السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن ظهروا فى (غزوة السفارة) السلفية الجهادية.. هل خرجت (القاعدة) إلى الشارع؟!


السلفية الجهادية.. هل خرجت (القاعدة) إلى الشارع؟!
تقرير: محمد عبد العزيز
رسائل السلفية الجهادية ذهبت لبريد السلطة وأنصار السنة والسرورية والصحافة
أبوالدرداء: السلطات عمدت لضمان عدم لجوئنا للعنف
الحافلة الصغيرة الحجم التي بدت ممتليئة عن آخرها في تظاهرات الغضب ضد السفارتين الألمانية والأمريكية بالخرطوم، أظهرت مجموعة من الشباب الملتحين يحملون رايات القاعدة السودان الشهيرة تحت لافتة (السلفية الجهادية)، لم يمض أكثر من أسبوع من تلك الحادثة حتى نظمت ذات المجموعة لقاءً جماهيرياً بأحد ميادين الخرطوم لدعم ونصرة النبي وتكريماً لشهداء الحادثة، أما باطن المناسبة فكان التدشين لخروج التيار للشارع، فاللقاء الذي شهده العشرات– وفقاً لما ظهر في مقاطع فيديو نشرت على موقع اليوتيوب- تحدث فيه عدد من قيادات التيار الذي سعى لتأكيد صلته بتنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن، وقد بدا ذلك في الرايات التي رفعها التنظيم، واللغة المستخدمة عبر المتحدثين والهتافات التى رددها الحضور.
قبل أن يصعد المتحدث الرئيسي للمجموعة ويقول يبدو أن المجتمع السوداني صدم في جمعة الغضب عندما رأى التيار السلفي فتساءل من هؤلاء؟، وأضاف وهو يرسم ابتسامة واثقة على وجهه ونقول لهم نحن الأبطال ويشهد لنا بذلك العراق والصومال وأفغانستان، بل والسودان سيشهد لنا أيضاً.
رسائل واتجاهات
ومضى المتحدث الذي عمد مصور مقطع الفيديو على حجب وجهه في معظم فترة حديثه للقول نحن أصحاب العمليات الاستشهادية لدينا عدة رسائل نود أن نبعثها لعدة جهات، أولها للنظام ونقول له:"بصريح العبارة نحن لا نداهن ولا نجامل ولا نقول بالنفاق والكذب نحن معك"، كما أننا لن نتنازل ونتراجع عن عقيدتنا ومنهجنا كما فعل الكثيرون سواء تم سجننا أو قطعنا أو حرقنا، وأضاف أيضاً أنهم لا يخافون إلا الله ولا يخشون الأجهزة الأمنية والمعتقلات. وأشار إلى أن عدم خوفهم تجسد في خروجهم للعلن براياتهم وأطفالهم ونسائهم ووصولهم للسفارة الأمريكية.
أما الرسالة الثانية – والحديث ما زال لذات المتحدث - فإن الشق الأول موجه لمن وصفهم بالمرجئة، ولم يكتفِ بذلك الوصف بل أشار إلى جموع التيار السلفي وعلى رأسه أنصار السنة وجمعية الكتاب والسنة والسرورية، وقال لهم:" مهما ثبطتم أو خذلتم فنحن نتزايد كل يوم، وهذا الجمع الكبير شباباً وشيباً ونساءً خرج من صلب أنصار السنة"، وأضاف "والجايات أكثر من الرايحات"، وزاد نتحدى كل من ينسب للعلم أن يناظرنا نهاراً جهاراً في عقيدتنا وسنحاججه بكتاب الله وسنة رسوله، وأشار المتحدث باسم التيار إلى أن هذه المجموعات لا تخاف إلا من السلفية الجهادية لذلك عمدت لتشويه صورتها عبر وصفها تارة بأنها مجموعة تكفيرية، وتارة أخرى بأنها إرهابية، أو تقول إنهم سروريين، ليس ذلك فحسب بل بلغت خشيتكم حد تحذير أبنائكم وطلابكم من الجلوس معنا. أما الشق الثاني للرسالة فهو موجه لمن انطبح وانتكس وارتكس –على حد تعبيره-، وتوجه لهذه المجموعة بسؤال مفاده لماذا لم تثبت على مبدئها؟، وقال لها مذكراً كنتم فيما سبق تقولون هؤلاء طواغيت –في إشارة للنظام-والآن انخرطتم معهم فى تنظيماتهم، وأصبحتم تدافعون عنهم.
