أولاً: سيطر الملف الاقتصادي بالكامل على مجريات الشورى، ووضح أن الحزب يستشعر أهمية الملف –إن لم تكن خطورته– وتأثير ذلك الملف على مستقبل الحزب مع شروع الحزب في الاستعداد لانتخابات 2020م ولذلك كان جل حديث الرئيس البشير لدى مخاطبته أعضاء الشورى في جلستين مغلقتين عن الأوضاع الاقتصادية وتناولها بشرح دقيق ومفصل. كما قدم رئيس القطاع الاقتصادي د.حسن أحمد طه، ورقة اقتصادية ناقشها الأعضاء باستفاضة. ثانياً: كان لافتاً في الشورى أن رئيس الجمهورية، مثله وأي عمر حسن أحمد من عامة الناس، بخلاف ما يدور من همس أن البشير سيتخلى عن الحزب، وأن له رأياً سالباً في الأداء.. أحدثت مغادرة الرئيس لجلسة الشورى في يومها الأول على عجل حيرة واستفهامات، واستعصى على المؤتمرين تفسير المغادرة المفاجئة للرئيس، لكن جاء البشير واعتذر بكل لطف أن ظرفاً اجتماعياً اضطره للمغادرة وبدد بذلك أية مخاوف. كما أن الرئيس أكد إلمامه التام بكل القضايا، وأن كل خيوط اللعبة السياسية بيده واستطاع وبحنكته أن يخفف الغضبة المضرية تجاه القطاع الاقتصادي باعتبار أن المسئولية جماعية، وكان ذلك سبباً أن يكون النقاش حيوياً حول الأوضاع. ثالثاً: شكلت قيادات الحركة الإسلامية حضوراً كبيراً، في الشورى وكان ذلك بمثابة رسالة واضحة على حالة الانسجام التي عليها الحركة مع الحزب، وقد لاحظت انتظام الأمين العام الشيخ الزبير أحمد الحسن ونوابه وأمناء القطاعات في الجلسات وكان لبعضهم مشاركة في النقاشات مثل تعليق الزبير على ترشيح الرئيس. رابعاً: ظهر القيادي د.نافع علي نافع خلال الشورى بشكل مثير للجدل، فبدءاً غاب عن المكتب القيادي والمجلس القيادي يوم الخميس، واستفسرت الصحافة عن سر غيابه وبعد استقصاء علمت (السوداني) أنه كان في مهمة خارجية في جمهورية تونس.. وشارك نافع في جلسات الشورى يومي الجمعة والخميس، لكن مشاركته كانت فاترة، ففي يوم السبت الذي استمرت فيه المداولات طول اليوم حتى المساء كان نافع حاضراً في مؤتمر حزب التحرير والعدالة القومي بقاعة الصداقة ولم يكن مكلفاً من الحزب حيث كان ممثل رئيس (الوطني) هو والي ولاية الخرطوم وحتى في جلسة المساء جاء نافع عقب خطاب الرئيس والشورى في خواتيمها. ويتضح أن نافع أراد من ذلك إرسال رسالة وقد أثار وقوفه لفترة طويلة مع أمين حسن عمر في باحة مركز الشهيد الزبير تساؤلات الصحفيين خاصة وأن أمين كان من الأصوات التي أدلت برأيها في مسألة ترشيح الرئيس. خامساً: بالمقابل خطف علي عثمان محمد طه الأضواء، وشكل تواجداً طيلة الأيام الثلاثة من اجتماع المكتب القيادي وحتى ختام الشورى، وقد لوحظ تحرر طه من كثير من القيود، حيث التقى بعدد من المؤتمرين، وتحدث مع بعضهم وغير من موقع جلوسه بحيث لم يتقيد بالبرتوكول الذي خصص له مقعداً بجوار نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود. سادساً: كان ملف ترشيح الرئيس حاضراً قبيل بدء أعمال الشورى من خلال انطلاقة الحملات الداعمة لترشيح البشير للرئاسة ببعض الولايات وبواسطة الطرق الصوفية والإدارات الأهلية.. ورغم أن الحزب منذ فترة أعلن أن جدول أعمال الشورى يخلو من مسألة الترشيح إلا أنه تم تناولها وخضعت لنقاش موضوعي في غياب الرئيس نال استحسان ورضا المؤتمرين، كرأي والي ولاية شمال كردفان أحمد هارون الذي أكد دعمهم للرئيس ولكن من الممكن مناقشة الأمر لاحقاً، فيما أيد الحضور رؤية الشيخ/ الزبير أحمد الحسن الذي اقترح إرجاء الأمر لوقت لاحق خاصة وأن هناك عدداً من النشاطات السياسية الكبيرة للحزب من الآن وحتى منتصف 2019م. سابعاً: تأكيداً لما ذهبنا إليه في وقت سابق فإن (الشورى) لن تناقش أي تغييرات في الحكومة وأن الأمر يرجع للمكتب القيادي الذي فوض الرئيس البشير وهو بدوره ينسق مع رئيس الوزراء، لكن من خلال نقاشات الأعضاء فهناك حالة عدم رضا عن أداء الحكومة، مما يجعل فرضية إعمال مبدأ الإحلال والإبدال قائمة وبشكل كبير. ثامناً: لم تحصر (الشورى) نفسها في القضايا الداخلية بفرعيها (الوطن عامة والوطني الحزب)، بل تناولت العلاقات الخارجية وأثرها على الداخل، وحفز الرئيس المؤتمرين لذلك من خلال تنويره الضافي عن علاقات السودان الخارجية والتي بدا راضياً عنها. تاسعاً: أطلت قضية ولاية الجزيرة والصراع المعروف بين الوالي محمد طاهر إيلا والمجلس التشريعي برأسها داخل الشورى، بإشارة للأحداث في ولايتي الجزيرة والبحر الأحمر، لكن المفاجأة كانت مشاركة بعض القيادات التي تم الإعلان عن فصلها مثل القيادي عبد الله محمد علي نائب رئيس الحزب الأسبق بولاية الجزيرة، مما يعني أن ازمة (الجزيرة) في طريقها للمعالجة بطريقة ما، كما أن رئيس التشريعي البروفيسور جلال من الله كان موجوداً في المؤتمر. عاشراً: مرت الشورى بسلام وبددت أية شائعات ذهبت في اتجاة تحرير شهادة وفاة للشورى، نجاح الشورى جعل الأنظار تتجه إلى نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود الذي بدا هادئاً وقام بجهد كبير خلال الفترة المنصرمة. أحد عشر: من الواضح أن (الوطني) سيشهر في الفترة المقبلة سيف (المساءلة والمحاسبة) من خلال إجازة (الشورى) للجنة المحاسبة والانضباط التي يترأسها الحاج آدم وشروعها في ترتيب أوضاعها، كما أن الرئيس البشير قدم الحاج مخاطباً للمجلس القيادي وهذا دليل على أن الحزب سيعمل وبقوة على حسم التفلت داخل صفوفه.