جاءت ذكرى ثورة الحادي والعشرين من أكتوبر الشعبية والشعب السوداني المعلم أنجز ثورة شعبية استطاع فيها الخلاص من حكم ديكتاتوري تسلط على رقابهم ثلاثين عاماً وشرع في بناء نظام حكم مدني ديمقراطي تحت التأسيس. هناك تحديات معروفة تواجه الحكومة الانتقالية التي تحتاج لمساندة حقيقية من قوى الثورة التي تضافرت لإنجاحها ومن تلك التي دعمتها في إنجاز التغيير الذي تم. ليس المجال مجال افتعال معارك جانبية ولا تأجيج الخلافات القائمة على أسس عقدية أو مذهبية لأن هذا يفتح الباب أمام الفتن الدينية والعصبية النتنة التي عانى من ويلاتها الشعب خلال سنوات الحكم السابق ومازالت تؤجج للأسف في بعض الولايات. إن المحك الموضوعي الذي ينبغي اعتماده في الحكم على أداء الحكومة الحالية هو الكفاءة والفعالية وليس الانتماء الفكري أو السياسي أو الأصل العرقي مع كامل الاحترام والتقدير لكل مكونات الأمة السودانية العقدية والسياسية والفكرية والإثنية. جاء إحتفالنا بذكرى ثورة الحادي والعشرين من أكتوبر 1964م عقب التوقيع على اتفاق السلام مع الجبهة الثورية الذي يعترف الجميع بضرورة استكماله بأن يلحق به المانعون حتى الآن وعدم استعجال قطف ثماره قبل تنزيله على ارض الواقع والتعاون الإيجابي من أجل الإسراع بتكملة مؤسسات الحكم خاصة قيام المجلس التشريعي الاتحادي ومجالس الولايات التشريعية. نعم ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان وان الإنسان السوداني لم يثر في أي حقبة ضد نظام الحكم من أجل لقمة العيش رغم أهميتها القصوى، إنما ثار من أجل استرداد حريته وكرامته وكامل حقوقه في وطنه، لكن هذا لا يقلل من أهمية الإسراع بتلبية متطلبات الحياة الكريمة له، وهذا يتطلب تغيير السياسات السابقة واعتماد سياسات تحقق التوازن اللازم بين تلبية حاجات المواطنين في الحياة الحرة الكريمة وبين مكاسب التجار بلا غلو أو سوء استغلال. مرة أخري نكرر ليس من مصلحة أي طرف من الأطراف في الحكومة أو خارجها محاولة عرقلة مسار التحول الديمقراطي ولا الحلم باسترداد الحكم بالقوة العسكرية لأن ذلك سيقضي على الأخضر واليابس ولن يسلم الطرف المغامر من عواقب المغامرة اليائسة مهما كانت قوته أو جبروته. تظل قضية محاربة الفساد والمفسدين وكل من يثبت تورطه في جريمة في حق المواطنين وإنفاذ حكم العدالة تجاهه ضرورة قصوى لتنقية الحياة العامة من كل الشرور والفتن، ودفع إستحقاقات السلام والعدالة والتعايش الإيجابي بين كل مكونات الأمة السودانية للانتقال عملياً إلى سودان السلام والديمقراطية.