أما الرسالة الثالثة فوجهها المتحدث للصحافة التى وصفها بأنها (خائنة وغدارة)، وبرر وصفه لها بذلك بسبب ما اعتبره من ترويج للكذب والبهتان عنهم وعملها على ترويج أن هذا التيار دخيل على المجتمع السوداني، وتساءل المتحدث عن من قال ذلك وأشار إلى أن الإمام المهدي الذي حرر السودان كان أكبر مكفر، بعد أن قال:"من لم يؤمن بمهديتي فهو كافر"، وأضاف في إشارة تهديدية ظاهرة إلى أن الصحافة لم تنصفهم وأشار إلى أن لديهم عشرات الشباب المتشوقين للجنة (ويمكنهم أن يسووا العجب)، بعد ذلك قال على الصحافة أن تكتب بخير وصدق وعدل وإلا سيأتي يوم سيندم فيه كل صحفي على أنه صحفي.
مطالب واضحة
ومضى المتحدث باسم المجموعة للإشارة إلى أن لديهم مطالب واضحة لا تتعلق بالسكر والرغيف ولكنها تتعلق بإطلاق سراح معتقليهم وعلى رأسهم المدانين بقتل الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل "عبد الرؤوف وقصي"، وزاد أن معتقليهم يعملون على استقطاب المسجونين وأنهم نجحوا حتى الآن فى استقطاب 15 كتيبة.
ومضى المتحدث في حديثه وأشار إلى أن مطلبهم الثاني يتعلق بمنحهم حرية الدعوة في الشارع، وزاد أنهم يهدفون لإقامة دولة إسلامية في السودان ليست ذات طابع ديمقراطي أو ديكتاتوري، ولفت إلى أن هذه الدولة الإسلامية المرجوة لن تنبني على المواطنة وإنما على العقيدة الإسلامية، ونوه إلى أنهم سيقومون بهدم الكنائس والقباب والأضرحة والخمارات وبيوت الدعارة والسفارات، لافتاً إلى أنهم يهدفون إلى طرد الكفار من الأمريكان والألمان والبريطانيين، أما فيما يتعلق بالكفار السودانيين فيتوجب عليهم دفع الجزية، وفيما يتعلق بالنصارى فلهم خيار من ثلاثة الإسلام، الجزية بموجب الشروط العمرية حيث لن يرفع كتاب ولا صليب وسيحلق لهم ليميزوا عن المسلمين، -لم يذكرالشرط الثالث القتال-
ظهور سافر
ويقول الباحث في شأن الجماعات الإسلامية وليد الطيب إنه من الصعب القول أن هناك تنظيماً باسم القاعدة ولكن يمكن القول أن هناك عناصر تؤمن بفكر القاعدة ليس لها تنظيم مركزي ولكنها تعمل فى شكل خلايا تتلقى أفكارها وخططها عبر النت، وقد مثلت حادثة السفارة أول ظهور سافر وعلني بهذا الشكل، ومن الواضح أن هذا التيار قد تنامى وبدأ يتأثر بالأفكار الجهادية وبالأحداث العالمية. ويضيف أيضاً أنه وعقب أحداث السفارة الأمريكية ومقتل أحد منسوبيهم زاد غضبهم.
ويزيد الطيب أيضاً أن التيار الجهادي يطالب الحكومة الآن بإطلاق سراح المعتقلين (الأسرى على حد وصفهم) ويقول لا أعتقد أن العلاقة بينهم والحكومة جيدة، في الحكومة في المخيلة الشرعية لرموز هذا التيار متباعدة عن الدين وأن أجهزتها الرسمية مخالفة له أيضاً، وحتى الآن الحكومة تعمل على احتواء هذا التيار من خلال الاعتقالات التحفظية والاستعانة بالعلماء في المجادلة العلمية مع حاملي هذا الفكر، ويزيد لا استبعد أن تتخذ مواقف أكثر شدة إذا سعى هذا التيار إلى تنفيذ أعمال ضد المصالح الغربية في البلاد أو ضد الحكومة السودانية وأجهزتها.
من جهة أخرى يقول الخبير في شأن الجماعات الإسلامية طارق المغربي إن ما يسمى بالتيار السلفي الجهادي لا وجود ظاهر ومنظم له في السودان، وإن كل ما يحدث من ظواهر هو انفعالات شبابية محبطة من التجارب السلفية في السودان، المجموعة التي تحدثت عن أنها تيار سلفي جهادي لا تنتمي لأنصار السنة إنما تنتمي للمجموعة السرورية التي تخلت عن أنصار السنة أو مجموعة أبو عبدالله الصادق في منطقة اللاماب. ويزيد المغربي أن التيار السلفي الجهادي بمفهوم القاعدة أو مفاهميي لم يتبلور فى شكل تنظيم ولكن قد يكون في بداياته هم أقرب للتكفير والهجرة كمنهج، ولم يعد لهم قابلية للتمدد الأفقي والرأسي كأفراد ومنهج.
