آثار قرار الحكومة الانتقالية بتحرير الوقود بنزين جازولين صدمة وسط قطاعات واسعة مع مخاوف من انعكاساته على مختلف أسعار السلع والخدمات إلى جانب ارتفاع سقف التوقعات باستمرار شح الوقود بالرغم من التحرير فهل تنعكس الخطوة على توفيره وما التدابير الحكومية التي اتبعت؟ زيادة السعر وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة، هبة محمد علي، قررت أمس تغيير أسعار منتجي "البنزين والجازولين" بمحطات الوقود، حيث تم تغيير سعر لتر البنزين إلى (121) جنيهاً، بواقع (544.5) جنيه للجالون. بينما تم تغيير سعر لتر الجازولين إلى (112) جنيهاً، بواقع (504) جنيهات للجالون حسبما أعلنت وزارة الطاقة والتعدين في منشور صادر من مديرة الإمدادات وتجارة النفط عائشة حسن أحمد كما وستدخل مصفاة الخرطوم للصيانة اعتباراً من اليوم ، في وقت جرّدت فيه وزارة الطاقة والتعدين المستودعات في الجيلي والشجرة ومحطات الوقود بولاية الخرطوم الأحد وأكد مصدر موثوق بقطاع النفط ل(السوداني) تطبيق السعر موحداً في كل الشركات والمحطات أي بأن يكون لتر البنزين 121 جنيهاً ولتر الجازولين 112 جنيهاً، فيما يظل لتر الجازولين في محطات المواصلات كما هو 46 جنيهاً. مصادر موثوقة فى قطاع النفط أكدت ل(السوداني) أن الوزارة تبذل جهود كبيرة لتوفير كميات مقدرة من المواد البترولية تغطي فترة صيانة المصفاة والتي يتوقع أن تستمر إلى نحو 70يوماً منوهة إلى أن وكيل وزارة الطاقة والتعدين يتواجد هذه الأيام فى بورتسودان لضمان توفير تلكَ الكميات من الوقود. وحول إمكانية تراجع الحكومة عن تحرير الوقود عقب الانتهاء من صيانة المصفاة، واستبعدت المصادر تلك الخطوة، مشيرة إلى أن الحكوَمة الانتقالية اعتمدت منذ موازنة 2020م تحرير أسعار الوقود تدريجياً في إطار تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لتقليل عجز الموازنة. أسعار مؤقتة وكيل وزارة الطاقة والتعدين قطاع النفط حامد سليمان أوضح في حديثه ل "السوداني" أن تطبيق أسعار الوقود مؤقتة وتغطي فترة صيانة مصفاة الخرطوم، لكنه لم يؤكد إمكانية التراجع عن تحرير الوقود عقب الفراغ من أعمال صيانة المصفاة، مشيراً إلى أن الوقود الخدمي من الإنتاج المحلي من المصفاة الثانية سيخصص للقطاعات الاستراتيجية التى تشمل الزراعة والصحة والكهرباء والمواصلات والقوات النظامية. إرساء العطاءات وحول الاحتياطات التي وضعتها الوزارة لتلافي العجز في المواد البترولية خلال فترة صيانة المصفاة، يكشف سليمان عن إكمال كافة الترتيبات وإرساء العطاءات ووصول بواخر الوقود بالسعر الحر لتغطي فترة توقف مصفاة الخرطوم للصيانة، مؤكداً أن وجوده فى بورتسودان منذ الأحد لذلك الغرض بتأمين إمداد الوقود خلال الفترة التي تستغرقها أعمال الصيانة للمصفاة مؤكداً اكتمال كافة الترتيبات الفنية والإدارية والمالية لأعمال صيانة المصفاة. عدم العودة ويذهب وزير الطاقة والتعدين السابق عادل علي إبراهيم فى حديثه ل(السوداني) في تقديري أن تحرير الوقود خطوة ممتازة في إطار الإصلاح الاقتصادي فى البلاد، معلناً عن تأييده الكامل لها مشدداً على أهمية عدم العودة إلى سياسة الدعم الغير مرشد والأسعار المتعددة للوقود، وتابع علينا أن نبحث عن صيغة جديدة لترشيد الدعم لقطاع الزراعي الكهرباء والمواصلات أما فيما يتعلق بالبنزين لا بد أن تكون عملية التحرير إلى غير رجعة حتى بعد عودة المصفاة للعمل منوهًا إلى أن تحرير الوقود بمنطق السوق يجب أن يؤدي إلى انخفاض فى أسعار المواد المنتجة محلياً خاصة الزراعية مبينا أن أصحاب شاحنات النقل للخضر واللحوم ومختلف السلع كانوا يشترون منذ شهر يونيو الماضي الجازولين من السوق الأسود بسعر يصل أربعة أضعاف السعر التجاري. السوق السوداء ويتوقع إبراهيم أن يؤدي قرار تحرير الوقود إلى الوفرة بما