تبددت المخاوف من تأثير تطبيق سياسات التقشف الاقتصادي، وارتفاع أسعار صرف الدولار انخفاض قيمة العملة الوطنية (الجنيه) وانفصال جنوب السودان على جذب الاستثمارات للبلاد، ليشهد العام 2012 خلافاً للتوقعات، تدفقاً ملحوظاً فى الاستثمارات الاجنبية المباشرة وإقامة استثمارات جديدة فى مجالات الزراعة والصناعة والخدمات الى جانب إبرام اتفاقيات للتنقيب عن الذهب والنفط بعدد من الولايات والمربعات، كما استقبلت البلاد عدداً من الوفود الاستثمارية من دول شرق آسيا كالصين والهند وماليزيا، ودول الخليج كالسعودية والكويت والامارات وقطر والبحرين وعمان، والدول العربية كالاردن ومصر والجزائر وليبيا، الى جانب الدول الافريقية كجنوب افريقيا واثيوبيا وتشاد وافريقيا الوسطى والنيجر ونيجيريا، والدول الاوربية كالنرويج والنمسا وتركيا وسويسرا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا فضلا عن وفد استثماري أمريكي زار البلاد خلال الاسبوع الماضي الى جانب وفود من البرازيل والارجنتين، بينما اتجه القطاع الخاص الوطني الى تنويع استثماراته بالدخول فى استثمارات جديدة فى مجال الزراعة وربطها بالصناعة وتدفق استثمارات الصناديق السيادية العربية للاستثمار فى البلاد خاصة الصندوق السعودي والقطري والاماراتي. وتفيد متابعات (الرأى العام) بان ولاية الخرطوم حظيت بجذب أكثر الاستثمارات بترخيصها لنحو (950) مشروعاً خلال العام 2012 فى مجالات الزراعة والصناعة والخدمات خاصة السياحة والفنادق والمطاعم وخدمات السيارات والتعليم والصحة، كما تصدر قطاع الذهب القطاعات الأكثر جذباً للاستثمارات بدخول نحو (250) شركة للاستثمار بالبلاد فى مجال المعادن يتوقع ان تدخل سبع شركات منها دائرة الانتاج خلال هذا العام، بينما ساهم نشاط التعدين الأهلي فى زيادة صادرات الذهب لتبلغ نحو (52) طنا فاقت عائداتها ال(2.6) مليار دولار مما دفع الحكومة لإنشاء مصفاة للذهب بالبلاد لزيادة القيمة المضافة لانتاج الذهب، كما تم توقيع اتفاقيات للتنقيب عن النفط ب(6) مربعات نفطية بأواسط وشمال وغرب البلاد مع نحو (70) شركة أجنبية متعددة الجنسيات ستسهم فى زيادة إنتاج النفط بالبلاد فى العام القادم الى (315) ألف برميل نفط يومياً فضلا عن افتتاح العديد من فروع البنوك الاجنبية بالخرطوم كان آخرها افتتاح البنك الأهلي المصري الخرطوم خلال الاسبوع الماضي. ويرى خبراء الاقتصاد أن التقارب السوداني المصري وتدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال المصرية للاستثمار بالبلاد، سيفتح الباب واسعا أمام تدفق استثمارات أجنبية جديدة خاصة من الدول الاوربية وبعض الدول العربية التى تقيس علاقاتها مع السودان بتحسن علاقاتها مع مصر، الى جانب تأثير اجراءات التقشف الاقتصادي إيجاباً على تدفق الاستثمار حيث يعطي التقشف تأكيداً على حرص الدولة على تهيئة البيئة وإحداث استقرار اقتصادي بالبلاد. وأكد د.عزالدين إبراهيم وزير الدولة بوزارة المالية الاسبق والخبير الاقتصادي المعروف ان العام 2012 شهد تدفقاً ملحوظاً للاستثمارات الاجنبية المباشرة، وتنويعاً فى الاستثمارات الوطنية خلافاً للتوقعات بان يتأثر الاستثمار بانفصال الجنوب وعدم استقرار أسعار الصرف وتطبيق التقشف الاقتصادي. وأرجع د.