بسؤالنا عن تاريخ تلكم الكارثة، قال لنا الأهالي هنا إنه ومنذ عامين ظهرت مشكلة الطفح المائي بهذه المحلية – مروي- لكن النصيب الأكبر من الكارثة نالته منطقة الرجيلة حيث بلغ حجم الضرر بها انهيار أكثر من(140) منزلاً إلى جانب تدمير المحاصيل الزراعية، وقال مواطنون تحدثوا ل(السوداني) إنهم طالبوا بإيجاد حلول جذرية أو بديل لمنازلهم. مؤكدين أن بعض الجهات وعدت بإجراء عدة أبحاث لمعرفة أسباب تلك الظاهرة فخلصت دراسة إلى أن أسباب هذا الطفح ليس سد مروي، لكن دراسات أخرى أرجعت السبب إلى نظام الري في المشروع الزراعي بالمنطقة الغنية بالمواقع الأثرية، وقدَّرت تلكم الدراسة كميات المياه الطافحة في السطح بحوالي (7) أضعاف ما تحتاجه الزراعة، ما أدى إلى تدمير المحصول ما دفع السكان لمغادرة منازلهم والاحتماء بأماكن بديلة، لكن ثمة معالجات جرت ولا زالت مستمرة في إعداد بعض النزل البديلة من الزعف وجريد النخل لمعالجة آثار مخاوف السكان من انهيار المنازل التي زحف عليها "النز" ومشكلات الآخرين الذين انهارت منازلهم ، كما أبدوا المخاوف من حدوث كارثة بيئية قائلين " نحن الآن بين نارين" إيقاف المشروع لفترة من الزمن أو تدمير المنازل. توجيهات رئاسية خلال زيارته الأخير قبل أيام لافتتاح مهرجان البركل وجَّه رئيس الجمهورية عمر البشير بحل مشكلة الطفح المائي بهذه المنطقة مُوجِّهاً المهندسين بدراسة الظاهرة وايجاد الحلول الجذرية لها. وبعد صدور هذه التوجيهات قررنا زيارة تلك المنطقة برفقة الزميلات في صحف (الوطن والسوداني وسودان فشن والانتباهة)، وفي الصباح الباكر عزمنا الذهاب ولا ندري أين تقع تلك المنطقة وكان السائق المخصص لترحيل الوفد الإعلامي هو دليل ولكنه لا يعرف شيئاً سوى الطريق إليها، وقال "لنا أنا مهمتي توصيلكن"، بعد وصولنا إلى قرية الرجيلة وهي أكثر المناطق تأثراً بالطفح وجدنا عدداً من المنازل المنهارة والخالية من سكانها والبعض الآخر على وشك الانهيار بسبب تشقق وتشرب أجزائه والقرية يسودها الهدوء الشديد. (ألحقونا يا جماعة الخير..) تجمهر عدد من المواطنين بعد حضورنا وتسارعوا في بثِّ شكواهم عن الطفح، واصفين المشكلة ب(الخطيرة) ، موضحين أن الطفح بدأ يظهر في الآبار التي ارتفع منسوبها لنحو مترين عن سطح الأرض قبل أن تنشق وتنهار، ثم امتد "النز" إلى أساس المنازل وصارت تنهار بالتدريج، منوهين إلى أن سبب الطفح المائي ناتج عن مشروع استثماري كبير بالمنطقة، أدى إلى تصدع أكثر من (90) منزلاً بالمنطقة إلى جانب تشريد أكثر من (500) أسرة، يمضي الحديث للمواطنين الذين جددوا شكواهم وتضررهم من "النز" المائي ، منتقدين بطء المعالجات خاصة وأن المشكلة امتدت لأكثر من عامين وألحقت الضرر ببعض المشاريع الزراعية الصغيرة مصدرعيشهم، وناشد المواطنون الجهات المختصة بضرورة حل مشكلة بتدخلات سريعة تفادياً لتفاقم الأضرار. يحكي المواطنون مشكلاتهم ب(مرارة) متحسرين على فقد منازلهم