الوقائع تقول إن د.أبي أحمد كان نائباً لحاكم إقليم الأرومو لما مقرسا، ولم يكن سيبرز في المشهد لولا استقالة ديسالين التي دفعت أحزاب الائتلاف الحاكم الأربعة لتقديم مرشحيها لرئاسة الائتلاف، ومن ثم لرئاسة الوزراء بعد موافقة البرلمان الإثيوبي. وطبقاً لتقارير إعلامية، فإن الأرومو حسموا أمرهم عن طريق اجتماع استثنائي للحزب أمس الأول، انتخب على أثره د.أبي أحمد علي، ليكون رئيساً لحزب الجبهة الديمقراطية لشعب الأرومو، على أن يصبح لما مقرسا نائباً لرئيس الحزب وحاكماً لإقليم الأرومو، لتؤكد بهذه الخطوة اتجاهها لتقديم الرجل لانتخابات رئاسة الائتلاف الحاكم ممثلاً في الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية. وتنتظر أديس أبابا أن تحسم الأحزاب المتبقية مرشيحها خلال اليومين القادمين، بيد أن المتابعين للملف الإثيوبي يرون أن مرشح الأمهرا بالأساس محسوم وهو نائب ديسالين السابق في الحزب وفي مجلس الوزراء ديميك ميكونين، فيما تداولت التسريبات حول مرشح الجنوب هو د.شيفرو وهو أيضاً نائب ديسالين في الحزب، بينما المتبقي التقراي على الرغم من أن الترجيحات تذهب إلى أنهم وحتى الآن لم يحسموا أمرهم. وتذهب التحليلات إلى أن تركيبة الائتلاف الحاكم تجعل كل مرشح من الأربعة يُنافس المرشحين الآخرين لرئاسة الائتلاف، والذي يفوز يُقدَّم للبرلمان باعتباره المرشح من الائتلاف لرئاسة الوزراء، فيما يصبح الثلاثة الآخرون نواباً له، ويمسك كل واحد منهم بملف محدد فيكون أحدهم نائب رئيس الوزراء لشؤون الحزب على سبيل المثال، فيما يكون الآخر نائب رئيس الوزراء للملف الاقتصادي والتنمية وسد النهضة، فيما يكون الثالث نائب رئيس الوزراء لملف الأمن والدفاع. ويتكون الائتلاف الحاكم في إثيوبيا، أي الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية من جبهة تحرير شعب التقراي، والجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو، والحركة الديمقراطية لقومية الأمهرا، والحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا. رصيد أبي يدخل أبي أحمد المنافسة برصيد تاريخه السياسي والعسكري الطويل كمناضل في صفوف الجبهة منذ كان عمره 18 عاماً، بيد أن محللين مهتمين بالشأن الإثيوبي في حديثهم ل(السوداني) أمس، يرون أن رصيده الفعلي قادم من أنه ينتمي لأكبر القوميات في إثيوبيا التي ساهمت بفاعلية في الاحتجاجات الاخيرة، وأدت للضغط على رئيس الوزراء السابق ديسالين لتقديم استقالته. فيما تذهب تحليلات أخرى إلى أن أحمد يعزز موقفه أنه مسلم، وهو ما يتّسق مع أن غالبية الأرومو مسلمون، بالتالي فإن تقديمه مرشحاً ومن ثم فوزه يعني أن إثيوبيا تجاوزت امتحان الإثنيات والأديان، ليكون بذلك أول مسلم وأول رئيس وزراء إثيوبي من الأرومو، مما ينسف تماماً ادعاءات الأرومو بالتهميش والمظالم السياسية، ويُبطل تدريجياً مفعول الاحتجاجات. وكشف مصدر لصيق بالملف الإثيوبي ل(السوداني) أمس، عن أنه من المتوقع أن تنسحب الأحزاب الثلاثة الأخرى لصالح الأرومو، بما يُمهِّد لتقديم مرشحها لرئاسة الائتلاف ومن ثم الفوز بمنصب رئيس الوزراء. وأكد المصدر أن تقديم أبي أحمد يعني أن إثيوبيا استراتيجياً، تتَّجه لإحكام قبضتها على منطقة القرن الإفريقي، لجهة ما يُعرف عن أبي من أنه رجل مخابرات من طراز فريد، بالإضافة إلى أنه المؤسس ومدير وكالة أمن الشبكات المعلوماتية في إثيوبيا قبل أن يصبح وزيراً للتكنولوجيا، كما أنه يتمتع بعلاقات واسعة ونفوذ في منطقة القرن الإفريقي ودوله. سيرته الذاتية وطبقاً لما تيسَّر من سيرة الرجل الذاتية، وتناقلته تقارير إعلامية، وما ورد في الموسوعة، فإن د.أبي أحمد من مواليد منطقة جيما في أغسطس 1976م لأب مسلم وأم مسيحية، تعلم من والده الصبر لبلوغ الهدف، إذ كان والده مزارعاً يُوصف بالناجح. بدأ مراهقته كما تقول التقارير الإعلامية مناضلاً في 1990م، لكن ما إن حلَّ عام 1991م حتى دخل تدريباً عسكرياً رسمياً من لواء أسيفا غرب وليغا وتمركز هناك وكانت وظيفته العسكرية تتعلَّق بالمخابرات والاتصالات، ونُقِلَ بعد ذلك إلى أديس أبابا، وترقَّى أبي حتى وصل رتبة المقدم. في عام 1995م استغل أبي الهدوء والاستقرار النسبي لبلاده وارتحل إلى جنوب إفريقيا لإكمال تعليمه الرسمي وحصل في بريتوريا على دبلوم الدراسات العليا المتقدمة وشهادة في التشفير، وانبهر بعلم التشفير، وبدأ يخطط لتأسيس وكالة أمن المعلومات الوطنية الإثيوبية، وعقب عودته نجح في إقناع قادته بذلك. سيرته التعليمية لا تقول الكثير، لكنها تُلخِّصُ حصوله على شهادة في هندسة الكمبيوتر من كلية ميكرولينك لتكنولوجيا المعلومات بأديس أبابا في عام 2001م، ثم ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة أشلاند 2013، كما عمل بجد ليحصل على الدكتوراه من معهد السلام والأمن بجامعة أديس أبابا في 2017م. سياسياً كان أحد مُؤسِّسي لحزب الجبهة الديمقراطية لشعب الأرومو في عام 1982؛ وفي 2010م أصبح عضواً في لجنتها المركزية، وفي 2012م استطاع أن يكون أحد الأعضاء التسعة من حزب الأرومو في الائتلاف الحاكم. وبسبب جهوده واهتمامه بالمجتمع الإثيوبي ككل دون تمييز، اعترفت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان بأنه سفير للسلام، قبل أن يبذل جهوداً أخرى لإنشاء المنتدى الديني للسلام نتيجة للحاجة إلى استحداث آلية لتحقيق حل مستدام. تُشاع إجادته للإنجليزية والأمهرية وعفان والأرومو. من أبرز أقواله التي تكشف طريقة تفكيره وعمله أنه (لا يمكن ضمان النجاح المؤسسي والنظامي إلا عندما تعترف الإدارة العليا برأس مالها البشري كأهم أصولها)؛ كذلك مقولته أنه (من الأسهل اجتذاب الناس إلى الديمقراطية أكثر من إرغامهم على أن يكونوا ديمقراطيين). بيد أن أبلغ عباراته تمثلت في أنه (إذا كانت أهدافنا مشروعة، فإننا أكثر عرضة لإقناع الآخرين بمتابعة مسيرتنا دون استخدام التهديدات والرشاوى).