منذ بدء الاهتمام الرئاسي لضبط سعر الصرف وضبط الإيقاع الاقتصادي في البلاد عبر تكوين اللجنة الرئاسية لضبط سعر الصرف وما تبع ذلك من قرارات وإجراءات بلغت حد تهديد جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول م.صلاح قوش بالأكاديمية الأمنية في وقت سابق، بأن الجهاز سيوظف كل إمكاناته البشرية والمادية لحماية أمن واستقرار البلاد، متوعداً العابثين والجشعين والمخربين بقوت الشعب، ومن يعملون في المضاربة ومهرّبي السلع المدعومة وثروات البلاد ومنتجاتها إلى خارج البلاد. وعلى الرغم من أن الإجراءات الأخيرة سواء الاقتصادية منها أو الأمنية ساهمت في تثبيت سعر الدولار لفترة ليست بالقصيرة، إلا أنه في المقابل ما تزال عمليات تهريب الذهب تتواصل وتتخذ في كل مرة شكلاً جديداً. آخر العمليات: وبحسب معلومات(السوداني) أمس، فإن السلطات الامنية تحقق مع اثنين من المتهمين فى قضية تهريب (14) كيلو من الذهب الخالص كانت في طريقها إلى دبي، وألقت سلطة الأمن الوقائي القبض على الراكب المتهم وسيدة تتبع لأمن الطيران وشرعت في التحقيق معهما. وتعود التفاصيل إلى أن مطار الخرطوم شهد الجمعة الماضية في حوالي السابعة والنصف صباحاً، حيث كان ركاب طائرة طيران الإمارات المتجهة إلى دبي بالرحلة رقم (733)، يخضعون للإجراءات الأمنية والتفتيشية اللازمة، في وقت كان فيه أحد الركاب على موعد آخر، إذ كانت ترصده عيون قوات الأمن الوقائي بدقة وعناية. وحينما توقف الراكب (ذ ،م) أما جهاز ال(اكس راي) ووضع حقيبته وبمجرد وصول الحقيبة إلى مرحلة الكشف، انفصل التيار الكهربائي.. فى تلك الأثناء كانت ضابطة أمن الطيران تقوم بعمليات التفتيش، وهنا لاحظ عناصر الأمن الوقائي أن الجهاز لم يكشف ما بداخل الحقيبة التي مرت من بين يدي ضابطة أمن الطيران لتتدخل قوة المراقبة وتوقف الحقيبة. فضح المستور: القوة اكتشفت عقب فتح الحقيبة أن بداخلها كميات من سبائك الذهب حوالي (14) كيلو، ليتم توقيف الراكب.. أصابع الاتهام أشارت إلى ضابطة أمن الطيران التى واجهتها القوة بما فعلته بفصل الكهرباء عن جهاز الكشف لحظة مرور الحقيبة حتى لا يتسنى للمراقبين مشاهدة الذهب بداخلها، باتفاق مسبق بينها والمتهم. إلا أنها دافعت عن نفسها وأنكرت ذلك، وأصرت على أن التيار الكهربي انفصل عن الجهاز دون تدخل منها نسبة لخلل أو عطل فني به، وأن التيار الكهربي بعد ذلك سرى فيه ليتضح بأن الجهاز لم يلتقط محتويات الحقيبة. وأنكرت صلتها بالمتهم. ليتم القبض على الضابطة (أ) والمتهم (ذ ،م) وبالتحري اتضح بأن المتهم يعمل بشركة طرق وحفريات وتم تدوين بلاغات والتحفظ على الاثنين المذكورين وشرعت السلطات فى التحري معهما عقب تشكيل لجنة. زيارة مسؤول: وطبقاً لإفادات مصادر ل(السوداني) امس، فإن مسؤولاً رفيع المستوى، سجل زيارة لمطار الخرطوم في ساعات مبكرة من فجر الجمعة، وتحديداً بين الثالثة والخامسة صباحاً، وتفقد مطار الخرطوم وسير العمل، مشدداً على ضرورة محاربة تهريب الذهب والعملات، موجهاً في الوقت ذاته بتشديد وإحكام الرقابة على المطار وسد الثغرات. عقب أقل من ثلاث ساعات على الزيارة تم ضبط الكمية المذكورة، لتقطع المصادر باتجاه السلطات للتشدد فى عمليات رقابة المطار والعمل على تفتيش العاملين قبل دخولهم وتفتيش عمال الدوريات قبل تسلمهم وردياتهم بالإضافة إلى مراجعة أجور العاملين بالمطار وتحسينها لتمكينهم من الإسهام في سد ثغرات التهريب. المطار لم يكن مسرحاً لهذه الجريمة فقط، وسبقتها حادثة وقعت الشهر الماضي، تورط فيها فرد يتبع لأمن الطيران حيث قام بإخفاء سبائك ذهب قدرت بنحو (8) كيلوجرامات في جيوبه، ولحق بالطائرة وشرع في تسليم الذهب لأحد الركاب على متن الطائرة الإماراتية المتجهة لدبي، وتم تدوين بلاغات وإحالة ملف القضية للنيابة للتحري حولها. المستشار القانوني مجاهد عثمان يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن تهريب الذهب والعملات عملية مخربة للاقتصاد القومي فمن المفترض بيع الذهب