يؤدي إلى القضاء على السوق الأسود للوقود وانخفاض تكلفة النقل، منوهاً إلى أن سعر تكلفة الشحن للموز من السوكي إلى الخرطوم عبر الدفار(الجامبو) تصل 90 ألف جنيه ومن ربك إلى الخرطوم ارتفع من 12ألف جنيه إلى 70ألف جنيه التي يجب أن تنخفض بعد توفير الوقود وبالتالي انخفاض أسعار المواد الزراعية، مشدداً على أهمية وجود رقابة على الأسواق بعد تحرير الوقود خاصة وأن القرار سينعكس على وفرة الوقود وإنهاء السوق السوداء، داعياً الحكومة المقبلة إلى وضع معاش الناس والرقابة على الأسواق في صدر الأولويات، كما أن على وزارة التجارة والصناعة إجراء الدراسات في الأسواق حول أسعار السلع و تكلفتها ووجود الإحصائيات اللازمة. اتجاه صحيح الخبير في مجال الطاقة إسحاق بشير جماع يرى في حديثه ل(السوداني) ان مسألة توحيد سعر الوقود اتجاه صحيح وهو أقرب للسعر الحقيقي كما أنها تسهم في تقليل الطلب على الوقود، مضيفا أن معظم الناس ستبحث عن البدائل في الترحيل باعتبار أن الكثير من الموظفين والعاملين والمواطنين سيقومون بتخفيض استهلاك الوقود ما يؤدي إلى انخفاض الطلب، وقال لكن من حيث توفير الوقود بسبب التحرير لا يوجد جديد في ذلك بمعنى أن الحكومة لن تستطيع توفير الوقود بالرغم من عملية التحرير، موضحا أن التحكم في الطلب المفرط للمواد البترولية يكون بزيادة الأسعار لتقليل الطلب اتفاقيات آجله ويمضي جماع أن قدرة الحكومة في توفير الامدادات بصورة مستمرة ترتبط بالقدرة المالية لدى الحكومة ووجود اتفاقيات آجله مع مصادر البترول القريبة كالسعودية والإمارات والكويت بالاستفادة من العلاقات السياسية والبينية مع تلك الدول بتوفير امدادات بالدفع الأجل حتى يكون العرض مستقر للوقود بما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد متوقعا أن ينعكس تحرير الوقود بآثار سلبية على أداء الاقتصاد خاصة وأن الطاقة ضلع اساسي للانتاج منوها إلى أن استخدام محفظة السلع الاستراتيجية أوالآليات المالية لاستيراد الوقود لن تستطيع توفيره لصعوبة توفير النقد الأجنبي لعمليات الاستيراد وتابع أن الطريق الأمثل لتوفير الوقود هو الاتفاقيات الآجلة مع الدول المنتجة للبترول والقريبة للسودان بالاستفادة من الخبرة والعلاقات البينية بين الدول خاصة وأن سوق البترول مبنى عالميا على السوق الآجل بحوالي 90٪ والفوري بما نسبته 10٪. القطاع العام ويشير المحلل الاقتصادي د. عبد العظيم المهل في حديثه ل(السوداني) إلى أنه لابد من وجود توضيح من الحكومة عن مصير القطاع العام هل سيشتري من السعر المحرر أم لا ؟ مردفا هو القطاع المستهدف باعتبار أن الحكومة تستهلك 70٪من الوقود ولابد أن تعمل على تخفيض الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة وعدم تحميل المواطن في كل مرة زيادة الوقود خاصة وأن القوات النظامية سواء كانت الأمن أو الشرطة أو الجيش كلها يجب تطبيق السعر الحر عليها فى الوقود، منوها إلى أن تحرير الوقود سينعكس على ارتفاع معدل التضخم ليصل حوالي 300٪ إلى جانب ارتفاع الأسعار. آثار مركبة وتابع كما أن زيادة الجازولين ستكون آثارها مركبة لأنه يدخل في الإنتاج الزراعي والصناعي والكهرباء حال استمرار الشح فى الوقود مؤكدا أنه بموجب التحرير سيكون الاعتماد على القطاع الخاص لتوفير الوقود لافتاً إلى أن تجارب الحكومة مع القطاع الخاص أثبتت فشله عندما تم اتباع مؤسسات القطاع العام للقطاع الخاص كمؤسسة الأقطان وشركة الحبوب الزيتية والثروة الحيوانية والتعدين والصمغ العربي فى بدايات حكومة الإنقاذ متوقعا أن يسهم قرار التحرير في وجود فوضى في الاسعار الخاصة بالوقود باعتبار أن الدولة لن تستطيع توفير النقد الأجنبي للاستيراد لشركات القطاع الخاص مما يصبح من الصعوبة حكمها بسعر معين خاصة وان السوق الموازي للعملات فى حالة تذبذب مستمرة.