مفهوم الحياة الزوجية طبيعة العلاقة والحياة التي تسير بين الرجل والمرأة بعد ارتباطهما بطريقة شرعية أمام الناس من خلال عقد الزواج، وهي من أكثر العلاقات التي اهتمّ بها الإسلام:كونها أساس المجتمع وبناءه،وإنجاب الأبناء وحفظ النوع والعامل المؤثر في بناء الأجيال وتنشئتهم، ولقد كان الهدف من إقامة هذه الرابطة حفظ حقوق كل من الزوج والزوجة من جهة، وحفظ حقوق أبنائهم المنجبين من حق النسب وغيره من جهة أخرى، والأصل في الحياة الزوجية أن تكون بين الزوجين وفق ما أمرالله تعالى من الإحسان وحسن العشرة وطيب المعاملة والتواصي بينهما والتناصح بالخير والمحبة والمودة كل منهما للآخر..قال تعالى(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ويعتمد نجاح العلاقة الزوجيّة أو فشلها على العديد من العناصر والمقوّمات. أهمية الحياة الزوجية:يحمل الزواج قيمة عالية لا يمكن الاستغناء عنها والمرور بدونها في هذه الحياة..وذلك لأنّه يوفّر للإنسان العديد من الأشياء التي لا يمكن له أن يحصل عليها من دون الزواج، ومنها: تكوين العائلة: توفّر العلاقة الزوجية العائلة الدافئة، والأمان، والحماية من العالم الخارجي، لذا فهي شيء مهمّ في حياة الإنسان، والحصول على أطفال-يقوم كلا الوالدين بتربيتهما هو من أكثر الأشياء إضفاء للسعادة على الحياة،ومن هذا المنطلق فإنّ اختبار الحياة الزوجية سيكون شيئاً جديراً بالتجربة والاهتمام. الشراكة: تعتبر الشراكة في الحياة من أجمل الأشياء التي قد يحصل عليها الإنسان، خاصّة إذا ما كان الشريك مكمّلاً للآخر، فهو يوفّر له الحبّ والعاطفة والمساندة، كما أنّه يخفف عنه هموم الدنيا، عن كل الأشياء التي يستطيعان فعلها سوياً، فالحياة دون الشراكة ستبدو مملّة في بعض الأحيان، وصعبة في أحيان أخرى. أسرار الحياة الزوجية الناجحة: أولاً: الصدق: الصدق بين الزوجين سر من أسرار الحياة الزوجية المستمرة والسعيدة الذي يغفل عنه الكثير. فبالصدق يكون الزوجان أكثر مودة وألفة لبعضهم،ولا يخفون عن بعضهم شيئا فالصدق في العلاقة هو أمر أساسي حيث أنه يقف عليه استمرار هذه العلاقة الزوجية،وتبنى على أساسه حياة أسرية ناجحة فلذلك يجب على الزوجين أن يتعاملا بصدق مع بعضهما البعض. ثانياً: الاحترام المتبادل:الاحترام شيء أساسي حيث أنه لا يقل شأناً عن الصدق فإن كان الصدق هو ركيزة أساسية في العلاقة فبالتأكيد من دون الاحترام لن تستمر هذه العلاقة حيث أنه لابد من وجود الاحترام في جميع العلاقات في الحياة، فما بالكم بعلاقة زوجية أسرية ومن هنا يجب علينا القول ان الاحترام في العلاقة الزوجية هو من أهم الركائز في هذه العلاقة وأنه من أسباب الاستمرار في علاقة زوجية سعيدة فلا يتجاوز أحدهما الحدود ويسيئ للآخر وإن حدث ذلك فيجب أن يبادر بالاعتذار له، فلذلك يجب أن يكون الاحترام المتبادل أمر أساسي في الحياة الزوجية لعيش حياة ناجحة وسعيدة. ثالثاً: التقدير والاهتمام: اهتمام الزوجين ببعضهما هو من أسرار الاستمرار في الحياة الزوجية ونجاحها فيجب أن يشعر الزوجان بأن كل منهما يهتم بالآخر ويبادله نفس الحب والمشاعر لأن الاهتمام يكون ناتجا عن مشاعر الحب، فعندما يشعر الزوجان باهتمامهما ببعض يدفعهما هذا إلى استكمال حياتهما في سعادة ورضى بعيداً عن المشاكل لأن كل منهما يشعر بالآخر ويهتم به.