لبنك السودان لضمان احتياطي للنقد الأجنبي وقوة للنقد المحلي. واعتبر مجاهد التهريب عبر الموانئ الرسمية للدولة، جريمة تمس الأمن القومي، مؤكداً أنها جريمة منظمة تضم أطرافاً متعددة، ويتورط فيها موظفون ونظاميون الأمر الذي يجعلهم محل مساءلة لخيانتهم أمانة المهنة والوظيفة. وأشار عثمان إلى أن المهرب أو مالك الذهب المهرب يعد مخرباً للاقتصاد القومي ومخالفاً لقانون الجمارك. واصفاً ما يحدث بمطار الخرطوم بالاختراق الذي يتطلب تشكيل لجان عاجلة للنظر فيه فضلاً عن ضرورة العمل على نشر كاميرات مراقبة وتفعيل آليات الضبط والرقابة وتكثيف الانتشار الأمني بالمطار مع ضرورة تفتيش العاملين بالمطار في كل تحركاتهم ورصدها وهو إجراء عالمي يحدث بكل مطارات العالم للحد من عمليات التهريب مع ضرورة تعديل القوانين وسن تشريعات تضمن ردعية العقوبات الصادرة وأن تكون تلك العقوبات مشددة. حوادث مماثلة .. قبل نحو شهرين فى صبيحة أحد الأيام أعلن الكابتن عن وصول طائرته إلى سماء مدينة دبي، وكانت الطائرة ما تزال تحلق بذات الارتفاع وفي تلك الأثناء لاحظت المضيفة أن هنالك راكباً بدلاً من أن يظل في مقعده بدأ في التحرك من مقعده إلى دورة المياه، وتكرر المشهد أمامها وكان الكابتن والمضيفة يراقبان عن كثب، إلا أن الحركة الدؤوبة لذلك الراكب كانت مريبة إلى حد أن أوقفه الكابتن وسأله عن سبب تحركه المستمر ووقتها كانت الطائرة قد حطت بسماء دبي فأجابه الراكب وعلامات التوتر على وجهه بأن لديه سبائك ذهبية بالطائرة لم يعثر عليها. وقع الخبر كالصاعقة على الكابتن والمضيفة واللذين بدورهما سارعا بإخطار أمن مطار دبي وتم توقيف الراكب وتفتيش دورات المياه بالطائرة حيث عثر على السبائك الذهبية البالغة سبيكتان، وبالتحري مع الراكب عن كيفية وصول تلك السبائك إلى الطائرة أفاد بأن عاملاً بمطار الخرطوم أرشد عليه يتبع لشركة (....) للطيران كان قد اتفق معه على وضع الذهب داخل الحمام في مكان معين ولكنه لم يجد الذهب بالمكان المحدد ليتضح بأن العامل وضع السبائك بموقع آخر. تم إخطار السلطات السودانية وتم القبض على العامل ودون في مواجهته بلاغ حيث أقر بتهريب السبيكتين، وما تزال التحريات مستمرةً، وتجري مخاطبة السلطات الإماراتية لاسترداد السبائك الذهبية. في حادثة أخرى ألقت سلطات مطار الخرطوم القبض على (4) متهمين من عمال المطار أثناء محاولتهم تهريب عملات أجنبية عبارة عن آلاف الدولارات و(اليورو) و(الدرهم الإماراتي) واتخذت الإجراءات القانونية في مواجهتهم وإطلق سراحهم بالضمان إلى حين بدء محاكمتهم. في عملية أخرى أحبطت سلطات مطار الخرطوم عملية تهريب سبائك ذهبية وعملات أجنبية كانت مخبأة داخل ملابس (4) عمال يتبعون لإحدى شركات الخدمات العاملة في المطار، وكشفت مصادر مطلعة ل(السوداني) أنه تم إيقاف المتهمين بعد التأكد من تورطهم في عمليات التهريب ودخولهم إلى ساحات المطار الداخلية لوضعها في حقائب الركاب الذين اتفقوا معهم، ومن خلال التحري أرشد المتهمون على أصحاب السبائك التي تخص المسافر (خ)، والمبلغ يخص المسافر (م)، وليتم توقيفهما واتخاذ الإجراءات القانونية معهما. اشتبهت وردية الكرار بأحد المسافرين كان متجهاً لإحدى دول الخليج وقامت عناصر الوردية بتفتيش متعلقاته وعثرت على علب صغيرة أو صناديق تشبه صناديق الدواء، وقرروا تفتيشها حيث عثروا بداخلها على مبالغ مالية طائلة بلغت (126.988) دولاراً إلى جانب عملات أخرى عبارة عن (170.800) ريال سعودي كان ينوي المتهم تهريبها إلى خارج البلاد، وتم ضبط تلك العملات قبيل تصاعد أسعار الدولار بساعات، مما يشير إلى أن هنالك شبكات أو جهات ضالعة في الأمر تقوم بتحليل اتجاهات سوق العملة وتعمل على جمع العملات الحرة من الأسواق ومن ثم تهريبها إلى خارج البلاد في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف لهدم الاقتصاد القومي، وتشير معلومات(السوداني) إلى أن المتهم لم يكن صاحب الأموال الحقيقي بل كان وسيطاً لنقل تلك الأموال.