على خلفية ما قام به وزير التربية والتعليم بولاية الجزيرة، تجاه أحد النواب، فقد حدثت بعض المواقف المشابهة لخروج بعض السياسين والقادة عن المألوف، ففي العام 2007م، حاولت عضو المجلس الوطني، فاطمة أحمد إبراهيم، الاعتداء على أبو القاسم محمد إبراهيم أثناء جلسة المجلس الوطني، ورفضت الانصياع لطلب رئيس الجلسة، أتيم قرنق، الذي دعاها للجلوس في مقعدها، متهمةً أبو القاسم بقتل زوجها، فيما وُصف تصرف فاطمة بالغير مقبول. حوار ولكن! على الرغم من أنها كانت جلسات حوار، حيثُ هناك متسعٌ للآراء المختلفة والنقاشات، لكن في ديسمبر من العام 2015م شهدت جلسة قضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ملاسنات بين ممثل الجبهة الثورية بشرق السودان، ورئيس اللجنة بروفيسور بركات موسى الحواتي، على خلفية الاحتجاج الذي قدمه ممثل الجبهة لإثارة رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، التيجاني السيسي، ومساعد رئيس الجمهورية جلال الدقير، لرؤية حزبيهما أثناء طوافهما على اللجنة، على الرغم من أنهما جاءا كممثلين رسميين للحكومة، ووفق تقارير إعلامية فقد رفض رئيس اللجنة احتجاج ممثل الجبهة، ما أدى إلى وقوع ملاسنات بينهما، قام على إثرها الحواتي بصفع ممثل الجبهة. أما في ديسمبر من العام 2012م وقعت ملاسنات حادة بين رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، وعضو البرلمان عبد الله مسار، حيثُ شهدت الجلسة الأخيرة للمجلس الوطني ملاسنات بين الطاهر وعضو البرلمان ووزير الإعلام السابق " عبد الله مسار "، على خلفية تجاهل تكوين لجنة برلمانية بشأن طريق الإنقاذ الغربي. افشال مشروعات ربما توقفت بعض ملاسنات وشجارات السياسين دون أن تؤثر على مجريات بعض الأحداث، إلا أن ما حدث في أغسطس من العام 2015م بفندق السلام روتانا من اشتباكات بين منسوبي حركات دارفور- مجموعتين محسوبتين على القيادي بحر إدريس أبو قردة، والدكتور التجاني السيسي- ووسط حضور دبلوماسي أدى لافشال تدشين مشروعات التنمية بدارفور وإلغاء التوقيع، حيث وصل الأمر بين المجموعتين إلى عراك بالأيدي. دور الأحزاب لمدى طويل خلال العام 2017م تصدرت خلافات الحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل وسائل الإعلام، ففي مارس من العام 2017م حدثت احتجاجات واسعة داخل الحزب خلال اجتماع اللجنة العليا للإعداد للموتمر العام للحزب الذي إنعقد بضاحية الرياض شرقي الخرطوم، لتنتقل العدوى ويحدث عراك واشتباك بالأيدي في اجتماع المكتب السياسي للحزب بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر. أما في أبريل من نفس العام، عقب احتدام الخلاف بين مجموعة إشراقة سيد محمود، والأمين العام المكلف للحزب الاتحادي الديمقراطي د.أحمد بلال عثمان، تطورت الاشتباكات الحادة التي دارت في الأمانة العامة ووصل الأمر إلى إطلاق الرصاص لفض الاشتباك بين مجموعات الحزب، وقد اتهمت إشراقة في ذلك الوقت مجموعة أحمد بلال بالتخطيط لإغتيالها، من خلال استخدام عبوات غاز، والعمل على حرقها داخل مكتبها بدار الحزب وهو ما نفته مجموعة الأمين العام. أما في 1976م فإن رواية أخرى سادت، كان مفادها أن الغزو في ذلك العام خلق حالة من التوتر التي سادت بين أفراد مجموعة نميري جعلتهم يشتبكون بالأيدي مع بعضهم البعض، رغم وجودهم في مركب واحد. أما بعد فشل إنقلاب هاشم العطا، حدثت إعتداءات باليد من أعضاء مجلس قيادة مايو تجاه المعتقلين ممن كانوا في وحدتهم. احتقانٌ وغُبن حالاتٌ أخرى ارتبطت بشيءٍ من الإحساس بالغبن وغياب العدالة، ففي العام 1986 تصادف أن إلتقى خالد حسن عباس، الذي كان نائبًا لجعفر نميري حين قام بزيارة للشركة العربية للتنمية الزراعية، بإحدى كريمات الراحل بابكر النور رئيس مجلس قيادة انقلاب هاشم عطا، لتحدث مخاشنة لفظية من قبل كريمة بابكر النور، ثم محاولة إشتباك، وكانت تشعر بالغبن بإعتبار أن خالد أحد الذين ساهموا في إعدام والدها. أيضاً بعد عودة الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري من منفاه في مصر، وجدته أرملة عبد الخالق محجوب في إحدى بيوت العزاء وهتفت ضده مستخدمة هتافات سياسية ضد وجوده في العزاء، وتشير آراء إلى أن حدوث مثل هذه الحالات، مرده لعدم رضا المجموعات ذات العلاقة المباشرة بالأزمة، لغياب محاكمة رادعة تجاه من أرتكبوا الأخطاء لتكون حالة الغبن نوعاً من التنفيس عن إحتقان داخلي. غياب أدوات على صعيدٍ آخر، فإن ما يؤدي لحدوث ملاسنات أو تعدي بالضرب بين السياسين، هو الإفتراض بأنهم الأقدر على إدارة الإختلاف مع الآخر واستيعابه، مع وجود الآليات التي تتحدد وفقاً لها ممارسة الاختلاف، وعدم تحول الخلاف من مبدئي إلى شخصي، فالخلافات حين تطبع بالطابع الفكري والسياسي تكون موضوعية و تقبل فيها الأراء. ممارسة ديمقراطية يعزي المحلل السياسي الحاج حمد، وقوع مثل هذه الأحداث إلى ضعف التربية السياسية والإدراك العام وعدم الإلتزام بالقانون، بينما يشير أمين عام الحزب الجمهوري عصام خضر، إلى أن الظاهرة في أصلها سلوك مرتبط بالنفس البشرية، وأنها ليست مرتبطة بالبرلمانات، سواء كانت إقليمية أو مركزية بل بالتربية المدنية للناس وقبول الرأي الآخر. بالمقابل، يشير المحلل السياسي الصادق الزعيم، إلى حدوث نوع من الانفلات في الآونة الأخيرة بالمجالس التشريعية، عازيًا وجودها في حديثه ل(السوداني)، إلى عدم الإلتزام بالقوانين واللوائح، لأن المجالس التشريعية هي مجالس يجب أن تمارس فيها الديمقراطية بشكل واسع، لافتًا إلى تدني الوعي وعدم قبول الرأي والرأي الآخر، وأنها ظاهرة دخيلة على المجتمع السياسي السوداني.