الفترة الماضية شهدت العديد من هذه الحوادث إثر تعرض نظاميين لاعتداءات مختلفة من قبل مواطنين أثناء عمليات إزالات مساكن عشوائية أو أثناء السيطرة على تفلتات أمنية، ولعل حادثة ريفي شمال أم درمان أمس الأول كانت آخر تلك المشاهد.. وطبقاً لرواية مصادر مطلعة فإن وزارة التخطيط العمراني أصدرت قراراً بإزالة قرية عشوائية قامت قرب قرية البادوبا بالريف الشمالي التابع لمحلية كرري، وعقب صدور القرار تم جمع معلومات عن القرية العشوائية ليتبين أن جل سكانها من القوات النظامية وتم إعلانهم بعد أن تم إخطار وحداتهم العسكرية التي بدورها أكدت على سيادة القانون أن على السلطات أن تنفذ أوامرها إزاء كل من يخالف ولا يتقيد بالضوابط . إثر ذلك تم تشكيل قوات مشتركة من مختلف القوات النظامية وبين القوات شرطة العمليات وشرطة حماية الأراضي الحكومية. وكانت القوة المشاركة في الإزالة كبيرة جداً، وتم الترتيب للإزالة وصدرت التوجيهات للشرطة بالتعامل وفق القانون، ووصلت القوة المشاركة في الإزالة إلى المنطقة العشوائية، وفي تلك الأثناء خرج عدد من مواطني المنطقة أصحاب السكن العشوائي، وحدثت تفلتات من بعض النظاميين وبينما قوة الشرطة تقف بالمنطقة فإذا بكمية من الرصاص تتجه ناحية دفار الشرطة وبالتحقيق تبين أن الرصاص صادر من أحد المنازل حيث احتمى منفذ الهجوم داخل أحد المنازل ومنه أطلق النار على الشرطة . اخترقت شظايا الرصاص والطلقات النارية تجمع الشرطة وأدت لإصابة (9) من أفراد شرطة العمليات وحماية الأراضي الحكومية إصابات متفاوتة، وفي الأثناء سارعت القوات المشتركة في القبض على المتورطين في الأحداث، وتم توقيف نحو (20) متورطاً، وبالتحقيق توصلت الشرطة للمتهمين الأساسيين وعددهم (3) نظاميين أحدهم ضبط بحوزته بندقية كلاشنكوف والآخرين ضبط بحوزتهما طبنجات، وتم تسليم المتهمين لوحداتهم بعد أن قيدت في مواجهتهم بلاغات جنائية وسيتم تقديمهم للمحاكمة، وتشير مصادر طبية إلى أن المصابين تماثلوا للشفاء عدا اثنين منهم تم حجزهما بالمستشفى لتلقى العلاج، وعلى الرغم من الأحداث إلا أن ذلك لم يمنع قوة الشرطة من إنفاذ ماجاءت إليه من عمل وفي حوالي السادسة مساء اكتملت عمليات إزالة المساكن العشوائية بالمنطقة، وتم تنفيذ توجيهات وزير التخطيط العمراني . كشف مصدر شرطي أن الشرطة في تعاملها مع الجمهور خاصة في حالات الإزالات أو الشغب أو أي أحداث أخرى تتجنب بقدر الممكن وقوع خسائر للطرف الآخر وتتعامل بحرفية، حتى في حالات توقيف متهمين، فالعملية تتم دون إيذاء، مالم تحدث مقاومة شرسة، لافتاً إلى أن الشرطة تسعى دوماً للحفاظ على سلامة المواطنين سواء كانوا متهمين أو غير ذلك بناء على التوجيهات التي تصدر من القيادات الشرطية لمنسوبيها والتي تلزمهم بالتريث في اتخاذ القرارات وتوصيهم بالانضباط. وأضاف المصدر أن كل الأحداث التي شاركت الشرطة في احتوائها أو السيطرة عليها غالباً ما تقع الخسائر وسط عناصر الشرطة بصورة أكبر وذلك لأن الشرطة تجتهد في اتباع سياسة ضبط النفس وعدم استخدام القوة المفرطة، لافتاً إلى أن الشرطة باتت تتضرر كثيراً فى سبيل تأدية واجباتها. القانون يعزز: الفقرة الثانية من المادة (45) من قانون شرطة السودان والتي عدلت وفق المرسوم الجمهوري المؤقت الذي صدر مؤخراً فإنها نصت على أنه (دون المساس بسلطات النيابة العامة في التحري لا يجوز اتخاذ أي إجراءات ضد أي شرطي إذا قررت الشؤون القانونية الشرطية أنه ارتكب فعلاً يشكل جريمة وقعت أثناء أو بسبب تنفيذه لواجباته أو أي أمر قانوني يصدر إليه بصفته هذه، ولا تجوز محاكمته إلا بإذن صادر من الوزير أو من يفوضه) ونجد أن الدستور أسند أمر سحب الحصانة والموافقة على تقديم الشرطي للمحاكمة إلى مدير عام الشرطة بدلاً عن الوزير. ويرى المستشار مجاهد عثمان أن المرسوم الجمهوري الصادر مؤخراً أخذ في الاعتبار أن أي فعل وقع من الشرطي أثناء أداء واجبه سبباً من أسباب الإباحة بحيث إن فعله لا يعتبر جريمة إلا إذا تجاوز الحد المعقول وبالتالي يصبح الشرطي قد نال حصانة أقوى أثناء تأدية واجبه وذلك سيمكنه من الدفاع عن نفسه بصورة أفضل . حوادث مماثلة .. لم تكن تلك الحادثة الوحيد فقبل أكثر من عام استشهد شرطيان وأصيب شرطيون أخرون إثر تعرضهم لإطلاق نار أثناء تنفيذهم كميناً للقبض على أخطر معتاد إجرام بالمنطقة الصناعية سوبا، كما أن شرطياً استشهد بولاية نهر النيل أثناء مداهمة منزل للخمور وفي أمبدة أصيب (6) من عناصر الشرطة جراء تفجير قنبلة قرنيت من قبل متهمين أثناء مشاجرة نشبت بينهم تدخلت الشرطة لفضها بمنطقة نيفاشا بأمبدة وأيضاً قتل شرطي أثناء مداهمة لأوكار خمور ببحري وغيرها من الحوادث، كما قتل شرطي بمنطقة دار السلام أثناء تفريق تظاهرة لعصابات متفلتة تحمل الأسلحة البيضاء وأثناء القبض على أحدهم قام بتسديد طعنة للشرطي فأرداه قتيلاً.