ويكون التقدير من خلال مدح شخصية الشريك، الجذّابة، صفاته، لبسه، وأخلاقه، وإبداء الإعجاب بطريقة تفكيره وطموحاته وتقديم النصح له ودعمه على تحقيق أهدافه في كل من الطرفين. رابعاً: الثقة والإخلاص: إن الثقة هي الركن الإساسي الذي يدعم السعادة الزوجية واستقرارها، والإخلاص هو واحد من أهم أسباب الحياة الناجحة بين أي طرفين، فيجب عليك إذا كنت تبحث للحياة السعيدة أن تكون مخلصا لمن تحب وتحفظ سره في السر والعلن،وإذا كان لديك شخص مخلص يجب عليك أن تتمسك به ولا تتخلى عنه. خامساً: الخصوصية: الزواج شراكة بين طرفين فقط لا يمكن أن يتدخل طرف ثالث في تلك العلاقة وإلا فشلت، فالزوج الحكيم هو من لا يسمح لأحد من أفراد أسرته بالتدخل في شؤون حياته الزوجية مع زوجته وكذلك الزوجة الحكيمة. واحترام خصوصية الحياة الزوجية وعدم إفشاء أسرارها أو أسرار أحد الزوجين. سادساً: الاعتذار والتسامح.. فهذه الثقافة الراقية تُساعد الزوجين وباقي أفراد الأسرة على تخطي العقبات والمشاكل وهي دليل على الحب والمودة والترابط الأسري بينهم. الحياة الزوجية السعيدة يلزمها عمل ومثابرة ومتابعة.. والحياة الزوجية ليست سهلة على الإطلاق ولكن هناك آلية للحفاظ على شكل الحياة الزوجية السعيدة، نذكر منها: إظهار المودة والحب والمصارحة بالمشاعر الجميلة: العلاقة الزوجية التي يستمر فيها كلا الطرفين بإظهار المودة على مر السنين هي علاقة صحية.. حيث أن المغازلة بين الزوجين والاعتراف بالحب الصادق عبر التصرفات الرومانسية.. التقبيل، المعانقة، المشي يداً بيد، وضع اللقمة في فم شريكه.. المجاملات، الهدايا الصغيرة لها فاعليتها، كل هذه التصرفات تحافظ على علاقة متكاملة من العاطفة والحب..ومع مرور الزمن تعطي هذه المودة الصغيرة إحساساً لكل من الزوجين أنه شخص مرغوب فيه ومحبوب. وتزيد الإلفة والمودة بينهما. الضحك والمرح في الحياة الزوجية وتخصيص وقت للترفيه: هل تستخدمان الفُكاهة في حال مررتما بأزمة لتلطيف الجو؟ النكتة هي واحدة من أهم الأدوات في الحفاظ على علاقة صحية وممتعة وسعيدة والحياة الزوجية هي علاقة يعرف فيها الشريكان.. كيف يضحكان معاً،يمرحان يلعبان معاً تماماً مثل الأطفال. ومشاركة الهوايات أو سماع موسيقى أو الخروج للتنزه.. والتحلي بروح الدُعابة ومشاركة العائلة الضحك والمتعة.. والرسول عليه السلام كان يمازح زوجاته ويضاحكهن. الصراعات والشجار: في كل علاقة زوجية هناك صراعات ومشاجرات، والسؤال هو كيف تتعامل مع هذه الحالات؟ في الحياة الزوجية الجيدة يعرف كلا الزوجين أنهما يتحدثان أو يتشاجران حول موضوع معين والنقاش هو بشأن هذه المسألة فقط، ولا يتركان الفرصة للتوسع في مواضيع أخرى، ولا تتعدى عتبة غرفتهما! حتى الأبناء لا يعرفونها. التدبير المنزلي الناجح وتنظيم الحياة الزوجية: يُعد المنزل موطن العائلة الثاني ومملكتهم الآمنة التي يقضون فيها وقتهم السعيد بحب وتناغم بالتالي فإن الحفاظ عليه واجب مشترك بين جميع أفراد الأسرة بمن فيهم الزوج والأطفال وليس فقط مهمة الزوجة..ولا ننسى غدوتنا وحبيبنا- محمد عليه السلام كان في بيته يكون في خدمة أهله يشارك زوجاته في كل أعمال المنزل فيجب المشاركة بالأعمال المنزلية كل حسب استطاعته. توطيد العلاقة مع عائلة الزوجين وأصدقائهما: حيث أن العلاقات العائلية الطيبة مع الوالدين والأقارب والأصدقاء سبب من أسباب السعادة الزوجية والشعور بالراحة والطمأنينة ويجب اجتهاد كل من الشريك في كسب ودّ.. عائلة شريكة.. والعمل على التواصل معهم وتقديرهم واحترامهم ومشاركتهم المناسبات وهذا دليل على حب كل منهما للآخر ويعزز العلاقة بينهما. ختاماً.. يبقى الحب بين الزوجين سيد الموقف في السعادة الزوجية، ومن أهم أسرار الحياة الزوجية الناجحة، بل علمنا رسولنا عليه السلام أني لن أكون مؤمناً حتى أعيش مُحباً فقال عليه السلام: "ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" وقال ايضاً "تهادوا تحابوا" والسلام والمودة وكل المشاعر الطيبة تتوج الحب..فكل هذا الكون وما فيه قام على الحب؟!!..والكلام العاطفي والرومانسي والاهتمام والهدايا فكلها مهر المحبة ومفتاح القلوب ومرسال الحب..عيش دوما بالحب بما يرضي الله.. والحبّ يُولّد الحب!! ويسمو بالحياة الزوجة في أعلى مراتب السعادة.