خلال هذا الأسبوع نال الاستثمار في السودان ثلاث ضربات قوية. الضربة الأولى جاءت من ولاية نهر النيل، حيث أصدر مجلس وزراء حكومة الولاية بتاريخ 9 أغسطس قراراً قضى بوقف كافة التصديقات للمشروعات الاستثمارية الجديدة، في مختلف المجالات، حتى نهاية العام الجاري. وقطعت السيدة آمنة أحمد المكي والي الولاية، حسب موقع (صوت الدامر) على الفيسبوك، أنه لن يتم النظر في أي طلب جديد، ومراجعة التراخيص والاتفاقيات السابقة. وأضافت (ما في زول تاني يستثمر على كيفو). الضربة الثانية جاءت من ولاية الجزيرة، حيث أصدر والي ولاية الجزيرة الدكتور عبد الله ادريس الكنين بتاريخ 11 أغسطس القرار رقم 6 م لسنة 2020 بإيقاف التصاديق الخاصة بالأراضي الزراعية والاستثمارية والتجارية والسكنية، لحين إشعار آخر. أما الضربة الثالثة فقد تمثلت في نشر صحيفة (آخر لحظة) الغراء بتاريخ 11 أغسطس، معلومات حول ترحيل مصنع الأنابيب البلاستيكية الخاص بمشروع أمطار الزراعي، على متن 17 شاحنة الى جمهورية مصر، قبيل عيد الأضحى المبارك. مشروع أمطار الزراعي هو استثمار إماراتي على مساحة 300 ألف فدان بمحلية الدبة 334 كلم شمال الخرطوم. ومعلوم أن لجان المقاومة بالدبة نفذت اعتصاماً بالطرق المؤدية للمشروع لأكثر من 15 يوما حسب صحيفة( آخر لحظة)، وتطالب اللجان بكشف أصول مشروع أمطار، وزيادة نسبة التوظيف المحلي فيه، وتنفيذ مشروعات مسئولية اجتماعية لصالح السكان المحليين، ومحاسبة المفسدين، ومراجعة خطة وقانون الاستثمار، والعقودات المنفذة. يا جماعة الخير (بلغة أستاذنا البوني) الاقتصاد السوداني محتاج بشدة للاستثمارات الأجنبية، لأن مواردنا الداخلية ضعيفة جداً، وغير كافية لتحريك جمود الاقتصاد، بمشروعات كبيرة، زراعية وصناعية وخدمية. مجمل الموارد الداخلية المتاحة لنا، إذا جمّعنا الودائع الحكومية، وودائع القطاع الأسري، والقطاع الخاص، في كل بنوكنا، سنجدها لا تتجاوز 5 مليارات دولار. في حين أن دراسة للمعهد العربي للتخطيط في الكويت، أشارت لحاجة الاقتصاد السوداني لاستثمارات بقيمة 23 مليار دولار، لمدة عشر سنوات، لإنقاص نسبة الفقراء للنصف. لهذا علينا المحافظة على الاستثمارات الأجنبية القائمة، والسعي نحو جذب استثمارات أجنبية أخرى. توجد منافسة كبرى لجذب الاستثمارات الأجنبية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونقل مصنع الأنابيب البلاستيكية الخاص بشركة أمطار لجمهورية مصر، يقف شاهداً على هذا. المستثمر الإماراتي وجد مضايقة في السودان، ففضل الانتقال لمصر. من الخاسر؟ إنه الاقتصاد السوداني، ومواطن المنطقة المقام فيها المشروع. من حق الولاة والمسئولين مراجعة اتفاقيات الاستثمار القائمة، والتراخيص الصادرة، وتقويم كل ذلك. لكن هذا ينبغي أن يتم بهدوء، وعن طريق خبراء متخصصين في اتفاقيات الاستثمار، حتى لا نفقد الاستثمارات القائمة، ونعجز عن جذب استثمارات جديدة. وعلى الأستاذة هبة، وزير المالية المكلف، وهي خبيرة استثمار، تنبيه السادة والسيدات الولاة لرعاية وحماية الاستثمارات الأجنبية في ولاياتهم. والله الموفق.