وتركها إلى ديار أخرى، قال المواطن إدريس عوض، إن معاناتهم من مشكلة الطفح المائي (النز) في تزايد مستمر لأن الأرض رويانة، منتقداً بطء المعالجات من الجهات المعنية، لكنه زاد أن المعتمد هو فقط من يتحرك معهم بعد أن اجتمع المواطنون وتجمهروا أمام مكاتب المعتمدية في مسيرة سليمة مطالبين بإيقاف المشروع، وقال :" في بداية ظهور الطفح لم يأتِ إلينا مسؤول إلا بعد أ، تصاعد الأمر إعلامياً ، ثم بعدها جاء والي الولاية الشمالية واعداً بالمعالجة ولكنه لم يفعل شيئاً"، موضحاً أن الظاهرة تفاقمت بعد عملية التطهير الاولى للترعة وتسببت في انهيارات لبعض المنازل، ثم أفاد أن اللجنة الشعبية والجهات المسؤولة سعت في خطوات ملموسة وقال نأمل من المسؤولين والجهات المعنية أن تلتفت للموضوع مؤكداً أن ظاهرة "النز" خطيرة جداً، مشيراً إلى أن أسرة تضررت وأصيب رب المنزل بكسر في ساقة وهو عامل يومية يعول أسرة وحالياً طريح الفرش، أما عن تضرره الشخصي قال :"فقدت منزلي وانتقلت من منزلي إلى مكان آخر في منطقة عالية لأن منزلي في منطقة خطرة ووالدي كبيرين في السن وخفت من انهيار منزلي، كما تضررت من تلف محصول البرسيم والذي يحقق عائداً مادي ما بين (3 - 4) آلاف جنيه وقد كان يساعد في مصدر الدخل اليومي". خوف وزعر وأكد المواطن صلاح السيد، أن مياه الطفح مالحة أدت إلى حرق الإنتاج. وأضاف بعد زيارة المعتمد الأخيرة وقف معانا وعرف مواضع الخلل، وطالبنا بمواسير لمعالجة المشكلة ولكن بعض المهندسين أكدوا أن المعالجة لا تتم بالمواسير، وقالوا إن الحل سيكون خطوة بخطوة وبالفعل تم إحضار تربة (الكربة) لحبس المياه لأن الترع تم حفرها في أرض (خشخاشة) مسربة للمياه وعند عملية التطهير تمت إزالة الطمي مما أدى إلى ظاهرة الطفح المائي والآن بعد توجيهات رئيس الجمهورية مؤخراً بعمل دراسات للتربة ووضع حلول جذرية، أطالب المسؤولين بالاهتمام بالتوجيهات وأن تحل القضية عاجلاً لجهة أنها قضية خطيرة جداً خاصة والآن الولاية في فصل الشتاء ومعظم المواطنين يتخفون من النوم داخل الغرف، خوفاً من انهيار المنازل والبطاطين غالية جداً لذلك لا بد من أخذ خطوة فعلية اتجاه المتضررين، وقال محمد الجزلي "إني تضررت من الطفح وانهار منزلي بالكامل" ، وزاد كان في السابق عند حفر الآبار الماء لا يظهر إلا بعد (15) متراً وحالياً يأتي الماء بعد حفر مترين. نتائج تحليل إلى ذلك قال المدير لهيئة الأبحاث الجيلوجية د. محمد أبو فاطمة، إن الأيام القليلة القادمة ستظهر نتيجة تحليل التربة التي توضح الأسباب الحقيقية للطفح المائي، موضحاً أن البعثة المكلفة لفحص عينات التربة وقفت على المنطقة المتأثرة وعملت على تحليل التربة من خلال الدراسات الفنية ومعرفة اتجاهاتها سواء كانت تسرب من السد أو آبار أو صرف صحي، ثم التأكد من أسباب التسرب جوفية أو أخطاء هندسية حتى يتم معالجتها جذرياً، مضيفاً أن هناك تقاطعات بين المركز والولايات خاصة في