وزير الداخلية لم يتوانَ عن الكشف عن أن المتهمين حال عدم مثولهم سيتم إلقاء القبض عليهم بواسطة الإنتربول الدولي حسب اتفاق التعاون الدولي لاسترداد المتهمين الهاربين والمطلوبين للعدالة. بيد أن كثيرون يرون أن الإجراءات العقابية لتجار العملة بالخارج لا تخلو من تعقيدات ويذهب الخبير الاقتصادي د.عبد العظيم المهل في حديثه ل(السوداني) إلى أن بعض الدول التي يتعامل فيها تجار العملة خاصة دول الخليج لا تجرم من يتعاملون في المجال وتجارة العملة مشروعة عندها ولا تعد جريمة يحاسب عليها القانون، بالتالي: هل يمكن معاقبة شخص في بلد آخر بالقوانين السودانية؟ وأضاف: من الصعب جداً وجود إثبات على تجار العملة خارج السودان خاصة أن لديهم أذرعاً داخل البلاد وخارجها. ويرى المهل أن الحل الناجع وبعيد المدى اتخاد السياسات المالية والنقدية الناجعة بدلاً عن الإجراءات العقابية باعتبار أنها تمثل حلا مؤقتا، بعدها سرعان ما تنشط تجارة العملة من جديد. وأكد الرجل أن التجربة كشفت عدم إفلاح مثل هذه الإجراءات إلا لفترة وجيزة جداً، وأضاف: السياسات المالية والنقدية التي اتخذها وزير المالية الأسبق د.عبد الوهاب عثمان كان أثرها أكبر ومستداماً، متوقعاً أن تؤدي الإجراءات العقابية في نهاية المطاف إلى مزيد من الندرة في الدولار. حاجة الدولار المصرفي محمد عبد العزيز يرى أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم قدرة البنك المركزي تلبية احتياجات المواطنين من الدولار سواء كان لغرض العلاج أو السفر أو الدراسة إلى جانب حاجة المستوردين للدولار لأغراض الاستيراد، وأضاف: البنك المركزي ليس لديه ما يكفي من الدولار فكيف يحارب تجار العملة؟ وشدد عبد العزيز في حديثه ل(السوداني) على توفير الاحتياجات من الدولار بدلاً عن الإجراءات العقابية والعلاج المؤقت، وأشار إلى أن أزمة الشح في النقد الأجنبي أوجدت تجاراً يسترزقون من هذه التجارة، وأضاف: مثل هذه المعالجة وقتية ولن تستمر طويلاً ولن تنعكس في خفض سعر الصرف خاصة أنه سيرتفع بعدها مباشرة ولن تكون هناك أي آثار إيجابية على الاقتصاد للمدى البعيد. من جانبه يلفت المحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي النظر إلى أنه لا توجد مشكلة في توافر العملة الأجنبية في السودان، موضحا أنها موجودة في السوق فعليا، وأضاف ل(السوداني): لكن نسبة كبيرة منها يتم تداولها خارج إطار النظام الرسمي لسوق العملة وفي البنوك، وهو ما يسهم في خلق مشكلة، قاطعا بأن الكرة الآن في ملعب البنوك التجارية ومن قبلها البنك المركزي لتدبير النقد الأجنبي للسلع الأساسية والاستراتيجية ومدخلات الإنتاج في المقام الأول، مما ينعكس على المواطنين أيضاً بخلق حالة من الاستقرار وتحسن مستوى الأسعار. وتوقع فتحي إيقاف غالبية تجار العملة لأنشطتهم تماماً حيث كان المضاربون يستغلون الطلب الكبير على الدولار، وأضاف: لا بد من سعر عادل لصرف الدولار في البنوك للقضاء على أي مجال للمضاربات وتحقيق مكاسب سريعة من خلال سوق الصرف، مؤكدا أن ذلك يقود إلى أن تتحول تجارة العملة من الأرباح والمكاسب السريعة إلى خسائر وملاحقات ومطاردات أمنية تنتهي إما إلى السجن أو فقدان ما تم تحقيقه من حصيلة المضاربات على الدولار خلال الفترة الماضية التي كان خلالها تجار العملة هم المتحكم الرئيسي في سوق الصرف، وأضاف: في حال جرى أي خفض للعملة مرة أخرى فإن ذلك قد ينذر برفع التضخم وهو تطور قد تكون له عواقب وخيمة سياسيا في بلد يعيش فيه ملايين السكان تحت خط الفقر، كاشفا عن أن ذلك لا يترك للبنك المركزي سوى أدوات قليلة، رافضا في الوقت ذاته سعي البنك المركزي لمعاقبة المتعاملين بالسوق السوداء دون أن يملك الموارد اللازمة لمحاربتهم. بينة مبدئية الخبير القانوني عماد جلجال يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، مشيرا إلى أن فتح البلاغ يكون في السودان وهناك مبدأ إقليمية القوانين وشخصية القوانين ويعني الأول أن القانون الجنائي السوداني يسري على أي شخص داخل الإقليم السوداني بغض النظر عن جنسيته، فيما تعني شخصية القوانين تطبيق القانون السوداني على أي شخص سوداني خارج البلاد ارتكب جريمة بشرط أن يكون معاقباً عليها في الدولة التي يوجد بها وفي السودان. واعتبر جلجال أن الإجراءات الخاصة بالإنتربول لا بد أن يسبقها فتح بلاغ جنائي ابتداء، وأن تكون هناك بينة مبدئية ترقى لتوجيه الاتهام ومن ثم إصدار أمر قبض للشخص، وفي حالة عدم وجوده يمكن أن يتم إحضاره بواسطة الإنتربول. وأكد جلجال أنه لتنفيد بنود الإنتربول لا بد من وجود شرطين أولهما اتفاقية تبادل المجرمين مع حكومة السودان والدولة التي يوجد فيها المتهم أو المعاملة بالمثل بين الدولتين، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بالدول العربية فهنالك اتفاقية تبادل المجرمين بين الدول العربية والسودان موقع عليها.