وينوه المغربي إلى أنه ومنذ الحادي عشر من سبتمبر ظهرت مجموعات متعاطفة مع القاعدة قامت إحداها باغتيال الأمريكي غرانفيل ولكنها في مجملها محدودة الأثر وبدائية التنظيم، وقد عمدت الحكومة لاعتقالهم ومحاورتهم فكرياً.
ويشير المغربي إلى أن هذه المجموعات بتوجيهها رسائل لجماعة أنصار السنة فإن ذلك بمثابة اعتراف ضمني بالجماعة باعتبارها أكبر المجموعات السلفية. ويشدد المغربي –المقرب من جماعة أنصار السنة- على أن ما يوصف بالتيار السلفي الجهادي لا علاقة له بالفكر السلفي وقد انحرف عن عقيدة السلف ووجد التعنيف من معظم علماء السلفية، ويختم المغربي حديثه بالقول أن هذه المجموعة ضعيفة التأثير وأن قدر لها الاستمرار فستعمل من خلال خلايا محدودة وبشكل منفرد.
في المقابل وبالتدقيق في مقاطع الفيديو يمكن القول أن هذه المجموعة أميل لكونها تياراً من كونها تنظيماً محكماً، وهذا التيار يصنف نفسه –على الأقل حالياً- فى خانة الدعوة بدلاً عن القتال، الأمر المهم أيضاً حسبما يرى الباحث وليد الطيب يتعلق بأن هذه المجموعة يبدو أنها متفقة على الجهاد ومختلفة في الهدف. ويضيف الطيب أن تلك المجموعة على سبيل المثال كفرت السلطات ولم تتحدث عن قتالها، ويزيد الطيب أيضاً أن السلفية الجهادية في السودان مشدودة للخارج أكثر من الداخل ويقول إن بعض المعلومات تشير لوجود سودانيين بمالي والصومال واليمن.
ويرى الباحث في الشؤون السياسية جمال الشريف أن بعض الظروف تضافرت وأدت لتقوية هذا التيار تمثلت في ترحيل دول الخليج لعدد من الشيوخ للسودان كعبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم بجانب وجود عناصر جهادية في السودان. ويضيف الشريف في دراسة بعنوان: (السلفية في السودان: انقسام بين التسليم والصدام) أنه وبازدياد وتيرة وسخونة الخطب التي يلقيها الشيوخ العائدون من دول الخليج، وبتوفر المهارات والقدرات العسكرية التي وفرها الأفغان العرب الذين وفدوا إلى السودان، أصبح نشاط التيار السلفي التكفيري في تصاعد. وزاد أيضاً ظهر تيار من السلفية سُمي اصطلاحًا بالسلفية الجهادية لأنها زاوجت بين الاتجاه السلفي في المعتقد والتوجه وبين المنهج الحركي التنظيمي المستمد من تنظيمات الإخوان المسلمين، وأصبح شعارهم (سلفية المنهج وعصرية المواجهة)، ونتيجة لذلك ظهرت على الساحة السودانية حالات من العنف الدموي بين السلفيين أنفسهم ثم امتد لاحقًا إلى اتجاهات أخرى.
ويرى عضو التيار السلفي صادق حسن المكني ب(ابو الدرداء) أن التيار السلفي الجهادي الحالي عبارة عن مجموعات انشقت من أنصار السنة والسرورية وقد عملت بالفكر الجهادي ولكنهم في المقابل لم يرتبطوا بالقاعدة ولا بالعرب الأفغان، ويزيد أنهم لا يؤمنون بالدولة القطرية ولا بالمجتمع الدولي، وأنهم في أعقاب الربيع العربي سعوا للتوحد مع رصائفهم في المنطقة، ويشير أبوالدرداء إلى أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا الانقلابات العسكرية وأنهم يهدفون لدعوة المجتمع للعودة للدين ومن ثم تكوين قرى ومجتمعات محلية إلى أن يصلوا لمرحلة الدولة.
