة من 7-8 أغسطس الجاري. في المقابل يتطلع السودان إلى دور ألماني إيجابي بارز خلال المرحلة القادمة من واقع التأثير الكبير لألمانيا في الخارطة الدولية سياسياً واقتصادياً خاصة بالنظر إلى دورها القيادي في الاتحاد الأوروبي وعضويتها في مجلس الأمن الدولي وعلاقات الصداقة والتعاون التاريخية بين البلدين. السفير الألماني في الخرطوم أولريش فيلهلم كلوكنر يذهب في حديثه ل(السوداني):"تأتي زيارة وزير الخارجية الألماني هذه تتويجاً ومتابعة لزيارة وفد ألماني للسودان قبل أسبوعين، وألمانيا تعتبر من أكثر الدول الأوروبية اهتماماً بالشأن السوداني، لذلك سعت للقدوم سريعاً لمتابعة تطورات الأوضاع عن قرب وتهنئة الحكومة الجديدة وتأكيد دعمها ومساندتها". برنامج الوفد سيكون في معية وزير الخارجية الألماني وفد من الخارجية الألمانية، إلى جانب وفد إعلامي كبير يتضمن محطات تلفاز رئيسية وأهم الصحف الألمانية، ونتوقع متابعة إعلامية كبيرة للزيارة باعتبارها حدثاً مهماً. السفير الألماني يكشف عن برنامج الزيارة ويشير إلى أنها ستتضمن مقابلة رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة، ويضيف" ستتم متابعة آخر التطورات المتعلقة ببعثة اليوناميد حيث إن ألمانيا تشغل الآن مقعد في مجلس الأمن وتمثل قضايا البعثة الأممية في دارفور أهمية بالنسبة لنا، أما الجزء الأهم الذي سيأخذ وقتاً أكبر يتعلق بالاجتماع بمن صنعوا الثورة، وزيارة ميدان الاعتصام، إلى جانب الاستماع لشهاداتهم عما حدث خلال الأسابيع الأخيرة". كيف ترى الخرطوم الزيارة؟ مدير إدارة شؤون أوروبا بالخارجية السودانية السفير محمد الغزالي يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن ألمانيا ظلت تراقب الوضع في السودان منذ اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر الماضي، لتبدي مواقف إيجابية تجاه التغيير الذي حدث في السودان مؤكدة حرصها على أمن واستقرار السودان من خلال دعم جهود التفاوض لتحقيق السلام. مدير إدارة شؤون أوروبا بالخارجية السودانية يقول إن العلاقات السودانية الألمانية ذات طابع استراتيجي لاعتبارات تتعلق بالدور المؤثر للسودان في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي خاصة مع سياسة ألمانيا الوقائية لتفادي اندلاع النزاعات عبر تعزيز السلام والأمن والحوكمة الرشيدة. فيما يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية في تجمع المهنيين الرشيد سعيد في حديثه ل(السوداني) أن الاهتمام الألماني بالشأن السوداني سبق انتصار الثورة حيث سعت خلال السنوات الأخيرة لجمع الأطراف السودانية وتوحيد المعارضة (اجتماعات برلين) إلى جانب اهتمامها بملف التسوية في دارفور وتعاونها مع الخرطوم في ملفات الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب دون اعتبار لسلوك النظام السابق. الرشيد سعيد يشير إلى أن ألمانيا التي ترأس المفوضية الأوروبية وتمثل ميزانيتها 30% من ميزانية الاتحاد الأوروبي تعد شريكاً استراتيجياً ولاعباً مهماً في المجتمع الدولي، وأضاف:"نحن في تجمع المهنيين ننظر بشكل إيجابي للزيارة ونرى أنها تؤسس لصفحة جديدة من العلاقات تقوم على المصالح المشتركة واحترام سيادة الآخر". دلالات الزيارة السفير محمد الغزالي يعتبر أن زيارة وزير الخارجية الألماني كأول مسؤول رفيع يزور الخرطوم بعد تشكيل الحكومة الانتقالية يمثل حرص الألمان على تسريع عملية التقارب بين البلدين ودعم الحكومة الانتقالية خاصة أن ألمانيا تترأس مفوضية الاتحاد الأوروبي هذه الفترة التي تتزامن مع عضويتها في مجلس الأمن مما يعزز من دورها في المجتمع الدولي. وليس بعيداً عما سبق يلفت الرشيد سعيد إلى أن ألمانيا تسعى للتقارب مع السودان وهي ملمة بالإمكانات والموارد التي يتمتع بها. ويضع سعيد مسألة إعفاء ديون السودان الخارجية وتقديم ضمانات حكومية للشركات ورجال الأعمال الألمان للاستثمار في السودان علاوة على الاستفادة من اتفاقية كوتونو (لومي) – اتفاق يحدد إطار التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا والبحر الكاريبي- خاصة فيما يتعلق بسعر الصادرات. يرى سعيد أن ألمانيا بثقلها الدبلوماسي والاقتصادي يمكن أن تسهم أيضاً في تسريع عملية اندماج السودان في المجتمع الدولي لا سيما بعد زوال النظام السابق الذي تسبب في هذه العزلة بعد فرض سلسلة من العقوبات.