تناول الأستاذ جعفر بمكار سليل الأسرة المناضلة المعروفة فى ولاية البحر الأحمر وعموم شرق السودان, قضية فى غاية من الأهمية والحساسية على صفحات أحد المواقع الإسفيرية وهى إيقاف مرتب ناظر الأمرأر وفصل عمدة النوراب, هذه القضية بالرغم من أهميتها التى ترجع لسياسة الاستهداف التى تنهجها حكومة الولاية ورئيس الحزب الحاكم وهو والي الولاية والذى لا يحرك ساكنا إلا بقرار منه أو بعلمه لمخالفي سياسته فى الولاية من الموظفين وغيرهم من رجالات الإدارة الأهلية الذين يجأرون بالشكوى من هذه السياسات والممارسات أبعدت الفاعلين من أبناء القبيلة, إلا أن ناظر القبيلة السيد/ علي محمود احمد ظل يرفض مجرد إثارة موضوع إيقاف مرتبه ومرتب العمدة أمام المسؤولين فى المركز الذين استقبلوهما بكل حفاوة وترحاب وهو يضع أمامهم مذكرته الشهيرة, وذلك حتى لا يعكس لهم أي نوع من المطالبة لمكاسب شخصية له ولغيره من رجال الإدارة الأهلية, بل كان يتفه أمر المرتب نفسه الذى لا يساوي تكلفة علوقة واحدة لإبله التى ترعى فى وادي "أرياب"! كيف لا يرفض وهو حفيد رجال عظماء عرفوا بعزة النفس والكبرباء والشهامة فدوا قبائلهم ورعاياهم برقابهم عندما اتهموهم بالخيانة وهم كانوا أبعد من ذلك, كما أثبتت الأيام وشهد لهم أمير الشرق نفسه عندما أحاطت به أسوار المؤامرة وأيدي الغدر والخيانة وهو فى ملاذه الأخير. وقد تساءل الأستاذ بمكار الباحث والمؤرخ عن الدافع من وراء هذا الإجراء, هل لأمر شخصي أم إهانة واستفزاز للقبيلة التى يمثل الناظر والعمدة من أهم رموزها؟؟ فى تقديري الشخصي يرجع الأمر للسببين معا, وذلك لأن القائمين على الأمر لا يضعون اعتبارا للقوانين ولا الأعراف السائدة فى المنطقة لأنهم يمارسون السلطة المطلقة التى لا تضع لنفسها أي كوابح حتى قانون الإدارة الأهلية لولاية البحر الأحمر للعام 2007م الذى يحدد كيفية تعيين رجال الإدارة الأهلية فى المادة (7ج) من القانون ضرب بها عرض الحائط وهى التى تنص على كيفية تعيين العمدة بواسطة المعتمد بعد انتخابه بواسطة مشايخ القبيلة فى الولاية, كما لم ترع مكانة الناظر وسط قبيلته وترتيبه على قمة هرم الإدارة الأهلية الذى يستدعي التشاور معه, تلك المكانة التى قدرها ورعاها المستعمر البريطاني الذى نصب جد ناظر الأمرأرالحالي فى اجتماع مشهود عقد فى منطقة "هندوب" شمال غرب سواكن فى أواخر القرن التاسع عشر, حيث احتشدت فيها جميع فروع وبطون القبيلة من الأوليب والقنب فى ذلك الاجتماع وشاهد الحاكم الانجليزي الأغلبية التى تلتف حول الشيخ "محمد هساي بن اقم بن موسى كبير الموسياب ومن الطرف الآخر أخواله من الفاضلاب الذين يمثلون زعامة القبيلة فى سواكن ومناطق العربان فى الجبال, وبما أن الحكومة البريطانية حكومة ديمقراطية قرر الحاكم البريطاني إيكال النظارة ل"محمد هساي" ناظرا لعموم الأمرأر والبشاريين وهم أخوال الناظر"محمد هساي " من فرع "الهنر" وبالتالى أصبح للأمرأر أول نظارة فى تاريخهم ولم تكن لهم نظارة من قبل, وبناء