عبدالعال السيد شاعر كبير صاحب مفردة جاذبة وحروف ناصعة يجيد الرسم بالكلمات وبارع في هندمة المفردات، قدم الكثير من الروائع الخالدة في وجداننا، فكانت (إنت المهم) و(الدنيا ليل غربة ومطر) و (بعد ماعز المزار)… إلخ. يقيم شاعرنا الكبير عبدالعال السيد في المملكة العربية السعودية منذ سنوات، يجمع مابين الكتابة الصحفية والشعرية فتجد غالبية أشعاره بها شوق لا يفتر وعشقاً لا يفنى، وقد رفد ساحة الغناء السوداني بالعديد من الأغاني.. ويقولون دائماً إن محاورة أسياد الكلام أمر صعب، لكن (السوداني) جمعت الأسئلة وطرحتها على عبدالعال في حوار الشعر والصحافة: * (الدنيا ليل غربة ومطر).. ومازلت في غربتك.. متى تعود؟ نعم ما زالت الدنيا ليل غربه ومطر وستظل كذلك ولا أتصور أنه بعد هذه السنين في (غربتي المزمنة) يمكن أن أعود وأتصالح مع إيقاع الحياة في السودان، ومثل هذا السؤال سئلت عنه كثيراً؛ ولكن دوماً أردد مقولة صديقنا الروائي والصحافي السعودي عبد خال (ليس هناك ما يبهج)؛ كما جاء في مجموعته القصصية. * هل فاض بك الحنين وأنت تكتب قصيدة جديدة عن مسقط رأسك بعد غياب دام طويلاً؟ نعم كتبت (كفاية علي يا غربه كفاية سنينك صعبة) لكن رغم ذلك فالغربة أصبحت نهر في دمي وإيقاعها يفور مثل البركان ولست نادماً على غربتي! * الوطن الكبير في قصائدك؟ كتبت كثيراً في ثنايا نصوص عن الوطن وليس بالضرورة أن يكون النص مترعاً ب(الخطابية) والهتاف وفي نصي غربه ومطر وعز المزار يتجلى الوطن فسيحاً ومرتهناً في كل سطر. * كتبت الغربة مرة ومؤلمة ورجعت وقلت في كتابتك الأخيرة إنك تفضل أن تعيش في جدة على أن تعود للسودان لماذا كل هذا؟ نعم أفضل أن أعيش في الغربة ويحضرني هنا أغنية (يلعن بي الغربه) يلعن أبو الغربة لمغني الهواره اللبناني فارس كرم، إذ يقول في أغنيته فيما معناه نحن سافرنا صغار ولكن أخذنا الزمن وحينما عدنا لم نجد لا الأحبة ولا الأصدقاء؛ حتى الزمن تغير وهذا هو حال كل من يمكن الإغتراب! * قصائدك بها شوق دائم وحنين دافق.. الغربة شكلت وجدان عبد العال؟ نعم الغربة شكلت وجداني فأنا من منطقة (فتح) أهلها دروب الغربة منذ عشرينات القرن الماضي؛ وفتحت (عيوني) ووجدت والدي وأعمامي وخيلاني وأجدادي والكثير من أهلي مغتربين (شمالاً) في مصر ومنها توزعوا إلى الخليج وأوروبا. * الغربة خصمت منك وجعلت الناس يعرفونك كاسم فقط؟ نعم اعترف بذلك، ولكن كما قلت لست نادماً على غربتي ولو عاد الزمن لأغتربت. * هل تتابع حركة الساحة الفنية في السودان؟ للأسف أنا (مغيب) تماماً عن هذا الحراك؛ ولا أتابع سوى بضعة من أصدقائي الفنانين والشعراء. * ما هي آخر قصيدة كتبها عبدالعال السيد؟ (أجمل قمرين في الكوشه) و(قبيل سافرنا) ونصوص أخرى. * هل فكرت في طرح ديوان شعري يحوي كل كتابتك؟ كان بودي لكن لا أحد يقرأ في هذا الزمن الرمادي؛ والقراءة أصبحت من الماضي والماضي لا يعود. * هل أنت راض عن مشروعك الشعري؟ نعم كل الرضا فقد تنوعت نصوص من العميق الرمزي إلى الأغنية المسايرة لليومي الراهن. * هناك قصائد غنائية جديدة؟ جديدي مع ترباس وطه سليمان وحسين الصادق وهدى عربي وإنصاف فتحي. * فنان كنت تتمنى أن يتغنى بكلماتك؟ ليس هناك فنان معين يكفيني ترباس وسيد الغناء مصطفى سيد أحمد؛ وطه سليمان؛ والهادي حامد؛ وحسين الصادق. * في ظل تمدد الأغنيات الهابطة في الساحة الفنية هل تتجه لكتابة هذا النوع من الأغنيات؟ ليس هناك مصطلح (هابطة)؛ وإنما هي نصوص نابعة من الحراك اليومي؛ فالذائقة والوعي الجمعي يفرضان هذا النوع من الغناء. * البعض عد أغنية (دقيت ليه ماردا) اغنية هابطة وقالوا إنها لا تشبه عبدالعال السيد؟ دقيت ليه ما ردا أغنية من حراك الواقع وليس بها خدوش واتحدى من (يخرج) فيها عيب واحد، وافتخر بهذا النص لأنه نابع من تجربة شخصية. * في جوابك إلى الراحل عزمي أحمد خليل ذكرت أن الصحافة الفنية أصبحت صحافة ساقطة.. هل أنت ناقم على أقلام معينة أم أنك ناقم على الصحافة الفنية ككل؟ لا أتحدث عن شخصيات معينة يا عزيزي، وهناك كوادر في الصحافة الفنية والرياضية أحمل لهم كل محبة وتقدير، أمثال هيثم كابو ومحمد إبراهيم (ود إبراهيم) وأيمن كمون. * بصفتك صحفي.. هل الإعلام الإلكتروني الجديد ساهم في إضعاف الصحافة الورقية أم أن ما تحويه الصحافة غير مواكب؟ الصحافة الورقية سوف تذهب إلى أرشيف التاريخ، فماكينة مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية أصبحت سيدة للموقف؛ ليس هذا في الوطن العربي فحسب وإنما في أمريكا وبقية دول الغرب. * هل أصبحت الصحافة مهنة من لا مهنة له؟ لست مع هذه المقولة فالصحافي المبدع يمكنه أن يصنع المعجزات بفكره وطاقته. * بماذا تعزو تراجع الصحافة السودانية؟ ليس تراجعاً وإنما منطق الزمن يدعو لذلك، وقد نصحت الكثيرين من أصدقائي الصحافيين بالبحث عن مهنة أخرى. * هل من حلول لنهضة الصحافة الورقية في السودان؟ لا توجد حلول مع انطلاق الصحافة الإلكترونية، كما أن الشباب لا يميلون إلى الصحافة الورقية، فضلا عن ارتفاع تكلفة صناعة الصحافة الورقية. * عبدالعال والأرباب صلاح إدريس علاقة مميزة.. هل جمعكما الفن أم جمعتكما الغربة؟ صلاح إدريس أب أحمد متعه الله بالصحة ؛ نحن أصدقاء في الله سبحانه وتعالى، وعلاقتنا أسرية؛ وأن كانت لا تخلو من بعض النصوص، ولأبي أحمد أكثر من (600) لحن رصين جاهز كتبها عشرات شعراء الأغنية من الجنسين. * انت المهم والناس جميع ماتهمني.. لمن تهديها؟ إلى صديقتي الوحيدة ماجدة علي عمر كجوك.