ماتزال قضية التطبيع مع إسرائيل تشغل الأوساط السودانية، رغم أن الأنظار توجهت أمس إلى جوبا لمتابعة التوقيع على اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية، إلا أن نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو فجر مفاجأة من هناك بأن السودان ماض في التطبيع مع إسرائيل دون خوف من أحد. حميدتي يعتبر أول مسؤول يربط بين رفع العقوبات الأمريكية عن السودان والتطبيع مع إسرائيل، لكن لماذا ارتبط رفع اسم السودان بالتطبيع مع إسرائيل؟ وهل استوفى السودان شروط رفعه من هذه القائمة؟ هل يمكن أن تستخدم الولاياتالمتحدة نظرية (المرمى المتحرك) كما فعلت مع النظام البائد؟ ولماذا؟
أنظمة رئاسية حميدتي أكد أن الرئيس المعزول عمر البشير سيطبع مع إسرائيل وأضاف: أبلغني أنه سيطبع العلاقات مع إسرائيل، ربما أراد حميدتي أن يؤكد أن السودان ماض في اتجاه التطبيع منذ العهد البائد ، فيما أعلن وزير خارجية النظام السابق إبراهيم غندور في تصريحات صحفية أنه لا مانع حول التطبيع مع إسرائيل . مراقبون أكدوا أن السودان استوفى اشتراطات رفع العقوبات ووافق على دفع تعويضات ضحايا السفارتين، لكن رفع العقوبات عملياً مرتبط بالانتخابات الأمريكية، مشيرين إلى أنه حسب الوثيقة الدستورية فإن أمر التطبيع ليس من اختصاصات مجلس السيادة، بالتالي لا يحق لحميدتي الحديث في هذا الأمر، القيادي بالحرية والتغيير ساطع الحاج أكد في حديثه ل(السوداني) أن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ليس مرتبطاً بالتطبيع مع إسرائيل، مشيراً إلى أن تحديد المسارات الخارجية يقع تحت مسؤولية مجلس الوزراء وليس السيادة . ساطع اعتبر أن تصريحات حميدتي خارجة عن الإطار الدستوري للوثيقة الدستورية، وقال إن التصريحات أخذت زخماً لأن العقلية السودانية خاضعة للأنظمة الرئاسية منذ الاستقلال باعتبار أن الرئيس عبود كان رأس الدولة والسلطات والصلاحيات له ولنائبه، وكذلك الرئيس جعفر نميري والرئيس المعزول، مشيراً إلى أن نظام الحكم في الفترة الانتقالية مختلط، ويجب أن تكون تصريحات أعضاء مجلس السيادة منضبطة مع صلاحياته، معتبراً أن تصريحات حميدتي حول التطبيع مع إسرائيل مجرد كلام مرسل لن يتحقق على أرض الواقع لأن مجلس السيادة الآن بموجب الوثيقة لا يملك الحق أن يتدخل في صنع السياسة الخارجية لأن الأمر متروك لمجلس الوزراء . الناطق باسم الخارجية السابق السفير حيدر بدوي اكد في تصريح ل(السوداني ) ان نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي يصب في مصلحة البلاد العليا، وأضاف: إذا كانت مصلحة البلاد تقتضي إنشاء علاقات مع إسرائيل بسببها يتم رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب فهذا أمر مهم، بالاضافة الي المزايا الأخرى لانفتاح السودان على العالم ، وأن يكون مساهماً في صنع السلام الإقليمي والعالمي، وهذا الاتجاه يخدم مصالح البلاد العليا . بدوي أشار إلى أن ربط رفع العقوبات الأمريكية بالتطبيع مع إسرائيل يأتي ككرت ضغط على السودان، مستدركاً: السودان عليه أن ينتبه بأن رفعه من قائمة الإرهاب يحقق المصلحة العليا للبلاد، بالتالي إذا كان هذا الأمر يمر عبر إقامة علاقات مع إسرائيل فليكن، لأن مصالح البلاد العليا يجب أن تكون هي الأساس في علاقات السودان الخارجية ، وقال يجب أن يفاوض السودان من موقع قوة وندية لأنه دولة ذات إمكانات كبيرة وكثير من دول العالم أقبلت عليه لإنشاء علاقات معه. وأكد أن رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيكون مكسباً له ، لكن في إطار التفاوض يجب أن يضع السودان أيضاً شروطه ولا يجب ان يخضع إلى شروط الغير دون ثمن. خارج السرب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وضع 3 شروط للتطبيع مع إسرائيل، الخطوة أدهشت كثيرين لأنه سبق أن أعلن موقفه من هذه القضية وأبلغ وزير الخارجية الأمريكي عند زيارته السودان الشهر الماضي أن التطبيع ليس مسؤولية الحكومة الانتقالية، وهذا ما أكدته تقارير إعلامية أمريكية بأن بوميبو طرق لحمدوك هذا الأمر أكثر من مرة، لكنه أبلغه أن الأمر متروك للحكومة المنتخبة، وبحسب وكالة (فرانس 24) فإن حمدوك وضع شروطاً للتطبيع مع إسرائيل تتمثل في حصول السودان على 1.2 مليار دولار من إمدادات