وحول علاقتهم بالحكومة وما يتردد حول استغلال النظام لهم، يقول أبوالدرداء بعد أن يشدد على أنه يتحدث بصفته الشخصية أن السلطات اعتقلتهم ولم تستخدمهم وحاولت محاورتهم عبر علماء، ولما فشلت في تغيير قناعتهم – ويشير هنا إلى أنه كان أحد المعتقلين- عمدت لضمان عدم لجوئهم للعنف عبر إيجاد صيغة لضمان تعايشهم السلمي مع المجتمع.
ويشير أبو الدرداء إلى أنهم ينظرون للسلطة الحالية باعتبارها أفضل السيئين، بينما يحاولون عبر الحوار إقامة المنطق على مخالفينهم من التيارات السلفية، ويضيف أما فيما يتعلق بالقوى التقليدية كالأحزاب الطائفية والحركة الاسلامية فإنهم باتوا يعملون لسحب البساط من تحت قدميها باستقطاب عضويتها، أما عدوها الأول فهو الصهيونية وحلفاؤها بالداخل من القوى العلمانية.
وفيما يتعلق بتلقي المجموعة لدعم مالي من الخارج ينفي أبو الدرداء تلك الأحاديث، ويقول إنهم يكفرون دول الخليج لذلك لا يتلقون دعماً منها كما حال بقية التيارات السلفية باستثناء قلة من الأفراد.
ويرى مراقبون أن التيار الجهادي في السودان يفتقد لوجود سياسة عامة، وهذه الحالة أفقدت هذا التيار فرص النمو والامتداد وجعلته يفتقد وجود قيادة علمية مما ألجأ الشباب المنتمين للتيار الجهادي إلى الانترنت لاستلهام الأفكار، ويضيفون أن هؤلاء الشباب يعكفون بصفة خاصة على كتب أبو محمد المقدسي وهو أستاذ أبي مصعب الزرقاوي وكتب أبو بصير عبد المنعم حليمة ويستفيدون من كتابات شيخ الجهاد الأفغاني عبد الله عزام والمواد الصوتية للشيخ أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. ويلفتون إلى أن المجموعة التي ظهرت مؤخراً لا تمتلك المؤهلات العلمية والمالية والتقنية للعب أدوار فاعلة وأن القوة السلفية القتالية الفاعلة تتمثل في المجموعة السرورية.
الصعود للسطح
يرى مراقبون أن تلك المجموعة استغلت الأحداث ولم يكونوا صانعيها، ويقول الباحث وليد الطيب يبدو لي أنهم شاركوا ضمن القوى الإسلامية الأخرى كالحركة الإسلامية السودانية والجماعات السلفية والطرق الصوفية، وربما كان انفعالهم بالأحداث أكبر لطبيعة الكراهية العميقة للغرب عموماً وللولايات المتحدة على وجه الخصوص ثم زاد الانفعال بمقتل/استشهاد أحد الشباب المنتمين للتيار السلفي في هذه الأحداث. وأضاف الطيب قد لوحظ أن هتافات هذا التيار في التظاهرة أمام السفارة الأمريكية كانت ضد الحكومة السودانية ومواقفها المتراخية في مسألة تطبيق الشريعة على حد وصفهم بقدر يقارب موقفهم من الولايات المتحدة الأمريكية إذا استثنينا جزئية الفيلم من التقييم العام. ويضيف الطيب أن المؤشرات العامة تقول إن التيار الجهادي في تزايد، وسيسعى في الفترة القادمة للتحول لتنظيم ولكن سيواجه بعدة صعوبات تتعلق بضعف خبرته التنظيمية، الأمر الثاني يتعلق بتوحيد الرؤية لهذا التنظيم للمجموعات مختلفة فهي مبدئياً متفقة على الجهاد ولكنها مختلفة في الهدف. ويؤكد الطيب على أن الواقع السوداني لا يعرف العنف المادي ولا الاغتيال السياسي وسيكون حاكماً لعمل السلفية الجهادية ولكنه لا يستبعد أن تحدث بعض التفلتات من قبل بعضهم، معتبراً أن رد فعلهم الأساسي مربوط بتعامل السلطة معهم.
