مساعد شرطة عمر فاشر بولي مثل أمام المحكمة كمتحرٍّ في القضية، وسرد أقوال المتهمين الذين أقروا بها أمام المحكمة، مؤكداً كذلك تسجيلهم لاعترافات قضائية بالواقعة. ونوَّه إلى أن المتهمة الأولى ربة منزل في أواخر العشرينيات أفادت في يومية التحري بأن شقيقها حضر إلى المنزل ووجدها هي ووالدتها، وكان يحمل حقيبة مليئة بالأموال، وأنها سألته عن مصدرها، فأخبرها بأنها تخصه جاء بها من سفره بدولة اليمن. وطبقاً للمتحري فإن المتهمة أكدت بأنه سلمها مبلغ (16.950) ألف جنيه كمصاريف لهم. وذكرت بأن القبض عليها تم من قبل الاستخبارات. وطبقاً للمتحري فإن المتهم الثاني خمسيني ويعمل فني كهرباء سيارات، استقبل مهاتفة تلفونية من المتهمة الأولى (ابنة شقيقته) طالبته خلالها بالحضور إلى المنزل، وأنه استجاب وذهب إلى المنزل ليجد المتهم الرابع وبحوزته مبالغ مالية، قام بتسليمها له على سبيل الأمانة. منوهاً إلى حضور الاستخبارات إلى منزلهم ليخبرهم بالأموال، لينصب كميناً معهم عن طريق اتصاله بالمتهم الرابع (ابن شقيقته) لتلقي السلطات القبض عليه داخل منزل المتهم الخامس ضابط برتبة رائد. ونقل المتحري نفي المتهم الثالث معرفته بالمتهمين الأولى والثاني والرابع، فيما أقر بمعرفته بالمتهم الخامس الضابط باعتباره نسيبه، بالإضافة إلى إنكار معرفته بمعروضات البلاغ -أي الأموال المسروقة- وكشف عن ضبطه ونسيبه الضابط بواسطة أمن المباحث والاستخبارات بصينية المنصورة بأمدرمان. ماذا قال المتهم الأساسي؟ المتهم الرابع أو الأساسي في القضية، بدوره -حسب المتحري- أكد استيلاءه على مرتبات مستجدين التدريب بسلاح المدرعات، وأفاد بأنه يعمل سائقاً لعربة بوكس تابعة للقوات المسلحة، مشيراً إلى أنه وفي يوم الحادثة كان برفقة ضابط برتبة ملازم أول متوجهاً إلى الإدارة المالية بالقيادة العامة، واستلم شيكاً نقديّاً بقيمة البلاغ، ثم ذهب برفقة الضابط وهو يقود العربة إلى البنك وصرف المرتبات، مؤكداً في أقواله أنهما عادا سوياً للقيادة. وطبقاً للمتحري فإنه في تلك الأثناء وردت مهمة للضابط برفقته، ليدلف مجدداً إلى القيادة ويتركه وحيداً داخل العربة وبها المرتبات. وادعى المتهم الرابع في التحريات بأن الضابط الذي رافقه للبنك هو من رسم له خطة السرقة وتقاسم الأموال بينهما، وواصل المتهم الرابع أقواله في التحري وأفاد بأنه وقتها قاد العربة التابعة للقوات المسلحة وأوقفها وسط السوق العربي الخرطوم، وأخذ حقيبة الأموال وذهب إلى منزل والدته وشقيقته وترك لديهم المرتبات ومكث ليلته بعيداً عن المنزل. أما المتهم الخامس -بحسب المتحري- فهو ضابط برتبة رائد يبلغ (45) عاماً، أنكر معرفته بالمتهم الرابع مسبقاً، وقال بأنه في يوم الحادثة وجده ينام في منزلهم، واتضح له لاحقاً بأنه صديق ابن شقيقه، وكشف عن إقرار المتهم الرابع له بسرقة المرتبات، وأخبره بأنه مستعد لتسليم أي شخص مبلغ (100) ألف جنيه مقابل إيجاد حل له في الأمر، وأفاد بأن السلطات ألقت القبض عليه عند صينية المنصورة بأمدرمان وذلك عقب اتصاله بالمتهم الثاني في أمر الأموال. بداية الإجراءات المتحري عمر كشف عن أنه بتاريخ 6/11/2017م أبلغ نقيب بالاستخبارات عبد الله محمد الحسن بموجب عريضة من نيابة أمن الدولة، بأن المتهم الرابع جندي سائق