وطبقاً لبيان المتحدث باسم الخارجية، فإن غندور وسوليفان ناقشا سبل تطوير العلاقات بين البلدين. وجدد غندور التزام السودان بمواصلة إنفاذ المسارات الخمسة مطالباً الإدارة الأمريكية مواصلة جهودها لإزالة العقبات التي تعترض التحويلات المصرفية مع البنوك السودانية، حيث ما يزال القطاع المصرفي يعاني من صعوبات التحويلات البنكية. كما اتفق الجانبان على بداية المرحلة الثانية من الحوار التي تستهدف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومعالجة الديون ومخاطبة الانشغالات المشتركة. في المقابل قدم غندور شرحاً مستفيضاً لجهود السودان في حل النزاعات الإقليمية وتعزيز الاستقرار؛ فيما أشاد نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سوليفان بتعاون السودان في مجال محاربة الإرهاب. خطة واشنطون بيد أن الخرطوم ما تزال تستدعي زيارة سوليفان الأخيرة للخرطوم في نوفمبر الماضي، واتفاقه على مسارات جديدة ضمن المرحلة الثانية من الحوار بين البلدين تتضمن قضية كوريا الشمالية وقضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية. ففي إطار الحريات الدينية اقترح وقتها سوليفان عقد مائد مستديرة لإدارة حوار بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي بالسودان حول الحريات الدينية والتعايش الديني لمراجعة سياسات الأراضي لإنهاء عمليات هدم الكنائس والمساجد، على أن تحتوي على إنذار بزمن محدد وتعويض مجزٍ. بيد أن لقاءات المسؤول الأمريكي برجالات الدين وتأكيدات التعايش الديني في السودان لم تحفل به واشنطون، وسارعت في يناير الماضي إلى إعادة إدراج السودان في قائمة الدول التي تشكل قلقًا خاصًا بموجب قانون الحرية الدينية، في سياق تقرير دوري متخصص في هذا الشأن. واشنطون حينها بررت إدراجها السودان بما وصفتهُ بانتهاكات صارخة للحريات الدينية، ليأتي رد الفعل سريعًا من خارجية الخرطوم برفض محتوى التقرير. محطة جديدة برزت في سيناريو جدل واشنطون حول الحريات الدينية في السودان، أبطاله أساقفة وقساوسة هبطوا إلى الخرطوم ربما لاختبار مدى صلابة دفوعات الخرطوم أمام الادعاءات الأمريكية، فكان بطريرك الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية البابا ثيودوروس الثاني ضيفًا على البلاد على مدار 4 أيام، أكد خلالها أن السودان من الدول الداعمة للتسامح والتعايش الديني. تزامن ذلك مع وصول قسيس كنيسة أدفانتيس الأمريكية مايك بوتر للسودان، الرجل بدوره لم يبخل بأن يمنح الخرطوم حقها في تصريحات صحفية بأن ما وجده من تعايش خلال زيارته للسودان يختلف عما كانوا يسمعون به. واستبقهما كبير أساقفة الكنيسة الأنجليكانية جاستن ويلبي أواخر يوليو من العام 2017م، ووقتها أشاد ويلبي بروح التعايش الديني بين أفراد الشعب السوداني واهتمام الحكومة بضمان حرية ممارسة أصحاب الديانات شعائرهم. وغض النظر عن تعليقات الأساقفة ورجالات الدين المسيحي، إلا أن التصور الأمريكي لحرية التدين انبثقت عنه مطالب محددة، كشف عنها سوليفان في زيارته تلك، أبرزها تقديمه لمقترحات لتعديلات قانونية في قانوني الجنايات والأحوال الشخصية لسنة 1991، أبرزها نصوص تتعلق بالردة والزي، الأمر الذي جعل مراقبين يربطون المقترحات الأمريكية بمشروع أمريكي لخلق تيار جديد في المنطقة والعالم الإسلامي لمناهضة ما تراه من تشدد يكرس للإرهاب انطلق بالسعودية بعد التلويح بعصا قانون جاستا ووصل أخيرا للسودان بجزرة التطبيع وعصا لائحة الإرهاب. كوريا الشمالية القضية الكورية لم تكن جديدة في سطور العلاقة بين الخرطوم وواشنطون، وبرزت للعلن في بيان تأجيل رفع العقوبات وتحيدا في السطر الأخير من القرار، بالتالي فإن تجديد وضعها ضمن مسارات الخطة الجدية في التفاوض بين واشنطون والخرطوم لم يكن مفاجئا، لجهة أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع المسألة الكورية بحساسية، كما تضعها في مقدمة أولوياتها الأمنية. الخرطوم حينها فسرت الإشارات الأمريكية للملف الكوري الشمالي بأنها تأتي لمخاطبة جماعات الضغط الأمريكي. وأكد وزير الخارجية ب.إبراهيم غندور حينها أن كوريا الشمالية لم تكن ضمن المسارات المحددة، واستدرك: "لكن نؤكد أننا ملتزمون بقرار مجلس الأمن حول هذا الشان ونؤكد ألا تعاون حالياً مع كوريا الشمالية". عموماً لا يبدو أن دخان التلميح الأمريكي ل(كوريا) لدى تفاوضها مع السودان بلا نار لعلاقات أو تواصل بين الخرطوم وبيونغ يانغ. ونقلت تقارير إعلامية عن الخبيرة في الشأن الكوري بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية أندريا بيرغر قولها بأن كوريا الشمالية لم تكن ضمن شروط التفاوض حول رفع العقوبات عن السودان إلا أنها باتت الآن ضمنها. وتلفت بيرغر إلى أن هناك العديد من الشواهد التي تؤكد أن السودان وكوريا الشمالية كانت بينهما علاقة تجارية عسكرية تمتد على الأقل لثماني سنوات. مشيرة إلى أنه ووفقًا لتسريبات ويكيليكس فقد قامت واشنطن في العام 2009 بإبلاغ وكيل وزارة الخارجية السودانية بأن لديها معلومات استخباراتية تبين أن الخرطوم تتفاوض على صفقة صواريخ ذات قيمة عالية مع بيونغ يانغ، وأشارت ذات التسريبات إلى أن الصفقة ارتبطت بصواريخ (سكود) و (نودونغ)، فضلاً عن أنظمة مضادة للدبابات. فيما ردت الخرطوم وقتها بأنهم يحترمون قرارات مجلس الأمن الدولي ولكن لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم. حقوق الإنسان تعد قضية حقوق الإنسان في السودان الأكثر حساسية ضمن الاشتراطات الأمريكية لجهة تجدد تركيزها عليها عقب الاحتجاجات الأخيرة على الموازنة، وهو ما دفع الخارجية الأمريكية لوصف حالة حقوق الإنسان بالسودان في يناير الماضي بال(رديئة) منددة في الوقت ذاته باحتجاز السلطات للمتظاهرين، وقال بيان للمتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت حينها: "نشعر بقلق عميق إزاء حرية التعبير وإغلاق الفضاء السياسي والحالة العامة الرديئة فيما يتعلق بحقوق الإنسان في السودان"، مضيفة: "نواصل دفع السودان إلى تحسين أدائه في هذه المجالات والتأكد من معاملة الأشخاص المحتجزين بطريقة إنسانية وعادلة، وفقًا للقوانين السودانية".