شواهد سابقة
كانت أولى بدايات الصراع التكفيري في السودان قد حدثت في ولاية الجزيرة بمنطقة تسمى (كمبو 10) في نهاية العام 1993، وذلك عندما قام مجموعة من الشباب التابعين للشيخ محمد عبد الكريم والذين كانوا يعتقدون بتكفير الحكام، وتكفير التحاكم إلى الطاغوت، وتكفير استخراج الأوراق الثبوتية كالجواز والجنسية والبطاقة الشخصية واستخدام العملة الورقية، بالسير على الأقدام إلى (كمبو10) بولاية الجزيرة والتي تبعد 400 كيلو متر من الخرطوم، وذلك من أجل هجر الكفر والشرك. وعند وصولهم للكمبو، قام أحد الأهالي بالتبليغ عنهم؛ فجاءت قوة من الشرطة وطلبت منهم الاستسلام غير أنهم، وباعتقادهم أن طاعة الشرطة كفر، وقع الاشتباك بينهما، الأمر الذي أدى لمقتل أمير الجماعة وعدد من أتباعه إلى جانب أفراد من الشرطة السودانية. وفي صيف عام 1994، قامت خلية من السلفيين الجهاديين تحت قيادة عبد الرحمن الخليفي، وهو ليبي الجنسية وقادم من الجهاد من أفغانستان، وأحد الحراس الخاصين لأسامة بن لادن، بتنفيذ مذبحة ضد جماعة أنصار السنة في مدينة أم درمان بالخرطوم؛ إذ أقدم هؤلاء على إطلاق النار على جموع المصلين بالمسجد الرئيسي لجماعة أنصار السنة، فمات في الحادث 27 مصليًا وجُرح أكثر من ثلاثين. وفي العام 1997 وبعد مشادات كلامية، وقع اشتباك بين جماعة من التكفيريين وجماعة من أنصار السنة بأحد مساجد جماعة أنصار السنة بواد مدني عاصمة ولاية الجزيرة، الواقعة على بعد 198 كيلو مترًا جنوب الخرطوم، حيث قُتل في الاشتباك ثلاثة من جماعة أنصار السنة وجُرح آخرون. وفي عام 2000، وقعت مجزرة أخرى ضد جماعة أنصار السنة، وذلك عندما قام أحد شباب التكفيريين، ويُدعى عباس الباقر ومعه ثلاثة آخرين بإطلاق وابل من الرصاص على المصلين في صلاة التراويح حيث قُتِل 20 شخصًا وجُرح 50 آخرين. وكان عباس الباقر السوداني الجنسية من المجاهدين في أفغانستان، ثم هاجر إلى ليبيا ثم استقر بالسودان.
وفي أغسطس 2007 قالت أجهزة الأمن السودانية إنها كشفت مؤامرة لمهاجمة البعثات الدبلوماسية الفرنسية والبريطانية والأمريكية وبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم. وقالت مصادر أجنبية: إن مجموعة اكتشفت في منزل بالخرطوم بعد أن انفجرت متفجرات بصورة عارضة .
وأثناء احتفالات رأس السنة عام 2008، اغتالت مجموعة من الشباب التكفيريين الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل وسائقه، وكان من بين المتهمين ابن أحد شيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية والذي كان يعمل ضابطًا بالقوات المسلحة السودانية.
وفي أكتوبر 2008 هدد بيان "تم توزيعه في نطاق محدود" على شبكة الإنترنت من قبل تنظيم يحمل اسم "القاعدة في بلاد النيلين"، "باستهداف الأمريكيين في الأراضي السودانية" ، وهو ما حدا بالولايات المتحدة إلى تحذير رعاياها من السفر إلى السودان، والمقيمين فيه من التحرك وسط العاصمة وفي مناطق بعينها. وقالت رسالة على موقع السفارة الأمريكية على شبكة الإنترنت: إن جماعة "القاعدة في بلاد النيلين" تبنت في بيانها اغتيال مسؤول المعونة الأمريكي جون غرانفيل وسائقه .
وخلال لقائه سلفا كير في نيروبي، يونيو 2010، قال نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن: إن قيام دولة فاشلة في جنوب السودان نتيجة انفصال الجنوب بعد الاستفتاء على حق تقرير المصير، «قد يجعل من الإقليم جنة للإرهابيين»!.
وفى فبراير من العام 2012 كشف الرئيس البشير عن أن الحكومة نجحت فى تفكيك تنظيم ديني نشأ باسم “القاعدة في بلاد النيلين"، وأضاف في حديث تلفازي أن السلطات اكتشفت مجموعة تكفيرية من الشباب تمت تغذيتهم وتدريبهم في العراق والصومال ليكونوا نواة لتنظيم “القاعدة في بلاد النيلين"، مبيناً أن السلطات علمت أنهم بدأوا في تصنيع متفجرات وصواريخ باسم “الظواهري"، وأن الرئيس والنائب الأول علي عثمان ومدير جهاز الأمن الفريق أول صلاح قوش من الشخصيات المستهدفة من هذا التنظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.