مؤخراً الوضع صار أصبح أكثر تعقيداً بعد رفع بنك السودان يده عن توفير دولار رسمي للشركات التي تستورد الدواء، ورغم أن أسعار الدواء ارتفعت منذ تحرير سعر الصرف قبل عامين ورفع الدعم عن كثير من السلع ومن ضمنها الدواء، إلا أن الوضع طبقاً للعديد من المختصين أصبح لا يُطاق، الأمر الذي أفرز كثيراً من القرارات الإسعافية اتخذتها الدولة لتخفيف الآثار المترتبة على التحرير منها دعم الصناعة الوطنية بإيقاف استيراد الأصناف التي تُصنع محلياً، ودعم أدوية الأمراض المزمنة وزيادة حصة العلاج المجاني، وهو ما وصفه المختصون بالمُسكنات الوقتية التي لا تُسهم في حل أصل المشكلة. لا جديد في القرار (أدوية الإمدادات الطبية على الرغم من أنها مدعومة إلا أن أسعارها كانت متقاربة مع أسعار أدوية الشركات)؛ بهذه المعلومة ابتدر الطبيب بصيدلية السعودي بالخرطوم د.علي الحداد حديثه ل(السوداني) أمس، وأضاف: "لكن تأثيرات ارتفاع الدولار دائماً تُلقي بظلالها على أدوية الشركات التي تُمثل (70%) من الأدوية الموجودة بالصيدليات، بالتالي لا تظهر قيمة الدعم الذي يُقدَّم لأدوية الإمدادات بصورة مباشرة على المواطن". ونبه الحداد إلى أن الأصناف الدوائية التي ترد عبر صندوق الإمدادات محصورة فقط في أدوية الطوارئ ومستهلكات مرضى الكلى، وبعض أدوية مرضى السرطان، إضافة لأدوية بنك الدم والهيموفيليا، وأضاف: "لذلك أسعارها شبه ثابتة إن وجدت". ويرى الحداد أن قرار إلزام الصيدليات الحكومية بالبيع بتسعيرة الإمدادات لا جديد فيه وأنه سارٍ بالفعل، قاطعاً بأن جميع الأدوية التي تأتي عبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية أسعارها ثابتة ومدعومة وتزيد بنسب قليلة، وأضاف: "بحسب علمي الأدوية المدعومة تلك تنفد في وقت وجيز جداً، وبعدها تختفي نهائياً من السوق، بسبب أنه غير مسموح استيرادها إلا عبر الإمدادات". حلول غير مُجدية الارتفاع الذي تشهده الأدوية في الآونة الأخيرة قاد بنك السودان المركزي إلى عدم توفير دولار رسمي لاستيراد الدواء حتى للإمدادات الطبية نفسها ناهيك عن شركات القطاع الخاص. واعتبر الصيدلي بالهلالي د.عماد خليل في حديثه ل(السوداني) أمس، أن أسعار الدواء لن تستقر إلا باستقرار الدولار ولن تنخفض أسعارها إلا بتوفير دولار مدعوم أو سعر رسمي من بنك السودان، وأضاف: "وإلا ستظل الأزمة قائمة والحلول الوقتية لا تجدي في مثل تلك الأحوال". وأقر عمار بأنه لا يوجد فرق في أسعار الأدوية بين صيدليات الإمدادات وغيرها، مؤكدا أن الإمدادات لا تكفي حاجة السوق كما أنها محكومة بالدعم المُقدم لها من الدولة"، وأضاف: "مؤخراً الإمدادات باتت تُركز على زيادة عدد الأصناف الواردة عبرها على حساب أخرى أساسية وبالتالي بعض الأصناف تنفذ سريعاً وأخرى تظل في المخازن حتى تفقد صلاحيتها كما حدث مؤخراً وتمت إبادة كمية من الأدوية منتهية الصلاحية موجودة بمخازن الإمدادات". حماية المستهلك رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي، أكد أن قرار بيع الأدوية في الصيدليات الحكومية بأسعار الإمدادات الطبية سليم جداً، ويذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن القرار سيُحدث تأثير مُمثلاً على ذلك بأن الفرق في سعر بخاخ الأزمة (فانتولين) بين صيدلية الإمدادات وغيرها أكثر من (100) جنيه، في وقت أشار فيه شلقامي إلى أن منافذ بيع أدوية الإمدادات الطبية في الولاية محدودة وينبغي زيادتها، واقترح أن تكون لديهم صيدليات داخل المستشفيات وبشوارع العيادات، وأضاف: "بحسب حديث لمدير صندوق الإمدادات الطبية، فإن هنالك (500) صنف دوائي يُورد عبر الإمدادات الطبية". دولار الدواء (إلى الآن لا يوجد اتجاه لتوفير دولار رسمي من بنك السودان لاستيراد الدواء رغم المطالبات)؛ بهذه العبارة ابتدر، رئيس اتحاد الصيادلة د.صلاح الدين إبراهيم حديثه ل(السوداني) أمس، نافياً في الوقت ذاته وجود زيادات جديدة في أسعار الأدوية وأضاف: "الأدوية الموجودة الآن بمنافذ البيع مُسعَّرة بدولار ثابت قيمته 21 جنيهاً". وحول إمكانية تطبيق قرار إلزام الصيدليات الحكومية بتسعيرة صندوق الإمدادات الطبية، لم يختلف حديثه عن سابقيه في أن الفكرة جيدة لكنها محدودة وعدد صيدليات الإمدادات الطبية بولاية الخرطوم ثلاث صيدليات فقط.