أقرت شُعبة الصيدليات بارتفاع في أسعار الدواء، عزاه رئيس الشعبة د.نصري مُرقس إلى المُفارقة بين أن يكون دولار الشركات التي تستورد الأدوية مدعوماً من بنك السودان وبين أن يتحصلوا عليه من السوق الأسود، وأضاف أن جُملة مبلغ استيراد حاجة السودان من الدواء للقطاع العام والخاص لا يتعدى ال 380 مليون دولار في العام، وفر منها بنك السودان 80 مليون دولار للقطاع العام "صندوق الإمدادات الطبية"، ومن 300 القطاع الخاص لم يفِ البنك إلا ب 35% من المبلغ. ويقول مُرقس إنه منذ ذلك العهد لجأت شركات القطاع الخاص لتوفير حاجتها من النقد الأجنبي من السوق الموازي، ما أدى للقفز الكبير في ارتفاع أسعار الدواء إلى أكثر من 100%، وسينطبق ذلك على الأدوية التي يتم استيرادها من الآن فصاعداً، وحذر من استمرار الوضع على ما هو عليه لأنه من شأنه أن يحرم السواد الأعظم من المرضى من الدواء بسبب جنون أسعاره، وأضاف أنه قبل تطبيق سياسات التحرير الأخيرة كانت هنالك أدوية قليلة السعر تُرهق المرضى، والتي قال إنها قد لا تُمثل الجرعة العلاجية الصحيحة، وربما يترتب على ذلك نشوء حالات مناعة للكثير من الميكروبات، وأشار إلى أن كطبيب صيدلي يتعرض لكثير من التهكمات من المرضى عندما يأتوا للصيدلية فيُفاجأوا بارتفاع الأسعار، ويمضي مُرقس في حديثه ل(السوداني) إلى أن الارتفاع المستمر في أسعار الدواء لن يُحسم أمر إلا إذا حُسم أمر الدولار، مُبدياً أسفه على أن كل المؤشرات الاقتصادية لا تُنبئ بانخفاض لسعر الدولار بحسب روايات كثير من الاقتصاديين، وعليه فاحتمالية أن تمضي أسعار الأدوية في الارتفاع واردة جداً. انعدام "الأفاستين": بحسب د.عمر الزين من صيدلية المودة بالخرطوم فإن الأمر ليس تذبذباً وارتفاعاً في الأسعار وحسب، وإنما بالإضافة إلى الاثنين يوجد شُحٌّ في بعض العقاقير التي وصفها بالمهمة، وقال الزين في حديثه ل( السوداني) إن هنالك ندرة في قطرات العيون، وخاصة عقار "الأفاستين" الذي اختفى تماماً خصوصاً بعد حادثة مستشفى مكة، إضافة إلى انعدام في أدوية الأمراض النفسية، والأدوية المُخدرة وباتت تحتاج للتصديق من جهات أمنية لا علاقة لها بالمجلس القومي للأدوية والسموم، بحجة أنها باتت تستخدم في اغراض اخرى، فإجراءاتها صارت مُعقدة لا تُحبذ الشركات استيرادها وعليه انعدمت في الصيدليات. الشركات الوهمية: ارتفاع أسعار الدواء لم يستثنِ عقاراً، وطال جميع الأصناف، إضافة إلى أنه تسبب في شح وانعدام كثير من الأدوية زهدت الشركات في استيرادها، ولخصها د.مدثر علقم من صيدلية السودان، بأنها تتمثل في أدوية السرطانات والأمراض النفسية وأدوية المصران العصبي وبعض أدوية السكر وأدوية التهاب البول. ويمضي علقم في حديثه ل(السوداني) إلى أن أدوية أمراض الكلى موجودة في الإمدادات الطبية وتوزعها على صيدلياتها، لكن بقية الصيدليات كل المؤشرات تذهب لانعدامها في القريب العاجل خاصة حقنة (الابريكس). في سياق آخر طالب علقم الجهات العدلية "بتسريع الإجراءات لمحاسبة شركات الدواء الوهمية ال34 التي بددت دعم البنك المركزي للدواء في أغراض أخرى"، مؤكداً أنهم تسببوا في إحداث أزمة في الدواء ما تزال آثارها مستمرة يجب أن يُحاكموا ليكونوا عظة لغيرهم. ندرة وليست زيادات: في صيدلية (رهف) ببري كانت أبرز الأدوية المُختفية هي أدوية الأزمة "معظم البخاخات" إضافة لأمراض الصرع والأمراض النفسية وأدوية بعض أمراض العيون. وكشف حسام زين الدين في حديثه ل(السوداني) إلى أن ارتفاع الأسعار زاد بشكل كبير منذ تحرير الدولار بسبب عدم توفير العملات الأجنبية، إلا أن أسعار الأدوية تختلف على حسب الشركات التي توفرها، وفي ذات الصيدلية بث عدد من المرضى الموجودين شكواهم عبر الصحيفة إلى الجهات المعنية بتوفير الدواء مؤكدين على أن ارتفاع الأسعار صعب لكن الأصعب انعدامه.