تناولنا بالأمس مخرجات المنبر التفاوضي بجوبا من حيث الشكل.. وندلف اليوم إلى النصوص.. وفي البال أن هاجس الأمن هو ما يشغل الناس.. لذا نحاول اليوم التركيز على تلك النصوص المعنية بالأمن.. وبدءاً دعونا نؤكد.. وبشهادة خبراء.. أن من قاموا على صياغة نصوص تلك المخرجات النهائية.. قد أبدعوا فى صنيعهم وأجادوا عملهم.. حيث جاءت الاتفاقيات فى صياغة محكمة.. لا تحتمل التأويل.. هذا لا يقرظها ولا يقدح فيها.. بل يثبت جهد أولئك الذين سهروا على أن تخرج بذلك الشكل المتماسك.. غض النظر عن اتفاق الناس واختلافهم حول المضمون..! ودعونا نبدأ بتلك النصوص ذات الصلة بالترتيبات الأمنية.. لأهميتها لجهة أنها الأساس الذى يبنى عليه كل شيء.. وبدءاً نقول.. دونما تحفظ.. أن مخرجات جوبا قد أجابت على سؤال ظل يشغل بال المجتمع الدولي.. وظل لأكثر من عام.. بل ربما أكثر من ذلك.. محل جدل ونقاش داخل أروقة الأممالمتحدة.. ألا وهو ماذا بعد يوناميد فى دارفور..؟ وطرحت أفكار ومشاريع عديدة للإجابة على ذلك السؤال الذي يعتبر محورياً بالنسبة للعالم.. وهو من سيتولى حماية المدنيين فى دارفور بعد مغادرة قوات يوناميد..؟ أجابت مخرجات جوبا على ذلك السؤال بالتالي.. (اتفق الطرفان على تشكيل قيادة وقوة حفظ الأمن في دارفور بما يضمن مشاركة قوة من حركات الكفاح المسلح بعد خضوعها لتدريب مشترك مكثف في غضون 90 يوماً من تاريخ توقيع هذا الاتفاق).. يأتي ذلك في اتساق واضح مع ترتيبات اللجنة الوطنية التى شكلها مجلس الوزراء برئاسة الوزير عمر مانيس للإجابة على ذات السؤال.. وقد عرفت مخرجات جوبا في بند آخر.. أن القوات النظامية هي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة والمخابرات العامة.. كما نصت على أسس وقواعد تعريف وتصنيف قوات حركات الكفاح المسلح.. ووضعت أسس الدمج وكذلك التسريح.. وكأنما حرصت المخرجات على دحض مزاعم المشككين والمروجين لمخططات تفكيك السودان عبر إضعاف قواته.. فنصت على التالي في شأن القوة المشتركة لحفظ الأمن في دارفور.. (تخضع قوة حفظ الأمن في دارفور لقانون القوات المسلحة لسنة 2007 تعديل 2013).. ثم وقع المفاوضون أيضاً على النص المكمل التالي.. (وتعمل قوة حفظ الأمن وفق سياقات العمل الثابتة بالقوات المسلحة السودانية).. وهذا اعتراف مهم جداً من جانب قوى الكفاح المسلح.. ويؤكد كذلك أن القوات المسلحة السودانية.. كمؤسسة.. ما تزال محل إجماع وثقة واحترام.. ولعل الأمانة تقتضي أن نقف قليلاً عند قانون القوات المسلحة 2007..المشار إليه في الاتفاقية.. حتى قبل تعديله في 2013.. فسيحفظ التاريخ للفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع حينها.. أنه أول وزير دفاع سوداني طلب عوناً قانونياً من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. لأول مرة فى تاريخ التشريع العسكري في السودان.. فأصبح قانون القوات المسلحة ولأول مرة.. أيضاً.. متسقاً مع القانون الدولي الإنساني.. وهذه قصة أخرى ربما نعود إليها..! ثم إن مخرجات جوبا قد حرصت.. وفي ذات السياق على النص التالي.. (يقر الطرفان بأن المسؤولية الرئيسية عن إنفاذ القانون والحفاظ على السلامة العامة تقع على عاتق سلطة شرطة معترف بها تعمل وفقاً للقانون ووفقاً للمعايير المقبولة).. ولعل الذين جربوا العيش في مناطق النزاعات.. أو حتى تلك الخارجة منها..يدركون أهمية تحديد قطعي للجهة المخول لها بتطبيق القانون.. وفي كل الدنيا تظل الأجهزة الشرطية هي المعنية بذلك..! ونحدثكم غداً عن كيف خطط منبر جوبا لإعادة هيكلة القوات النظامية في السودان.. انتظرونا..!