فى ورشة سابقة عقدناها فى لجنة أخلاقيات المهنة عن الصحافة الرياضية تحدث فيها خبراء المجلس عن الصحافة الرياضية ... الحديث لم يخل من اتهامات بالتقصير هنا وهناك للصحافة الرياضية ، ولم يقصر ممثل المجلس فى رسم صورة مثالية لما يجب أن تكون عليه الصحافة الرياضية ، الأستاذان خالد عزالدين ومزمل أبوالقاسم نجحا يومذاك فى رد كثير من التهم ونجحا أكثر فى تبديد معظم خطوط الصورة المثالية التى كان يرسمها ممثل المجلس يومذاك ... التقطت أذنى فى تلك الورشة عبارة مهمة للغاية تبارى الأستاذان مزمل وخالد فى استخدامها بكثافة وهى (أن الصحافة الرياضية أصبحت صناعة أكثر منها أي شئ آخر) ومن ثم فالصناعة تقوم أول ماتقوم على ساقي الربح والخسارة ثم تأتي الاعتبارات الأخرى تباعا .. هذا هو الواقع الذى صنعته عوامل كثر ولم يؤلفه مزمل أو خالد من رأسيهما ... صحيح أن البروف عبد الله حمدنا الله رد يومها بعبارة حاسمة قائلا :( إذا كانت المفاضلة بين أخلاقيات المجتمع وربحية الصحافة فلتذهب الصحافة الى الجحيم) ولكن المعضلة الآن أن أخلاقيات المجتمع هذه يتم تشكيلها من جديد وكثير مما كان ثابتا أخلاقيا أصبح فى عداد المتغيرات وتربعت مفردة (ماسورة) ضمن مفردات التوصيف والتعابير التي لاتجرح خاطر أحد مع أن متن هذا التوصيف نابع من نكتة بالغة البذاءة !! معتصم محمود الصحفي الرياضي المعروف كنا نحاصره فى أحدى جلسات النقاش بأن الصحافة الرياضية أصبحت تتمحور حول أشخاص بعينهم فرفع حاجبي الدهشة وقال ولكن هذا ليس اتهاما فهذا هو الواقع لأن الرياضة ببساطة أصبحت صنيعة أشخاص والدولة لاتدعم النشاط الرياضى بقرش واحد وهؤلاء الأشخاص هم الذين يقيمون وأد الرياضه فى البلاد يشترون اللاعبين ويجلبون المدربين ويدفعون تذاكر السفر وكلفة المعسكرات .. فكيف لاتتمحور الرياضة ومايتبعها من صحافة حولهم ..معتصم أردف قائلا هذا واقع يتشكل خلف أعين مجلس الصحافة الذى لايزال يحمل ويضع الصحافة فى اطار تقليدى ليس موجودا الآن نعم انتهى عهد الأندية الرياضية التى تعبر عن النخبة .. سواء كانت نخبة الحي أو المجتمع وظهر عهد النادي الذي يعبر عن الواجهة التجارية والاجتماعية للأفراد .. نادي المجتمع الرأسمالي بكل قيمه المادية .. فتآكل نادي الموردة وأصبح فرحا ان هو احتل المركز الأخير للأندية الباقية فى الممتاز وسقط قبله حى العرب والميرغنى كسلا وفى الطريق جزيرة الفيل (أندية الحي والمدينة ) التى تقوم على الروابط الاجتماعية لتلك الأمكنة .. ثم رجال الأعمال يتنافسون على الظفر بنادى الهلال كواجهة تجارية واجتماعية (الأمين البرير والكاردينال وصلاح ادريس) وانزوى طه على البشير وعبد المجيد منصور قبيل رحيله وهؤلاء كانوا يمثلون رموز الطبقة الوسطى .. صلاح ادريس استثمر في أهلي شندي وعينه على الهلال لأن الهلال بمواصفات تجارية واجتماعية أفضل ولكنه استفاد من تجربته فى أهلى شندى للترويج لما يمكن تقديمه للهلال ان هو عاد لقيادته ، فالذى يشاهد أهلي شندي يستمتع بفريق كروي كامل الدسم يؤدي أفراده كرة المحترفين بكل أبعادها ، ويصلون الى مراقى متقدمه فى روليت البطولة ، يلعبون بهداوة بال وعدم توتر حتى والحكم يضع صافرته النهائية فى فمه وهذا بالضبط سلوك المحترفين التغيرات الكبيرة التى تحدث فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية في السودان تظهر بجلاء فى علائق المجتمع الرياضي ... وأهلي شندي فى هذا يتعدى كونه ظاهرة نجاح رياضي الى أنه مؤشر حقيقي لهذه التحولات وغدا تصمد الأندية المصنوعة بالمال وتسقط أندية الأحياء والمدن التى تعتمد في معاشها على تبرعات ورعاية أهل الحي والمدينه لأن هذا المجتمع نفسه فى طريقه للتغير، كل هذا القول بالطبع مسبوق بالاعتذار لأهل التخصص في هذا المجال عبدالمجيد عبد الرازق وخالد ومزمل ....