يتداول السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي هاشتاق (#أنقذوا _ وليد) الذي يجد تعاطفا كبيرًا من قبل رواد الأسافير وصفحاتهم التي تبنت قضية وليد عبد الرحمن حسن سليمان الشاب السوداني الذي اعتقلته السلطات المصرية منذ أيام بزعم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وعمله على حشد التظاهرات المصرية، كما قالت فيديوهات بثتها قنوات مصرية للشاب السوداني. ماذا حدث؟ مساء الأربعاء عرض برنامج المذيع المصري عمرو أديب (الحكاية) على شاشة قناة (mbc) مصر فيديو مسجل لشاب سوداني يدعى وليد عبد الرحمن حسن، يقر فيه بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وأنه مبتعث من جانب الجماعة لرصد التظاهرت والحشد لها وتنظيمها. وزاد عمرو أديب مقدم البرنامج بقوله إن الشاب السوداني شارك بفاعلية في تظاهرات إسقاط نظام عمر البشير، وأتى إلى القاهرة بعد توجيه الجماعة للعمل على تنظيم التظاهرات ضد النظام المصري. حديث أديب قوبل بسخرية كبيرة على منصات التواصل في السودان التي تهكمت على حديث مقدم البرنامج المصري وسخرت منه قبل أن تصفه بالجاهل لجهة أن مشاركة وليد بفاعلية في ثورة ديسمبر دليل براءة من الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، فكيف له أن يتجه إلى مصر ليساعد جماعة كهذه لأن تحكم وهو من شارك في وضع حد لحكمها في السودان؟ واتهمت منصات التواصل السلطات المصرية بتلفيق التهم لوليد. حديث السفارة السفارة السودانية في القاهرة بدورها أكدت شروعها في التواصل مع السلطات المصرية ممثلة في وزارة الخارجية المصرية بعد ما ورد من أنباء عن اعتقال المواطن السوداني وليد عبد الرحمن حسن سليمان، بتهمة المشاركة في أعمال مخالفة للقانون، موضحة في بيان أمس أنها تتواصل مع وزارة الخارجية المصرية والجهات ذات الصلة للوقوف على الحادثة والاطمئنان على أحوال مواطنها المحتجز. وأكدت السفارة متابعتها اللصيقة للأمر في إطار مسؤولياتها عن رعاية وسلامة المواطنين السودانيين المقيمين بجمهورية مصر العربية، كما أنها ستُوالي إطلاع الرأي العام على التطورات والمستجدات الخاصة بالقضية. ماذا قالت أسرته؟ أسرة وليد وعلى لسان خاله محيي الدين الزاكي، قطعت ل(السوداني) بأن وليد بعيد تماما عن العمل السياسي لدرجة أنه لا يفرق بين الأحزاب ناهيك عن أيديولوجيا ويمين ويسار، مبينا أنه شارك بفعالية في ثورة ديسمبر الأخيرة شأنه شأن غالبية شباب البلاد الذين خرجوا طواعية لتغيير وضع بلادهم إلى وضع أفضل، مشيرًا إلى تعرض ابن شقيقته للاعتقال مرتين من قبل نظام البشير الإسلاموي خلال عمر الثورة السودانية، أولها كان في بواكير الحراك الثوري في ديسمبر، وأنه زاره بمعتقله بمقر الأمن بضاحية الحاج يوسف حيث منزل العائلة، قبل أن يخرج ويتم اعتقاله مرة أخرى في أحد المواكب. وأبان محيي الدين أن ذهاب وليد إلى مصر جاء بناءً على قرار الأسرة لاستغلال فترة تعليق الدراسة في السودان ومن ثم زيادة قدراته في تعلم اللغة الألمانية التي يدرسها بجانب دراسته الجامعية في جامعة أم درمان الأهلية كلية الاقتصاد، وأضاف: وليد تأخر سفره بسبب حرصه على البقاء في اعتصام القيادة العامة، لحين تحقيق المطالب الشعبية رافضا أي حديث عن سفره آنذاك. وأوضح الزاكي أن شهادة أصدقاء وزملاء وليد سواء في الحي أو الجامعة ومعارفه تؤكد أنه لم ينتمِ يوما إلى أي تنظيم سياسي. وأكد محيي الدين أن الأسرة فوجئت برؤية ابنها في برنامج تلفزيوني وهو يتحدث ويدلي باعترافات بأنه ضمن عناصر إخوانية تسعى إلى نشر الفوضى في مصر، لافتا إلى أن وليد لا يسكن بضاحية (عابدين) كما زعم عمرو أديب، مشيرا إلى أنه يسكن ب(فيصل) بناءً على طلب الأسرة التي قدرت بقاءه بمفرده حتى يتسنى له التقليل من استخدام اللغة العربية لصالح الألمانية. تصدير أزمة بينما اعتبر المحلل السياسي والحقوقي حاتم الياس في حديثه ل(السوداني) أن ما يتعرض له وليد من اعتقال السلطات المصرية له يعد درجة صغيرة وخطوة أولى في طريق خلق أزمة أكبر مع السودان، مبينا أن الطريقة المثالية للأنظمة العربية في تصدير الأزمات خارج الحدود تتمثل في استدعاء ما وصفه بشيطان الشوفينية والشعبوية في مواجهة عدو خارجي وجار قريب. الياس طالب بالتعامل مع الملف بقدر عال من الانضباط والمسؤولية للحفاظ على سلامة وليد البريء بحسبه أولا، ولعدم إعطاء الفرصة لتنفيس أي أزمة يعيشها الآخرون عبر السودان. وأشار حاتم إلى أن غالبية التواترات في العلاقات بها ضحايا من عامة الناس للترويج الإعلامي عبر ما يعرف بسيناريو البحث عن ضحايا وهو سيناريو إفريقي، مناشدا المحامين المصريين الدفاع عن الشاب وليد. كما دعا القانوني حاتم المجتمع السوداني لترك التعامل مع الأزمة للجهات الرسمية رغم الموقف النفسي الهش إزاء تصرفات السلطات المصرية وحالة الاحتقان الشعبية تجاه السلطة المصرية. صدى الخرطوم ردود الفعل على الأرض ترجمها تنظيم شباب سودانيين لوقفة احتجاجية أمام مقر السفارة المصرية بالخرطوم تُطالب بالإفراج الفوري عنه، فضلا عن وقفات مماثلة بعدد من طرق العاصمة ومناشدات لوزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة بضرورة التدخل وإعادة وليد إلى السودان، بالإضافة إلى تصدر صورته غالبية صفحات لجان المقاومة والحراك بالأسافير وإصدار بيانات تندد بموقف السلطات المصرية تجاهه، فضلا عن دعوات لتنظيم موكب يوم السبت المقبل إلى مبنى القنصلية المصرية، بالإضافة إلى بروز دعوات أخرى بالتوجه إلى سفارة مصر بالخرطوم ووزارة الخارجية السودانية لتسليم مذكرة تطالب بالإفراج الفوري عنه. عموما بغض النظر عن مبرر السلطات المصرية في اعتقال وليد، إلا أن بصيص الأمل برز بشكل واضح في حالة التضامن الجماهيري السوداني إزاء مواطن سوداني يتعرض لما يراه الكثيرون ظلما، وهو أمر يشي بعودة النخوة والكرامة للجسد السوداني، ما يفرض على العالم إعادة حساباته تجاه الرعايا السودانيين وإدراك أن الخرطوم لم تعد عديمة الكرامة بفضل نظام البشير وأشباهه. ::: مصحح/حاتم