* هنالك خلط كبير عند الحديث بتفويض الجيش يقع فيه البعض خاطئا ويروج له البعض عامدا وهو يصور تفويض الجيش كأنه استلام للسلطة على النحو الذي يعني بيانا وانقلابا يطيح بالحكومة القائمة والأمر ليس كذلك ابدا. * إن تفويض الجيش يعني ببساطة حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة أخرى من العسكريين والمدنيين لإكمال الفترة الانتقالية مع حفظ ثوابت الثورة وذلك بعد فشل الحكومة الحالية فشلا واضحا وذريعا وسريعا. * من الثوابت المعلومة عدم مشاركة اي حزب من أحزاب النظام السابق في السلطة الانتقالية وتفويض الجيش لتشكيل حكومة جديدة يعني إبعاد العناصر الحزبية للحكومة الحالية والتي اختارتها قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين. * بشكل أكثر وضوحا فإن تفويض الجيش يعني تشكيل حكومة كفاءات وطنية حقيقية مستقلة تماما وحرمان الأحزاب كلها من المشاركة في الفترة الانتقالية سواء كان ذلك بعناصر صريحة أو مختارة من قبلها. * معلوم ان جموع من الشعب السوداني كانت قد ذهبت للقيادة العامة للجيش في 6 أبريل العام 2019 ترجو منه إنهاء حكم النظام السابق وقد تمت الاستجابة لذلك وفي الأثناء ظهرت قوى أحزاب الحرية والتغيير وتجمع المهنيين في ميدان الاعتصام وبحكم مساهمتها السابقة في تنظيم المظاهرات وتقدمت للتفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي. * وقعت ذلك الوقت بعض الأخطاء منها اعتبار المجلس العسكري الانتقالي لقوى الحرية والتغيير الممثل الأوحد للثوار في الوقت الذي كان فيه غالبهم من الشباب المستقل ومن الأخطاء أيضا منح (قحت) لنفسها حق تشكيل الحكومة فكانت ولا زالت (الكفوات) المعروفة. * لم يتجه الثوار أيام الثورة الأولى الى دور الأحزاب القائمة في الخرطوم والولايات ليطلبوا منها التدخل ولم يذهبوا إليها بعد سقوط الحكومة طالبين منها تشكيل الحكومة البديلة. * لم يتجمع الثوار أمام دار حزب الأمة في ام درمان ولا الحزب الشيوعي في الخرطوم ولا أمام دور البعث والسوداني والناصري أينما وجدت ان كان لها في الأرض وجود ! * إن المناداة بتفويض الجيش اليوم تعني العودة الى نقطة البداية وإن قوى الحرية والتغيير لا تمثل الثوار وان اختيارها لعناصر الحكومة الحالية ثبت فشله المستمر وفي كل الجوانب والمجالات. * ها نحن أولاء نعود للمحطة الأولى التي ينادي البعض فيها بتفويض الجيش لا لاستلام السلطة ولكن لتشكيل حكومة جديدة بديلة للحكومة الحالية بالتشاور مع من يرى شريطة ألا تشمل عناصر حزبية من النظام السابق أو من أحزاب قوى الحرية والتغيير الحالية. * ان من حق البعض الخروج للشوارع وتفويض الجيش بحل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة بديلة وان كان هناك من لا يزال يرى في حكومة (قحت) خيرا وانها تمثله فليخرج ايضا مناديا ببقائها واستمرارها والثورة مستمرة.