الوقود والقمح، ومنحة نقدية فورية بقيمة ملياري دولار لدعم الموازنة، وبالتالي تقليص قيمة العجز والالتزام بمساعدات مالية تقدم للسودان على مدار السنوات الثلاث المقبلة، كما أن تطبيع السودان مع إسرائيل لن يكون مثل سابقتيه الأخيرتين وهو أيضا غير شبيه بالسلام مع مصر والأردن. ساطع الحاج استبعد في حديثه ل(السوداني) أن يكون رئيس الوزراء قد صرح بذلك وقال حمدوك منضبط ويعمل وفق صلاحياته، مشيراً إلى أنه طلب رأي الحاضنة السياسية واجتمع معها لساعات طويلة للوصول إلى قرار تبناه رئيس الوزراء، وقال إن حمدوك يعمل بشكل منظم ولا يمكن أن (يغريدا خارج السرب )، مؤكداً أن رفع العقوبات ليس مرتبطاً بالتطبيع مع إسرائيل لأن وجوده فيها لا علاقة له بهذا الملف، قاطعاً بأن وجوده في قائمة الإرهاب سينتفي بزوال الأسباب التي أدت إلى وجوده فيها . موقف تفاوضي نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو أكد المضي في اتجاه بناء علاقات مع إسرائيل، دون خوف من أحد، وقال نحن محتاجون ل(إسرائيل)، وأضاف: القضية الفلسطينية مهمة، وهناك عواطف في المسألة، لكن ليس لدينا حدود مع إسرائيل، ومصلحة السودان أهم "ونحن تعبانين". دقلو قال في تصريحات إعلامية "نريد مصلحة السودان ونمضي، مع الدولة الفلسطينية، لكن نحن طبقنا كل الشروط للخروج من قائمة الإرهاب ، لكن التطبيع مرتبط بها"، مؤكداً أنه تلقى وعداً من المبعوث الأمريكي للخرطوم دونالد بوث، برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في أقرب وقت، الناطق السابق باسم الخارجية السفير حيدر البدوي اكد ل(السوداني) ان السودان استوفى شروط رفع اسمه من الدول الراعية للإرهاب، بدليل ان الخارجية الأمريكية دعت الكونجرس بأن يوافق على تشريع يحصن السودان من المحاكمات المستقبلية، مشيرًا الى العقبات التي تواجه السودان، ومنها أن بعض أسر ضحايا هجمات 11سبتمبر يريدون الاستفادة من مقاضاة السودان بتعويضهم، قاطعاً بأن الشعب السوداني لم يكن ضالعاً في الهجمات، وبالتالي لا يمكن أن يحاسب وفق ما ارتكبه النظام المباد من إرهاب . وأشار إلى أن الشروط لإقامة علاقات مع إسرائيل هي موقف تفاوضي للحكومة السودانية ، موضحا ان وهذه الشروط تؤكد أن السودان دولة ذات ثقل ووزن ويجب أن تعامل وفق هذا المنظور . (الكرت) المتحرك مراقبون اشارواظرية الي ان امريكا يمكن ان تلجأ لاستخدام المرمى او الكرت المتحرك ، بعد اعلان حميدتي أمس، ان الحكومة وفرت (330) مليون دولار كتعويضات لاسر ضحايا ، ستشترط تحقيق مطالب اخرى ورغم ذلك لن ترفع اسم السودان من العقوبات الاقتصادية، ساطع الحاج استبعد ذلك لان هذه السياسة تستخدمها امريكا مع الانظمة الاستبدادية وليس الانظمة الديمقراطية، وقال من الصعب ان تفرض امريكا ضغوطا او شروطا على السودان من اجل التطبيع . من جانبه قال السفير حيدر البدوي ل(السوداني) أن علاقات السودان في هذه المرحلة تختلف جذرياً عما كانت عليه في عهد النظام البائد، وأضاف: المقارنة تنتفي ، فالسودان الآن دولة ذات وزن، وذات سيادة والعالم يحترمها لأن شعبه الفريد أحدث ثورة حقيقية أزاحت نظاماً دكتاتوريًا قاهراً، وبدأت مرحلة جديدة من العلاقات مع العالم، مؤكداً أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يمكن أن تتعامل مع السودان بمنطق (الكروت المتحركة) أو غيرها من وسائل الضغط، لأن السودان يستطيع أن يقدم للعالم الكثير مما لم يكن في حسبان النظام المباد . في السياق اكد الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني نور الدين بابكر في حديثه ل(السوداني) ان امريكا لن تستخدم الكرت المتحرك مع السودان لانها تحتاج الي السودان في هذه المرحلة، كما انها تعتبر ان تطبيع السودان واسرائيل انتصار للانتخابات الاسرائيلية، وقال الوثيقة الدستورية نصت على العلاقات المتوازنة مع أي دولة حتى إسرائيل إذا كانت ستحقق مصالح السودان . بابكر أشار إلى أن أمريكا ستقدم تنازلات من أجل التطبيع بين السودان وإسرائيل، وقال " على السودان ان ينتهز هذه الفرصة ويحدد جملة من الاولويات على رأسها رفع العقوبات الاقتصادية، ورفعه من قائمة الارهاب وتقديم المعينات الاقتصادية بما فيها المعينات المادية التي تنعكس مباشرة على سعر الصرف وغيره ".