تنفيذ المشاريع الضخمة، مؤكداً عدم وجود دراسات للتربة والصخور إلى جانب التركيبة الجيلوجية، وزاد قائلاً إن قيام أي مشروع يتطلب دراسة للتركيبة الجيلوجية والفزيائية للصخور والتربة تفادياً لأي أخطاء يمكن أن تهدم المشاريع الزراعية، مطالباً بضرورة وضع كود هندسي محلي حسب الموصفات العالمية. تماطل مستمر وفي ذات السياق قال سكرتير اللجنة الشعبية بمنطقة الرجيلة عمر سيد أحمد، إن المشكلة بدأت بعد شهرين من عملية التطهير بالمشروع ، واللجنة تحركت وخاطبت الجهات المختصة بأول خطاب كان في تاريخ 23/5/2016م ، إلا أن التجاوب لم يكن سريعاً، كما لم يحضر المسؤولون إلا عقب وقفة احتجاجية أمام المعتمدية وجاء المعتمد وعمل زيارات وقدم بعض المساعدات خيم وبطاطين كشيء بسيط من المحلية، بعد ذلك جاء فريق فني من وزارة المعادن وعمل دراسات استكشافية للمنطقة والترعة موضحاً في تقريره أن المشكلة لها علاقة بالترعة ولا تتعلق بالسد لأن "النز" حالياً موجود في ثلاثة مواقع بها مشاريع (لارا ،البريق ،النهضة، البلل) وهذه المشاريع نفذت حديثاً في 2007م ولم يكن هنالك استشاري بالنسبة لتصميم الترعة الخاصة بهذه المشاريع، ومواصفات إنشاء الترعة ولم تكن بالصورة المطلوبة، كما فاد أن التقرير أوضح الخلل والمعالجة معاً للترعة باحضار تربة خاصة "تتمندل" وتعمل بطريقة انسيابية لأن المشروع عندما يتوقف لمدة شهر تجف الترعة ويجف " النز"، وأضاف أن الوالي زار المنطقة قبل (8) أشهر ومنحناه ملف عن الموضوع وبعده جاء وزير التخطيط لكن على الرغم من ذلك لازالت الحلول بطيئة إلى أن تطور الأمر، وأيضاً آخر من زار المنطقة الفريق صلاح قوش بصفته ممثلاً للدائرة (5) بالمحلية، منوهاً إلى أن الوالي بعد زيارته وجه الشركة المنفذة بمعالجة الموضوع بعد ذلك جاءت الشركة وعملت حلولاً لكنها لم تكن جذرية، ثم تلاها اجتماع مع الوالي ضم وفداً من المنطقة، تلاها صدور توجيه من قبل الوالي بتنفيذ الحلول حسب الإمكانية، إضافة إلى أن المواطنين طالبوا بإحضار مهندسي الري والحفريات لخبرتهم ولقيادة عمليات معالجة "النز" إلى جانب ضرورة معالجة أوضاع من تضرروا. نداء عاجل من ناحيته قال معتمد محلية مروي مبارك شمت، إن ظاهرة الطفح المائي صارت تهدد المنطقة خاصة المشاريع الزراعية والمنازل، مؤكداً انهيار أكثر من (140) منزلاً جراء ظاهرة" النز" ووصفها ب(الخطيرة) وقال إن محليته لا تستطيع بمفردها إيجاد الحل اللازم للظاهرة، معلناً عن وقوع إصابات على بعض المواطنين الذين انهارت عليهم المنازل، مضيفاً أن المساعدات التي قدمتها السلطات للمواطنين المتضررين لا تكفي، كما أنه لاعلاقة لسد مروي بظاهرة الطفح المائي، موضحاً اأن الترع والري عن طريق الغمر هما المسببان للظاهرة واستدرك قائلاً عندما تتوقف الترع عن الجريان تتوقف ظاهرة "النز"، معتبراً أن الحل الجزئي والتقليل من حدة الظاهرة هو ترميم الترع والاستعانة بالمشمعات لتقليل المخاطر.