حالياً يستضيف السودان أسقف كنيسة كانتربري، في ظل اهتمام غير مسبوق، فما هو المبرر؟ الوفد الذي يزور السودان على رأسه كبير أساقفة الكنيسة الأنجليكانية وكبير أساقفة كانتربري، وهو يمثل كل الكنائس الأنجليكانية في العالم، وحالياً تم تدشين هذا المجمع في السودان ليكون المجمع رقم 39 في العالم. كثيرون يرون أن الزيارة جاءت كابتزاز في توقيت تمديد العقوبات؟ أبداً هذا حديث خيالي، لأن التخطيط لهذه الزيارة والمجمع تمت في سبتمبر 2016م قبل أن يكون هناك أي حديث عن عقوبات، وصادف أن يتزامن الزيارة مع قرارات التمديد. ولماذا تأخر تنصيبكم لست سنوات عقب انفصال الكنيسة الأسقفية الجنوبية؟ كان لا بد أن يتم في هذا التوقيت، بحكم وجود ترتيبات وإجراءات قانونية وشرعية، لذا تأخر التنصيب إلى هذا الوقت.. فالكنيسة الأنجليكانية مكونة من هيئات مختلفة، ويتحتم أن يكون في كل بلد إقليم أو مجمع للكنيسة. وكانت الكنيسة واحدة ولكن عقب انفصال الجنوب كان لا بد للكنيسة أن تنفصل أيضاً، ولإكمال الإجراءات أرسلت الكنيسة وفداً إلى السودان لتقييم ما إذا كان المسيحيون الموجودون في السودان يستحقون أن يكون لهم إقليم لوحده.. وبعد التقييم وجدوا أن الكنيسة في السودان تستحق أن تكون إقليماً ومجمعاً لوحده. وما هي شروط أن يكون في البلد مجمع؟ لا بد أن تكون الكنيسة موجودة في كل البلد وممتدة على نقاط الدولة، ويجب على الأقل أن تكون هناك أربع أبرشيات أو مطرانيات، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون هناك كوادر حتى تقوم بأمور الكنيسة، والآن تم تدشين المجمع وفيه خمس أبرشيات.. أبرشية الخرطوم وتضم ثلاث ولايات هي الخرطوم ونهر النيل والولاية الشمالية، وأبرشية مدني وتضم الجزيرة وسنجة والنيل الأبيض والأزرق، وأبرشية كادوقلي وتضم ولايتين هما جنوب كردفان وغرب كردفان، أما أبرشية الأبيض فتضم شمال كردفان وكل دارفور، وهذا هو مجمع الكنيسة الأسقفية. وهل يختلف عن بقية مجمعات الكنائس الأخرى؟ يختلف عن الكنيسة الكاثوليكية والأنجيلكانية في العادات والتقاليد ولكن الإيمان واحد. هل يرتبط وجود الكنيسة بعدد محدد من الأتباع؟ نعم، وخاصة عدد الأبرشيات، ولكنه ليس مهماً بالنسبة لعدد الأتباع فقط يكون عدداً مقدراً، أما الأبرشيات فهي على الأقل أربع، ولكن لا يوجد عدد محدد للأتباع. هل تعرضتم لأي مضايقات أو محاولات منع لأداء شعائركم الدينية؟ بالنسبة للحريات الدينية للكنيسة في السودان مقارنة بالكثير من البلدان، فإن الكنيسة في السودان أحسن بكثير جداً مقارنة بغيرها. كيف؟ هنا تجد في البيت الواحد مسلماً ومسيحياً، وفي المناسبات الكنسية تجد الدولة تهنئ المسيحيين، وإذا كانت هناك مناسبات كنسية تجد الدولة تحمي المسيحيين في مناسباتهم الخاصة. هذه من الأشياء الجميلة في السودان مقارنةً بالدول الأخرى الإسلامية. صحيح هناك أشياء بسيطة وصغيرة عندما تحدث يتضايق منها البعض، وهي تأتي من خلال أفراد، كتصديقات مباني الكنيسة حيث نجد صعوبات للحصول على التصديق، ونحن تحدثنا مع الوالي وعلمنا منه أن هناك نظماً وأذوناتٍ وأوراقاً حتى يمكن عبرها استخراج التصديق، وكان ذلك أكبر معوق، وهو الأمر الذي أوجد كنائس عشوائية كثيرة على طول العاصمة، وغير مبنية لأنها موجودة من قبل تخطيط المدن، بالتالي عندما يأتي الشخص لتوفيق وضع تلك الكنائس نجد صعوبة، والحكومة إذا وفقت تلك الأوضاع فلن تكون أي مشكلة. أما بالنسبة للعبادة نفسها يوم الأحد فلا توجد مشكلات فالناس تصلي وتذهب. وما رد فعلكم على البيانات التي ترفض تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟ هذا سلوك أفراد وهو غير حميد، لكن لا نقول إنها الحكومة، وحقيقة الناس تسمع أن من يهنئ المسيحيين كافر ويتضايقون من ذلك، بالإضافة إلى المُلصقات التي تسيء للمسيحيين.. كما أن هناك مسلماً متطرفاً يوجد مسيحي متطرف، بالتالي فإن مثل تلك الأمور تُغذِّي التطرف. لذا يجب أن يكون هناك حوار في ظل الاختلاف وأن يعيش الناس مع بعضهم. من حديثك فأنت تقر بحرية أديان في السودان وعدم وجود اضطهاد للمسيحيين في السودان؟ أنا أختلف مع الناس الذين يقولون إن السودان فيه اضطهاد للمسيحيين، ولكن يمكن أن يكون هناك نوع من التمييز، بمعنى أنه حتى بين المسيحيين أنفسهم يمكن تفضيل شخص على آخر، في المناسبات الكبيرة التي تضم كل الفئات نجد أن بعض الكنائس تُقدَّم وأُخرى يتم إهمالها. لكن، ألا يوجد اضطهاد؟ لا يوجد اضطهاد للمسيحيين في السودان، لكنّ هناك نوعاً من التمييز. إقرارك يفرض سؤالاً حول صمت الكنيسة باعتبارها جزءاً من المكون الاجتماعي والديني في السودان إزاء اتهامات عدم وجود حريات دينية في السودان وأنه تم اضطهادهم وتم هدم دور عبادتهم؟ الكنيسة لم تسكت أو تصمت بل كنا نتحدث ولكن لم نجد المنابر حتى يصل رأينا وقول ما نراه.. لكن أعتقد أن الوفد الزائر الكبير للكنيسة الأنجليكانية ووصوله في السودان، والاهتمام الكبير من الدولة الذي نقدره ووصولهم وإقامتهم وحراستهم يدل على الاهتمام بكل الناس.. لذا أعتقد أن غياب المنابر هو السبب في خفوت الصوت. وهل تمتلك الكنيسة النفوذ والسطوة على مستوى العالم وقدرة على إقناع الآخرين بعدم وجود أي اضطهاد للمسيحيين في السودان؟ كبير الأساقفة كلامه مسموع وهو جاء وشاهد بنفسه وذهب إلى جنوب كردفان ورأى التعايش الموجود بين المسلمين والمسيحيين، والولاية اهتمت بزيارته، ووضح وصرح بأن هناك تعايشاً سلمياً بين الأديان في السودان. ماذا تم في لقائكم بالرئيس؟ لقاؤنا بالرئيس كان واحداً من الأشياء التي تطرق إليها الحريات الدينية، والرئيس أكد على التعايش وأن هناك وزراء مسيحيين في الحكومة، وكان ذلك من النقاط.. وتطرق الرئيس لملف العقوبات الدولية وخاصة أمريكا وأن عدم الرفع باطل وغير صحيح، وأن الدولة ستصبر لترى ماذا سيحدث. رشح أن الكنيسة التزمت بدعم رفع العقوبات عن السودان؟ بحسب حديث كبير أساقفة كانتربري وزيارته ومتابعته للوضع سيعود ليقول كل ما رآه، وهو أساساً تحدث وأقر بذلك بل سيعمل على رفع العقوبات عن السودان. هل نتوقع أن يرتفع صوت الكنيسة للدفاع عن السودان؟ الكنيسة الأسقفية السودانية كنيسة وطنية كبيرة والتتويج فتح أبواباً وقنوات لمنابر للحديث، وقابلنا الرئيس ووزير الخارجية والوالي ووزير الإرشاد. الملاحظ أن لجنة الدفاع عن الحريات الدينية الأمريكية (سي بي سي) على مدار عامين متتاليين 2015م -2016م كتبت تقارير تتهم السودان بغياب الحريات الدينية، فأين كنتم؟ كما قلت فإن ثمة أشياء صغيرة هي التي تجعل تلك الجهات تتحدث كموضوع الكنائس العشوائية التي لا يريدون منح تصديق لها، وصحيح القانون يجب أن يمشي على الجميع، ولكن نتساءل لما لا توفق أوضاع الكنائيس العشوائية.. وأعتقد أن ذلك تساؤل. لمن وجهت السؤال؟ وما هو الرد؟ لوزير الإرشاد.. ولكن الرد لم يقنعني لأن تلك الكنائس موجودة قبل تخطيط المدن، فكيف أجد بيتاً كمسيحي لأسكن فيه، ولا يمنحني مكاناً لممارسة عبادتي.. هذا هو ما يراه المسيحيون إشكالية. هناك أعداد كبيرة في ضواحي العاصمة من المسيحيين كالحارة 48، التي يوجد بها مسيحيون بنسبة 65%، ودار السلامات، والفتح، ولا يوجد بها كنائس سوى تلك العشوائية المكونة من رواكيب في ميادين. ولكن ما نحتاج أوراقاً رسمية ليتم تقنين وضع الكنائس. بالمقابل هناك اتهامات للكنيسة بأنها تعمل على استغلال الأوضاع الاقتصادية السيئة في المناطق المأزومة وتعمل على التبشير بالمسيحية؟ أعتقد أن ذلك الاتهام باطل لأن الكنيسة نفسها ليس لديها استطاعة لتساعد نفسها، أو ترعى أتباعها فكيف تُغري الناس؟ وبماذا؟ أعتقد أن ذلك غير صحيح.. أما ما يخص التبشير سواء المسيحية أو الإسلام أو أي دين فالأصل أن الديانات تبشيرية ولكل شخص الحق في توصيل رسالته، من يقبل له خياره ومن يرفض له الحق.. أعتقد أن ذلك ليس محل خلاف بين الناس، ربنا أعطى الجميع عقولاً لممارسة الاختيار، فإذا اخترت أتباع إبليس سأدفع الثمن وإذا اتبعت الهدى فهذا أيضاً خياري بالتالي عقوبة الدين هي ملك لربنا. يجب أن يقتنع الجميع أن ربنا منح الجميع حق الخيار وعلى كل شخص توصيل رسالته بلا إجبار، وهذه رسالة الكنيسة: محبة وسلام. ماذا دار بينكم ووزير الخارجية؟ غندور رجل فاهم وعاقل ومثقف ومعظم الحديث دار حول التأشيرات الأجانب الذين يأتون إلى الكنيسة، حيث كانت هناك صعوبات في الدخول وتأخير في منح التأشيرات، وكان متفهماً ومتجاوباً وأبلغنا أنه إذا كان هناك ضيوف قادمون للكنيسة فعلينا إخطاره في أي وقت. بالتالي زيارة رئيس أساقفة كانتربري كانت إيجابية. قلت إن دارفور جزء من مجمع الكنيسة، فهل هناك مسيحيون في دارفور؟ فيها مسيحيون.. ولدينا كنيسة في الفاشر والجنينة وليسوا كثيرين.