الرغبة في محاربة الفساد والمفسدين رغبة عارمة في السودان، ولا اختلاف حولها على الإطلاق. لكن من الضروري أن تتم هذه المحاربة وفقاً لإجراءات وترتيبات قانونية تقنع الكل أن لا خطورة في السودان على الملكية الخاصة. نظام البوت BOT Built Operate Transfer أي التشييد ثم التشغيل ومن بعد تحويل هذه الملكية، هو نظام تقوم بموجبه شركة بتنفيذ طريق مثلاً، وتسترد تكلفة إنشاء هذا الطريق والأرباح من خلال تحصيل رسوم من مستخدمي الطريق، إضافة لاستغلال الأرض حول الطريق لإنشاء متاجر أو استراحات وذلك لمدة معلومة. ومن بعد ذلك تقوم الشركة بإعادة هذه المرافق لملكية الدولة. من أمثلة الطرق التي نُفذت في السودان بهذه الطريقة طريق دنقلا أرقين، وهو واحد من الطرق التي ظلت في خطة وزارة الطرق والجسور لسنوات ولم تنفذ للافتقار للتمويل. تقدمت شركة طريق دنقلا أرقين لتنفيذ الطريق عن طريق نظام البوت. ولاسترداد التكلفة مع الأرباح تم منح الشركة المعنية حق الانتفاع بمساحات من الأرض حول الطريق. على أن تحول ملكية الطريق والمنشآت والأراضي لحكومة السودان بعد مدة زمنية مبينة في العقودات القانونية التي تمت مع وزارة الطرق والجسور حينها. لجنة إزالة التمكين في مؤتمرها الصحفي المنعقد بتاريخ 23 إبريل أعلنت استرداد هذه الأراضي والمنشآت لحكومة السودان بصورة فورية، على أساس أن مالك الشركة هو من المفسدين. لسنا بصدد الدفاع عن المالك، ولكننا نتخوف من أن هذه الطريقة في نزع الملكية دون قرار من محكمة مختصة سوف يؤدي لإحجام الشركات والمستثمرين عن الدخول في أي اتفاقيات لتنفيذ مشروعات بنظام البوت مع حكومة السودان. في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وحدة للشراكة مع القطاع الخاص، تم إنشاؤها بتوصية من المؤسسات المالية الدولية، وهدف الوحدة الأساسي هو تشجيع القطاع الخاص للدخول في مشروعات مع الحكومة، ولهذا سعت الوحدة ونجحت في إنجاز قانون للشراكة ما بين القطاعين العام والخاص Public sector) Private sector Partnership) والوحدة تسعى الآن لتشجيع شركات القطاع الخاص المحلي والأجنبي للدخول مع الحكومة في شراكات لتنفيذ عدد من المشروعات. ومعلوم أن اقتصادنا يحتاج لهذا النوع من الشراكات لتنفيذ المشروعات التنموية لأن الموارد الحكومية غير كافية لإقامة أي مشروعات جديدة. نرجو من لجنة إزالة التمكين العدول عن مثل هذه القرارات، وأن تكتفي بحسب ما يتوفر لها من بينة مبدئية بتحويل الأمر للنيابة للتقصي والتحقيق، ومن بعد ذلك إحالة الملف للقضاء ليقول كلمته. بهذا وحده يطمئن المستثمرون ورجال الأعمال، أجانب وسودانيون. والله الموفق.