ما تزال أصداء التغطية الإعلامية متواصلة لاتفاق التعاون ما بين دولة السودان وجنوب السودان بين الرئيس عمر البشير ونظيره سلفاكير باديس أبابا حيث تباينت الآراء حول الاتفاق. خطوة هامة اعتبر تقرير حديث بمجلة (ذي أطلانتك) الأمريكية أن الاتفاقية التي وقعت مؤخرا بين السودان ودولة الجنوب خطوة هامة في طريق تطبيع العلاقات بين الدولتين وتساءل التقرير هل ستكون الاتفاقية كافية لتحقيق ثقة دائمة بين العدوين القديمين؟ وقال الكاتب أرمن روز إن صورة احتفال توقيع الاتفاقية التي نشرها مراسل صحيفة مكلاتشي الأمريكية ألان بوزويل بحسابه على موقع التفاعل الاجتماعي (تويتر) والتي تظهر الرئيس البشير وهو يرمق الرئيس السابق لجنوب إفريقيا والوسيط الحالي للاتحاد الإفريقي ثابومبيكي وهو مقطب الجبين بينما ينظر رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت لحشد من الصحفيين بلا مبالاة تعكس أنه مجرد جلوس علني للرجلين بمناسبة التوقيع على اتفاقية من المفترض نظريا أن تحل عددا من القضايا العالقة بين الدولتين الجارتين. مشيرا الى أنه بحسب مراسل قناة ال(بي بي سي) جيمس كوبنال فإن الاتفاقية ستضمن فتح المعابر الحدودية بين الدولتين بجانب فك الحصار المفروض على البضائع والتي كان له تأثير كبير على ارتفاع أسعار الغذاء بالمناطق الحدودية الفقيرة بدولة الجنوب، ويرى روز أن الاتفاق يضمن حرية الوصول والتنقل بين البلدين. واعتبر روز أن الاتفاقية حلت أكثر القضايا إلحاحا بالنسبة للدولتين فيما يتعلق بتقسيم عائدات النفط حيث كانت الخرطوم تأمل في الحصول على 5.4 مليار دولار كتعويض لفقدها 2/3 من عائدات النفط بانفصال الجنوب – الأمر – الذي اعترضت عليه دولة الجنوب وقررت إيقاف إنتاج النفط على أن تدفع (30) دولار كرسوم عبور للبرميل – الرسوم – التي تعادل (15) مرة الرسوم بالأسواق العالمية، وبينما يمثل النفط مجمل إيرادات دولة الجنوب تقريبا يمثل 50 % من ميزانية دولة الشمال و90% من عائدات صادراتها، ويشير روز الى أن قرار إيقاف النفط كان قرارا مدمرا للطرفين وأنه اضطر الدولتين الى القيام بإجراءات تقشفية لم تحظ بشعبية، وأن دولة الجنوب كادت بسبب قراراها بإيقاف النفط أن تدفع بنفسها الى حافة الهاوية باتخاذ هذا القرار "لتلوي ذراع خصمها". ويرى روز أنه حتى في حال الوصول الى اتفاقية شاملة لكل القضايا العالقة بين الجانبين فيجب بلورتها في سياق سياسي خاصة وأن كلا الجانبين لا ينطلقان من قاعدة صلبة فالخرطوم تواجه ضغوطا سياسية واقتصادية وأمنية وفي ذات الوقت على دولة الجنوب معالجة مواجهة أزمة فساد كبيرة، مشيرا الى حاجة الدولتين الى الوصول الى اتفاق يغير ديناميكية التعامل بين الدولتين ذات العداء المزمن ولكن تظل هذه الاتفاقية التي بنيت في ظل عدم الاستقرار واليأس المتبادل نوع من الاتفاقيات التي لا تجلب ثقة تلقائية أو تحقق أي نوع من السلام. نصف اتفاق فى المقابل أشار تقرير حديث بمجلة (أيكونومست) اللندنية الى أن رئيسا دولتي السودان وقعا على اتفاق من شأنه إعادة تدفق النفط مرة أخرى ولكنهما فشلا في تسوية النزاعات الحدودية التي كادت أن تشعل الحرب بينهما في وقت سابق من العام الحالي. ومضى التقرير الى أن الاتفاق الذي وصف من قبل المراقبين بأنه (اتفاق الحد الأدني) وأن قادة الدولتين وقعا عليه لتخفيف الضغط من قبل المجتمع الدولي وحتى لا ينظر إليه في الداخل على أنه أضعاف لسلطة كل طرف. ونبه المراقبون الى أن الاتفاق سيقلل من احتمال حدوث حرب بين الدولتين باعتبار أنهما سيفصلان بمنطقة منزوعة السلاح، وأيضا ينظر اليه على أنه سيعيد استئناف التجارة بين الدولتين، ويضع حدا للتضخم الذي بات يهدد الدولتين خاصة عقب قرار دولة الجنوب إيقاف إنتاج النفط احتجاجا على انتهاكات الحدود من قبل دولة الشمال، وأشار التقرير الى أن القمة الرئاسية التي امتدت الى أربعة أيام بدلا من يوم واحد لم تتمكن من رسم حدود دائمة للسودان ولم تتمكن من الوصول الى تسوية بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها. قفزة كبيرة وقال التقرير إن الدبلوماسيين ربما كانوا على حق عندما وصفوا الاتفاقية بأنها "قفزة كبيرة" لأن تأثيرها يمكن أن ينعكس مباشرة على الأرض في الوقت الذي تصاعدت فيه تكاليف المعيشة والذي يصبح فيه نصف اتفاقية أفضل من لا شيء، ويرى الكاتب أن الاعتماد المشترك على عائدات النفط يجب أن يطيل آفاق السلام فالجنوب الذي يمتلك معظم حقول النفط يجب أن يدفع رسوم عبور النفط من خلال أنابيب النفط الموجودة بالسلام – الأمر – الذي يعتبر غيابه سيزيد من حدة الأصوات في الجانبين التي ستطالب بحلول عسكرية خاصة وأنه لا يوجد ما تخسره – الحجة التي من الصعب طرحها الآن. واعتبر الكاتب أنه من غير المرجح أن تكون الاتفاقية الأخيرة بداية لمرحلة جديدة لعلاقات سلسة بين الدولتين، لافتا الى أن هنالك عشر سنوات من المحادثات واتفاقية السلام الشامل واتفاقيات أخرى كانت تتبع دائما بنكوص عن الوعود وعنف وعودة مرة أخرى للمحادثات، معتبرا أنه منذ التوقيع على الاتفاقية وعرض مراسم التوقيع وتقاسم الصور المتحركة من قبل الجانبين التي تظهر الرئيسين في دورة من المحادثات الهادئة في بعض أجزائها والصراخ الغاضب في بعضها بجانب جزء آخر تبادل فيه الجانبان القبل والأحضان، واختتم التقرير بالقول إنه من الغباء الاعتقاد أن هذه نهاية لسلسة المحادثات.