عليه عين الناظر كبير أخواله الفاضلاب "محمود علي" نائبا له تقديرا لمكانة أخواله فى كل شرق السودان ثم عمل لفصل نظارة منفصلة لأخواله البشاريين. المعروف أنه كان لهم مجلس يسمى مجلس( الأمرآر والبشارين), والجدير بالذكر فى ذلك الاجتماع اتخذ "قيلا آور" ابن عم الناظر من (القيلي) موقف الحياد لأنه متزوج شقيقة "محمود علي" حسب رواية الناظر علي محمود احمد الناظر الحالي, تلك المصاهرة التى استمرت وشكلت قبائل وفروع أعطت قوة ومنعة للقبيلة وسط قبائل البجا, حتى جاء الوقت الذى عبثت فيه سلطات الولاية عن جهل أو قصد لا ندري إن كان لتفريق القبيلة تحت نظرية (فرق تسد) أو لتمكين غيرهم من عصبة المسؤولين فى الولاية كما يعتقد الكثيرون من أبناء الأمرأر , وذلك ظلما وجورا لم نسمع به حتى فى عهد الاستعمار الذى راعى كل هذه الوشائج بين القبائل فى كل السودان, تلك السياسات وذلك الداء الذى أدى الى تمزق النسيج الاجتماعي فى ولايات مثل دارفور وعقد مشكلتها التى تهدد وحدة السودان, حيث ظلت الإدارة الأهلية تلعب دورا هاما فى تصريف شئون الناس فى القرى والفرقان كواحدة من أهم ركائز الخدمة العامة التى تركها الاستعمار الى جانب أكفأ خدمة مدنية فى إفريقيا, قبل أن تنهار بسبب (التطهير) وثم (التمكين) وبالتالي فسدت كل الحياة فى المجتمع. والجدير بالذكر أنه سبق أن تقدم الناظر والعمدة بشكوى لأمين عام ديوان الحكم الاتحادي فى كيفية تعيين عمدة النوراب لعمودية سميت مستقلة بدون إعفاء قانوني للعمدة الفعلي الذى ارتضته القبيلة؟! وهو أسلوب جديد اتبع فى البحر الأحمر لحسابات سياسية وترضيات للمقربين بدون مراعاة للسوابق والأعراف التى كانت تحكم الإدارة الأهلية, وتعتبر الحالات التى قرر فيها الحاكم العام البريطاني بتوصية من مفتشي المراكز هي تعيين (عموديات مستقلة) للقبائل التى لا تكون لها نظارات فى إدارة شئون أفراد القبيلة فى (مشروع طوكر) الزراعي أما القبائل التى لها نظارات يعتمد نفس عمدة القبيلة كما هو الحال( للبني عامر) و(الأمرأر) و(الهدندوة) والعمدة المعني من حقه أن يعين له وكيلا لرعاية شئون وحقوق أفراد القبيلة فى أرض ما يسمى (الضمن) فى مشروع طوكر الزراعي, هذا ما استقر عليه العمل حتى عهد قريب!! أما فصل أو تعيين أي عمدة يتم بإجراءات حددها القانون والذى ينص على تعيين العمدة بتوصية وإجماع من مشايخ القبيلة كما سبق ذكره, بينما يتم فصل العمدة أو خلو وظيفته استنادا على ما جاء فى المادة (11) الفقرة (1) من القانون, أما إيقاف المرتبات فتتم بإجراءات محاسبة قانونية فهما محكومان بقوانين الخدمة المدنية أما إيقاف المرتبات بدون سند قانونى أمر يمكن أن يوضع أمام القضاء الإداري فى الولاية, وكذلك تعيين أي عموديات أخرى بدون اتباع الخطوات التى نص عليها القانون يعد أمرا باطلا لا يسنده قانون الإدراة الأهلية للعام 2007م , مالم يكن شأن ولايتنا هذه خارج الشرعية القانونية والدستورية التى تحكم البلاد ولله الأمر وهو المستعان. عثمان احمد فقراي