بسلاح المدرعات تابع للقوات المسلحة استولى على مبلغ (513) ألف جنيه، عبارة عن مرتبات جنود مستجدين – تحت التدريب- بسلاح المدرعات، منوهاً إلى تحرير بلاغ في مواجهته تحت المادة 174 من القانون الجنائي ومن ثم إحضار المتهمين وتقديمهم للمحاكمة واحداً تلو الآخر. المتحري كشف للمحكمة عن وفاة متهمة في البلاغ لرحمة مولاها وهي والدة المتهمة الأولى والرابع عقب التحريات معها على ذمة القضية. العثور على المرتبات عند منتصف النهار بدأ التعب يتسلل إلى المتحري الخمسيني الذي كان يقف قرابة الساعتين يتلو حيثيات البلاغ، وأفاد للمحكمة عند استجوابه بواسطة ممثل الاتهام وكيل أعلى نيابة أمن الدولة معتصم عبد الله محمود، بأن جملة المبالغ المالية موضوع البلاغ التي تخص الشاكي -سلاح المدرعات- تبلغ قيمتها 513.673 ألف جنيهاً، منوهاً إلى أنه وبحصر جميع المبالغ المضبوطة مع المتهمين تبين أن جملتها (512.350) ألف جنيه فقط، كاشفاً في ذات الوقت عن مبلغ مفقود من جملة أموال المرتبات المسروقة بلغت جملته (2.700) ألف جنيه. وأضاف المتحري للمحكمة بأن هناك مراحل متفرقة عثر خلالها على أموال المسروقات، منوهاً إلى أن السلطات المختصة وعقب إلقائها القبض على المتهمة الأولى عُثر داخل حقيبتها الشخصية على مبلغ (16.950) ألف جنيه، وبالتحري معها أقرَّت بأن شقيقها المتهم الرابع سلمها لها كمصاريف. فيما نوه المتحري إلى ضبط مبلغ آخر قدره (471) ألف جنيه بحوزة المتهم الثاني خال المتهمة الأولى والرابع، الذي أكد بدوره استلامها من المتهم الرابع. بينما لفت المتحري إلى ضبط قوة مشتركة من أمن المباحث والاستخبارات العسكرية مبلغاً آخر ثالث أرشد عنه المتهم الرابع داخل ورشته الميكانيكة بسوق ليبيا أمدرمان قدره (22.450) ألف جنيه. في سياق مغاير، كشف المتحري عن ضبط مبلغ ألف جنيه داخل عربة المتهم الخامس الضابط عقب القبض عليه. في السياق تقدم المتحري بمستند اتهام عبارة عن أمر التفتيش بالإضافة إلى معروضات البلاغ عبارة عن حقيبة نسائية تخص المتهمة الأولى ضبط بداخلها مبلغ (16) ألف جنيه، بجانب المبالغ المضبوطة لدى المتهمين. تهم متفرقة المتحري فاشربولي وعقب تقديمه لحيثيات البلاغ، كشف للمحكمة عن تقديم المتهمين الخمسة بتهم متفرقة وفقاً لنصوص القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، موضحاً بأن المتهمة الأولى وجهت لها النيابة تهمة استلام مال مسروق لمخالفتها نص المادة (181) جنائي، فيما وجهت تهمة للمتهم الثاني بالاشتراك الجنائي وخيانة الأمانة لمخالفته نص المواد (21/177/2) جنائي، بينما وجهت للمتهم الثالث تهمة الاتفاق الجنائي لمخالفته نص المادة (26) جنائي، بالإضافة إلى توجيه تهمة للمتهمين الرابع والخامس (جندي وضابط) تحت نص المادة (89) و(177/2) جنائي التي تتعلق بالموظف العام الذي يخالف القانون بقصد الإضرار أو الحماية وخيانة الأمانة. ووافقت المحكمة في ختام جلستها على طلب ممثل الاتهام وكيل أعلى نيابة الدولة معتصم عبد الله محمود، بتسليم المرتبات معروضات البلاغ إلى الإدارة المالية بسلاح المدرعات التابع القوات المسلحة، معللاً بأنها مرتبات مستجدين تضرروا من عدم صرفها، في المقابل اشترطت المحكمة تعهد الإدارة المالية إحضار مندوب منها وقت استلام المبالغ.