عدت محملا بثلاثة أكياس من الكتيبات التوضيحية ومطبقات الدعاية والإعلان الملونة الفاخرة من معرض السودان الدولي العاشر لمواد وتكنولوجيا البناء والتشييد والذي نفذته مطلع أكتوبر شركة (سودا - إكسبو) للمعارض تحت رعاية وزارة التجارة وإتحاد المقاولين ... لقد حرصت على جمع المادة الإعلانية المطبوعة بغرض تقييم كمية التسويق عبر المطبوعات. أيضا كنت حريصا على تقييم مهارات العارضين ومستواهم في جودة العرض والشرح للزوار ويمكنني منح نجمة الإنجاز لأربعة أولهم: الشاب محمد إسماعيل العكادي من شركة (مرويات) لمواد البناء وجناح ألواح الفلين وسيقمال للزجاج والمعادن وعارضة شابة نسيت اسمها من شركة خزانات مياه ضخمة ... لم يكن هذا الشباب المتميز الناجح يشعر أنني اقوم ب (إنترفيو) لمهاراتهم ولكنني كنت افعل ذلك وفي ذهني معرض شهدته في دبي وكانت الفتاة التي تشرح لنا (منقبة) لا نرى منها شيئا ولا حتى عينيها بسبب زجاج النظارة المظلل ولكنها كانت تمتلك ثقة في النفس وطلاقة في التعبير بالإنجليزية والعربية أذهلت الأجانب والعرب، لم نشعر بذهاب الوقت معها بسبب الغرق في شرحها المفيد ..! أيضا في إمارة الشارقة كان هنالك حفل لتكريم للمتسابقين في مهرجان الطفل القرائي وكان المذيع في تقديم حفل الختام يقوم بسرد أسماء المسئولين ومن يلقون الكلمات ويقوم أيضا بسرد أسماء الفائزين وانواع جوائزهم وبلدانهم من ذاكرته وهو (كفيف البصر) ولكنه يحفظ كل هذه القوائم بدقة ويسردها بسلاسة ولم تحدث أي ربكة في الحفل من أوله إلى آخره وكان يصعد للمنصة ويتأخر بين الفقرات وهو يحفظ خطاه أيضا ما شاء الله ومتعه الله بالصحة والعافية ... هل تعتقدون أنه هذه الفقرة وحدها ألا تكفي كرسالة للأطفال والأجيال القادمة بأن العزيمة والموهبة لا تحدها قيود الإعاقة ... لقد ظل الضيوف مذهولين لمدة عشرة أيام في المعرض الذي يشمل أجنحة الكتب ومهارات القص والتلوين والصلصال و الحكواتية ومسرحيات الأطفال هذا غير المنتديات الثقافية المسائية ... ثم كانت الدهشة الأخيرة هذا الكفيف الذكي الماهر... التحية له ولدائرة الإعلام والثقافة بإمارة الشارقة. العبرة التي خرجت بها من عدة معارض عالمية أن السياحة الثقافية والإقتصادية التي تقوم على جذب العقول أمر أهم وأصعب من جذب الأهواء عبر سياحة الترفيه خاصة إذا لم تكن لهذا الترفيه حدود قيمية وأخلاقية ... ولكن قدر الأمم الرسالية هو أن تقوم بالأمور الأصعب. وما اعتقده أن سياحة المعارض والمؤتمرات والمناشط المفتوحة هو ما ينقصنا في السودان وعلينا أن ندرس التجارب الدولية والعربية ونؤسس عليها لأننا قد لا ننافس في سياحة (الترفيه) وقد تكون الخرطوم غير جاذبة معظم أشهر السنة بسبب الحر والغبار ولأسباب أخرى ولكن أي حديث عن جذب الإستثمار لا يبدأ بالمعارض الدولية فهو حديث (خارج النص). تهنئة حارة لشركة سودا – إكسبو لتنظيمها المعرض. والتنهئة لزميلي وصديقي الصحفي ورجل الأعمال صلاح عمر الشيخ لتأسيسه هذه الشركة التي تجتهد في التسويق للإستثمارات في السودان وتنظم المعارض وتشارك فيها داخل وخارج السودان. أيضا نموذج صلاح خير نموذج للإعلامي الذي يقوم بنشاط تجاري موازي دون أن يطلق مهنة (النكد والمتاعب) ... صلاح كان رئيسا لتحرير صحيفة الدار وكان صحافيا مغتربا وما زال صحافيا بأخبار اليوم وعضوا منتخبا في المكتب التنفيذي لإتحاد الصحفيين. وهذه رسالة أود ان اسوقها لقبيلة الصحفيين أن (مهنة واحدة لا تكفي!)، ومن أعياه التعدد في الزوجات فليعدد في المهن على الأقل بالذات إذا كانت مهنته الأولى (الصحافة الورقية) التي تترنح حاليا بسبب منافسة الفضائيات والإنترنت..!