الزيارة رائعة بكل المقاييس، فلطالما تطلعت لزيارة السودان ولرؤية الخرطوم ومقابلة الناس.. وحقيقة لقد غمرت بكرم الضيافة والترحيب والسلام العظيم غير المتوقع والسودانيون لهم كرم وحسن استقبال، وهذا في تقديري أمر جيد جداً. لكن المهم هو كيف ترى الحريات والتعايش الديني في السودان على ضوء الجولات التي قمت بها؟ (يضحك).. هذه هي النقطة إذاً.. نعم.. فالجميع يحرص على معرفة تقييمك للأمر؟ كل ما يمكنني قوله إن الحديث عن الحريات الدينية يستوجب أن يستوعب الجميع أن الحريات الدينية نفسها جزء لا يتجزأ من منظومة الحقوق المدنية التي تعرف بأنها الحقوق التي منحت لجميع المواطنين من قبل الدولة، وتتضمن الحق في الحصول على التعويض، والحق في الخصوصية والحريات الشخصية، والحق في الاحتجاج السلمي، والحق في محاكمة عادلة والحق في الحرية الشخصية، والحق في حرية التنقل والحق في الحماية المتساوية والحق في التدين أو العبادة.. لكنني أقصد كيف ترى أنت موقف الحريات الدينية في السودان؟ الحريات الدينية وفقاً للمعايير تكون على عدة مستويات البسيط والمتوسط والأعلى.. أما على المستوى البسيط فإنها تتضمن حق التجمع والتقاء مجموعة من الناس بشكل يومي، بينما على المستوى المتوسط فهو حق الاستفادة من الخدمات العامة دون تمييز على أساس ديني مثل دخول المدارس والجامعات، والاستفادة من الخدمات في مؤسسات الدولة والمستشفيات.. والمهم بالطبع على المستوى الأعلى الذي يتعلق بالحكومة وسياساتها تجاه رعاياها أي يجب أن تدار حرية الأديان في المدارس والجامعات وأماكن العمل، وفي أعلى مستوى الحكم لكنها تحتاج إلى ممارسة في أرض الواقع وأن تكون على أعلى المستويات.. كل هذه المستويات الثلاثة يجب أن تهدف لذات الغاية التي تتمثل في الاحترام المحايد للمعتقدات، لذا يوماً بعد يوم تتباين احتياجات الناس تبعاً للمستويات الثلاثة السابقة التي أشرت لها. وهل سياسة السودان واضحة في هذا السياق؟ الأمر لا يتطلب أو يقتضي مجرد وضع سياسات واضحة بل الأهم من ذلك هو التطبيق العملي أيضاً على كل هذه المستويات. في سياق زيارتك للسودان التقيت بالرئيس ووزير الخارجية.. فما هي مخرجات تلك اللقاءات؟ الأمر الذي كان يبدو واضحاً من خلال الاجتماع مع القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عمر البشير والوزراء، هو أن للسودان سياسة حكومية واضحة تجاه رعاية الأديان واحترام حرية الأديان.. ولكن ما كان بارزاً أيضاً أن السياسة الحكومية السودانية تجاه رعاية واحترام حرية الأديان تحتاج للتطبيق في كل مستوى من المستويات على حدة. رغم رأيك الإيجابي.. إلا أن السودان متهم بغياب حرية الأديان بل واضطهاد للمسيحيين؟ أعتقد أن هناك بالفعل انطباع في العديد من دول العالم بأن ثمة اضطهاد يمارس ضد المسيحيين في السودان وأن هناك ضغطاً في مسألة حرية الأديان في السودان، وعلى الدوام ظل هذا السؤال معقداً للغاية أكثر مما يتصور الكثيرون، ولكن من الواضح ويمكن أن أقوله أن هناك سياسة واضحة لحقوق الأديان، وأن العديدين يتمتعون بحقهم في التعبد كل أحد وهناك مستوى كبير من التسامح الديني.. وبرهاننا على ذلك افتتاح الكنسية وهي مؤشر يدل على حرية الأديان والعبادة، وفي هذا الافتتاح كانت الحكومة فيه حضوراً، لذا نحن نؤكد وجود حريات أديان ونعمل على توضيح هذه الرؤية لجميع أنحاء العالم، وما ظللت أردده طوال هذه الزيارة على مسامع الحكومة لنساعد بعضنا البعض ولنعمل معاً لتفادي الأشياء السلبية حتى لا يكون هناك عذراً أمام العالم للحديث عن عدم وجود حريات دينية في السودان.