عزالدين فى حديثه ل(الرأى العام) تدفق الاستثمارات الاجنبية الى البلاد الى أن معظم الاستثمارات المستقطبة تشمل استثمارات صناديق سيادية تتبع لحكومات بلادها خاصة الصناديق السيادية لدول ( قطر والسعودية والامارات)، الى جانب الاستثمارات الحكومية من دول شرق آسيا خاصة الصين والهند وماليزيا والتى تركز على الاستثمار فى مجالات النفط ، والاستثمارات الاجنبية المباشرة للشركات متعددة الجنسيات فى مجال النفط والزراعة والصناعة والخدمات ، ولجوء القطاع الخاص الوطني الى تنويع استثماراته بولوج الاستثمار فى مجال الزراعة من أجل توفير مدخلات الانتاج للصناعات المحلية. وتوقع د.عزالدين ان يسهم التقارب والتحسن فى العلاقات السودانية المصرية فى جذب استثمارات أجنبية عديدة خاصة من بعض الدول الاوربية والعربية التى تقيس علاقاتها مع السودان بمستوى تحسن علاقاته مع القاهرة، وبالتالي تدفق الاستثمارات ورؤوس الاموال المصرية للاستثمار بالبلاد ستكون حافزاً لاستقطاب استثمارات جديدة خلال المرحلة القادمة، الى جانب نجاح سياسات التقشف الاقتصادي فى إحداث تعافٍ وتحسن فى الأداء الاقتصادي بشهادة صندوق النقد الدولي والتى قال انها ستشجع العديد من الدول على ولوج مجالات استثمار بالبلاد لاسيما وان السودان يتميز بموارد وفرص استثمارية جاذبة لم تستغل حتى الآن. وفى السياق أكد د.عادل عبد العزيز رئيس القطاع الاقتصادي بوزارة المالية بولاية الخرطوم ان الولاية خلال العام 2012 استقطبت العديد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مجالات الزراعة والصناعة والخدمات. وأضاف د.عادل فى حديثه ل(الرأى العام) من خلال زيارات ميدانية للمشروعات الاستثمارية التى تم ترخيصها بولاية الخرطوم خلال العام 2012، تلاحظ ان معظم المشروعات التى تم ترخيصها دخلت دائرة الانتاج خاصة الاستثمارات فى مجال الصناعات الغذائية والزراعة والثروة الحيوانية. وعزا د.عادل تدفق الاستثمارات الأجنبية الى ولاية الخرطوم وسرعة تنفيذ المشروعات الاستثمارية الى تزايد الحاجة الى الغذاء وارتفاع اسعار السلع ورغبة المستثمرين فى تحقيق أرباح بجانب تنويع المستثمرين الوطنيين لاستثماراتهم بولوج الاستثمار فى مجال الزراعة وربطه بالتصنيع الزراعى من أجل توفير مدخلات الانتاج للصناعات المحلية بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار وزيادة أسعار مدخلات الانتاج المستوردة. وعضد عبد السلام محمد خير مدير اتحاد أصحاب العمل السوداني من القول بان العام 2012 شهد تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة للبلاد وتنويع الاستثمارات الوطنية والتوسع فى الاستثمارات بالقطاع الزراعي ، بجانب تزايد زيارات الوفود الاستثمارية للبلاد من مختلف دول العالم بحثاً عن الفرص الاستثمارية المتاحة. واضاف عبد السلام فى حديثه ل(الرأى العام) توجت زيارات الوفود الاستثمارية للبلاد بإبرام صفقات واتفاقيات للاستثمار فى كافة المجالات مع القطاع الخاص او حكومات الولايات ، كما نظم اتحاد أصحاب العمل العديد من المنتديات للترويج لاستثمار داخل وخارج البلاد. وتوقع عبد السلام استقطاب مزيد من الاستثمارات الاجنبية للاستثمار بالبلاد خلال الفترة المقبلة خاصة من النمسا وتركيا وجنوب افريقيا وروسيا.