نشر المعلومات الكاذبة والكراهية من سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تكون صحافياً بهذه البساطة، هناك متطلبات
انتهى الصحفي النرويجي توري بيدرسون من عرض تجربته الإعلامية في فندق هيلتون الرياض ضمن (منتدى الإعلام السعودي) الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض نهاية العام الماضي (ديسمبر2019م) وضم نخبة من الإعلاميين والأكاديميين ومن ضمنهم توري حيث عرض تجربته الإعلامية، وكيف تحول من إدارة الأعمال حيث تلقى تعليمه الى ممارس للإعلام وتدرج فيه حتى أصبح رئيسا لمجلس إدارة كبرى المؤسسات الإعلامية في بلاده النرويج، ويحكي كيف غيرت الصدفة مسار حياته من الدراسة في الولاياتالمتحدة الى صحفي شهيرا في بلاده، جلست الى الرجل الذي عرف بهدوئه وبساطته وترتيب أفكاره، وناقشنا موضوعات إعلامية متعددة، فمرحبا به:
*أولاً نرحب بك نرجو أن تحدثنا عن توري بيدرسون وتجربته الإعلامية؟ – اسمي توري بيدرسون، صحفي من النرويج، عملت في الإعلام منذ 39 عامًا بدأت عملي الصحفي في إحدى الصحف المحلية، وتلقيت تعليمي في مجال إدارة الأعمال وبدأت العمل الصحفي بمحض الصدفة، في عام 1988 تم تعييني في أكبر صحيفة في النرويج وكنت مسؤولاً عن غرفة الأخبار، من هناك أصبحت المحرر التنفيذي. واستمريت في هذه المهنة لمدة ست سنوات، وبعدها انتقلت للقسم الإلكتروني للشركة على الانترنت، وأصبحت رئيسا لتحرير النسخة الالكترونية على الانترنت لمدة ثماني سنوات للطبعة عبر الإنترنت على الإنترنت لمدة 8 سنوات. وبعدها صرت رئيسا لتحرير المؤسسة بأكملها، مسئولا عما يتم نشره على شاشة التلفزيون أو في الصحيفة الورقية. في العامين الأخيرين أصبحت رئيسا لمجلس إدارة هذه المؤسسة. ان المؤسسة التي أعمل فيها تملك أكبر صحيفتين إخباريتين ومواقع إخبارية ولديها أيضًا خدمات تسويق وخدمات إعلامية أخرى، ولم أعمل أطلاقا في الإذاعة او التلفزيون. الآن أعمل في مجموعة إعلامية كبرى تسمى شيبستيد لديها فروع عديدة في النرويج وهي الشريك الأوحد لشركة اديفينتا ولها فروع في 16 دولة في العالم وقد تكون الأقرب منها للسودان هي المغرب وتونس. * من وجهك نظرك ما المشكلة التي تواجه الصحافة اليوم؟ – قد تكون إحدى المشاكل التي تواجه الصحافة اليوم وخلال أعوام كثيرة صارت لدينا الكثير من الصحف وصرنا نعرف كيف نديرها، ولكن مؤخرا ظهرت الهواتف الذكية عمرها 12 عامًا فقط. ظهرت في صيف عام 2007 وأصبحت المصدر الأساس للأخبار وهي متاحة على نطاق واسع في السوق. ولا أعتقد أننا طورنا طرق صياغة القصة الخبرية ولم نستفد من الجوال رغم امكانياته الكبيرة، اعتقد ما زلنا في بداية الطريق. * ما رأيك في دور الشبكات الاجتماعية ومحركات البحث مثل جوجل وغيرها؟ – بالطبع استخدم للحصول على المعلومات. على سبيل المثال لمعرفة ما يحدث في السودان، أدخل على موقع جوجل واقرأ ما هو مكتوب حول عما يجري حاليًا، سواء في جوجل أو غير ذلك، لذلك توجد كثير من الإيجابيات في شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن هناك الكثير من العناصر السلبية مثل نشر المعلومات الكاذبة والمزورة ونشر الكراهية وتشويه الحقائق، لذلك علينا خلق نوع من التوازن بين المحاسن والمساوئ. *هل بإمكان كل من امتلك هاتفا نقالا أن يصبح صحافياً؟ – لا، ليس صحيحًا، يمكنك الملاحظة، ويمكنك سرد القصة أو الحدث، ولكن لا يمكنك أن تكون صحافيًا بهذه الطريقة البسيطة. تتطلب الصحافة اعتماد أساليب منهجية لبناء القصة المحددة والتحقق من صحة المعلومات والحقائق وأساليب كتابتها وصياغتها بطريقة مفهومة وجيدة وهذا ما يتعلمه الناس عندما يعملون ويتدربون مع صحفيين محترفين ومهرة، لذلك لا يمكن القول إن أي شخص يمكن أن يصبح صحافيا، ولكن يمكننا أن نقول إن الشخص يمكن أن يكون شاهدًا … يمكن أن يكون صوتا. *والطريف في الأمر أنك درست الإدارة، ومع ذلك اخترت أن تكون صحفيًا؟ – كان الأمر صدفة ، أنهيت خدمتي العسكرية الإلزامية وأتيحت لي الفرصة للدراسة في الولاياتالمتحدة وكان هناك 6 أو 7 أشهر بين نهاية خدمتي العسكرية والفترة التي كان من المفترض أن أبدأ الدراسة فيها بالولاياتالمتحدةالأمريكية ، وكنت أحتاج إلى المال ، لذا اضطررت للعمل ولحسن الحظ التقيت برجل يعمل في إحدى الصحف ، وسألته إذا كان بإمكاني أن أحاول كتابة مقال أو شيء مماثل، ويبدو أننى امتلك الموهبة ، لذلك لم أذهب أبدًا إلى الولاياتالمتحدة واستمررت في هذا المجال وتعلمت الكثير كل يوم وكل يوم يزداد شغفي للصحافة. * هل تعمل مؤسستك في الوسائط الاجتماعية أيضًا؟ – نعم، لدينا سياسة لتوزيع موادنا على الوسائط الاجتماعية لكن معظم قرائنا يفتحون صفحاتنا مباشرة من الإنترنت، لذا فنحن لا نعتمد بصورة كلية على الوسائط الاجتماعية رغم محاولاتنا لا استخدامها للوصول إلى الشباب. *برأيك وأنت مديرًا لإذاعة الآن، فهل سيظل الراديو وسيطا مؤثرا في ضوء تطور وسائل الإعلام الحديثة؟ – عندما أقود سيارتي، أستمع إلى الراديو باستمرار، لكن استخدامي للوسائط الأخرى يزداد إذ أنها تمكنني من متابعة ما أريد متابعته في الوقت الذي أختاره، لكن الراديو والتلفزيون التقليديين سيجبرانك على البقاء أمامها في وقت محدد. أما بالنسبة للوسائل الأخرى، فإن الوسائط عند الطلب مثل البودكاست تمنحك حرية الاستماع ومشاهدة ما تريد مشاهدته عندما تكون تريد ذلك عبر هاتفك النقال. * ذكرت أنك تتابع أحداث السودان عبر قوقل، هل زرت السودان من قبل؟ – لم أزر السودان من قبل، في افريقيا لم أزر سوى المغرب وشمال افريقيا. *ما الذي تعرفه عن السودان قبل الثورة وبعدها؟ – ما فهمته من الأخبار هو أن عمر البشير كان القائد (الرئيس) لسنوات عديدة، وأن هذه البلاد لم تسر كما يجب ولا توجد بها تنمية تتناسب ما بها من موارد، بسبب انعدام الحريات فيها، وعلمت ان هناك ثورة حدثت وأن هناك فترة انتقالية تتكون حكومتها من المكون العسكري والمدني، وبعد ذلك يحصل من قاموا بالثورة على حكم ديمقراطي خالص (بدون مشاركة العسكر) هل ما قلته صحيح؟ ربما؟ * أنت تقول ربما! لأنك لا تعرف؟؟ المحرر: التوقعات ترى سيناريو مختلفا، البعض يتخوف ان ينقض العسكر على السلطة، أو شيء من هذا القبيل (تدخلات من جهات خارجية لا تريد للثورة ان تنتصر أو قيام انتخابات تفضي لنظام ديمقراطي) هي تحليلات أو توقعات وليس لدي معلومات أكيدة، لذلك لا أستطيع تقديم إجابة غير مؤكدة!! *هل هذا كل ما تعرفه عن السودان؟ وهل نراك قريبا في السودان؟ – أعلم أيضًا أن جنوب السودان هي الدولة الشابة التي استقلت عن السودان، وأن هناك حروبًا أهلية بين مجموعات مختلفة في جنوب السودان. في القريب العاجل سأبطئ من إيقاعي وسأعتزل العمل اذ أنني بدأت أشيخ او أتقدم في العمر. *الملاحظ أنك تتحدث الإنجليزية بطلاقة وكان ظني أنك لا تتحدث إلا اللغة النرويجية؟ – لغتنا الأم هي اللغة النرويجية وهي مثل اللغة الألمانية، لكن معظم الناس تتعلم اللغة الإنجليزية في المدارس، وبدأت تعلمها في الصف الخامس. *أخيرا، هل التقيت شخصيات سودانية من خلال عملك في الإعلام؟ – ربما، قد يكون حدث ذلك لكن لم ألاحظ أو أتعرف على من قابلته، عموما فيما اعتقد أنت أول صحفي سوداني ألتقيه.