بين مؤيد ومعارض وبين إشادات وانتقادات، دارت التعليقات على مشاركة ندى القلعة، وركزت الاعتراضات على أن الفنان يُعد صاحب رسالة ومعبر عن قيم وحال مجتمعه بما يقدمه من أعمال غنائية، وهو ما يتعارض مع استضافة القلعة في مجتمع مغاير ومختلف، بالإضافة إلى أن مشاركتها تأتي في سياق ملف لا يعني مجتمعها بقليل أو كثير. بيد أن المؤيدين يذهبون إلى أن ندى لم تأت (شيئاً نكراً)، إذ أن لكل شخص فنانه المفضل الذي يستمتع به، ويعشق أغانيه، وبالتالي فإن الغناء واللحن الجميل لا لون سياسي له ولا حدود جغرافية، ومن ثم فإن من حق القلعة تلبية الدعوة وإمتاع مريديها بغنائها لجهة أنها غير معنية إذا كانت نية الداعين لها حشد الجماهير وتعبئتهم لصالح (فلان أو علان). وقال رواد مواقع التوصل الاجتماعي من المعارضين للخطوة، إن مشاركة ندى القلعة في حملة السيسي ستخصم الكثير من رصيدها الفني لأنها بمشاركتها انحازت سياسياً لمرشح بعينه في الانتخابات المصرية، كما ذكّرها بعض المتداخلون بالتدهور الحادث في العلاقات السودانية المصرية مشيرين للهجوم الإعلامي المصري المستمر على السودان، وإلى احتلال مصر لمثلث حلايب، وعلّق عزو محمد أن "هذه خيانة"، بينما تداخلت سارة دقنة قائلة: "وااااااااي أنا أُحبطت إحباط ما عادي من المكتوب وراء ندى القلعة"، أما شاهيناز بخيت فقد تساءلت عن السبب الذي منع ندى القلعة من أداء أغنية تؤكد سودانية حلايب، بينما سخر خدر محمد قائلاً إن "حلايب رجعت لينا تاني من جديد ولا شنو"، فيما دعا حامد ود الشيخ لحملة مقاطعة لحفلات ندى ليكون الأمر أكثر تأثيراً. تضيف منى على بابكر "نحن عايشين في زمن غريب جداً، كيف تغنين لعبد الفتاح السيسي؟ أين أنت من أفعاله يا بنت بلدي؟ أين زبيدة وأمها والاختفاء القسري للشباب والبنات؟، هل مصر انعدمت فيها الفنانات حتى تغني فنانة سودانية في انتخابات ليس لنا فيها دخل؟". وغنت ندى القلعة المثيرة للجدل قبل سنوات لحاكم ولاية مادوغري النيجيرية، علي الشريف، أغنية مشهورة "الشريف مبسوط مني عشان هو بحب فني"، بعد تزايد الانتقادات لها بسبب مشاركتها في حفلات ينظمها الحاكم النيجيري، فكتب محمد علي " الظاهر إنو الشريف زعل منها بعد كان مبسوط واختارت السيسي يكون مبسوط منها". في الوقت الذي يرى فيه بعض من جمهورها أن ندى القلعة، لم تأت بأمر جديد، لجهة أن هناك عدداً كبيراً من الفنانين السودانيين، الذين تغنوا في تدشين الحملات الانتخابية لرئيس الحزب الحاكم، وأن إعلان انتمائها السياسي هو حرية شخصية لا تخصم منها، وأرجعوا الهجوم إلى أنها دعمت الرئيس المصري السيسي، لافتين إلى أن القلعة كانت واضحة في طرحها الذي جاء بجرأة عكس آخرين رافضوا ذكر أسمائهم. ويبدو أن توقيت مشاركة ندى هو ما يجلب لها المتاعب؛ إذ أن تدشين الحملة الانتخابية للرئيس السيسي جاء متزامناً مع توترات سياسية بين البلدين، بجانب قضية حلايب التي ما تزال عالقة مع عدم اعتراف الحكومة المصرية بسودانيتها. ويقول فتحي حسن على (فيس بوك) إن الناس فقدت العقل والمنطق والبوصلة "دي فنانة وشغلها الغناء ودا ما جديد عليها، الشغل لا يخضع للعاطفة وهي بيهمها عدادها ومصلحتها وزيادة الشعبية وقاعدتها الجماهيرية في مختلف الدول ودا الاحتراف، وليس من حق أي شخص فرض الوصاية والتدخل في خصوصياتها". أما داخل الوسط الفني، فيذهب الفنان علي إبراهيم اللحو في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه في العام 1958 كان حارساً عسكرياً لصناديق الانتخابات لأول مرة في ترشيح الرئيس إسماعيل الأزهري، وأضاف: "ما إن ولجتُ المجال الفني لم أتغن لنظام أو حملة انتخابية"، موضحاً بأنه على المستوى الشخصي غير مسيس وضد فكرة الغناء من أجل حكومة بعينها أو لتدشين حملتها الانتخابية للرئيس، وتابع: "يمكنني التغني للوطن كما سبقنا الفنانون الأوائل وليس للأفراد، لكن بعضاً من الجيل الحالي من الفنانين غير واعين لأمور كثيرة". من جانبه أقر الفنان مجذوب أونسة في حديثه ل(السوداني) أمس، بأنه تغنى في حملات انتخابية في وقت سابق، موضحاً بأن الفنان ليس لديه انتماء سياسي فهو يشارك الجميع، وغناء الفنانين في الحملات الانتخابية تستعين بهم الحكومة، والفنان دوره أن يشارك في أي عمل من أجل الوطن بعيداً عن الأجندة السياسية. واعتذر عدد من الفنانين الذين تغنوا في الحملات الانتخابية السابقة لحزب المؤتمر الوطني عن الإجابة للصحيفة حول الموضوع. وقبل أيام ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأغنية للفنان إنصاف مدني تدعو من خلالها لانتخاب الرئيس عمر البشير، معددة مآثر ما قدمه الحزب الحاكم، إلا أن البعض قابل الأغنية بهجوم شديد والبعض الآخر قابلها بارتياح. وقبل سنوات مضت شارك عدد كبير من الفنانين في تدشين الحملات الانتخابية للحزب الحاكم من بينهم الفنان عبد القادر سالم والفنان جمال فرفور وعمر إحساس ووليد زاكي الدين ومجذوب أونسة وصلاح ولي، ومن الفنانات منار صديق وفهيمة عبد الله وآخرين. كما أن المشاركات الفنية في سياق سياسي خارجياً لم يكن غائباً عن الفنان أو الفنانة السودانية، وما تزال ذاكرة الخرطوم تختزن مشاركة الفنانة سمية حسن في أوبريت (الحلم العربي) الذي يتناول الوضع العربي والقضية الفلسطينية. كما شهدت مشاركة الفنان بكورال معهد الموسيقى والمسرح هاني عابدين في احتفالات بالساحة الخضراء، انتقادات حادة لجهة أن الفعالية التي شارك فيها تم وصفها بالسياسية والحكومية. بالإضافة إلى ما شهدته الأوساط الشبابية من جدل طويل حول مشاركة فرقة عقد الجلاد الأخيرة في إحدى فعاليات اتحاد الشباب.