في الأرض تقررت لغايات عظيمة ونبيلة وثبتت بعد جدل وسجال، فالمخلوقات النورانية كانت ترى انها هي الأجدر بالتكليف لانها تسبح بحمده وتقدسه وتطيعه دون تردد وان الإنسان طبعه الفساد وسفك الدماء وارتكاب المعاصي الا ان الله تعالى رهن التكليف بعلم الإنسان، العلم القائم على التدبر وإفساح المجال للعقل البشري ليستنبط ما يعزز به خلافته من تغليب قيم الحق والعدل والحرية والمساواة وتحرير معتقداته الغارقة في أتون الجهل والضلال من خلال فتح مغاليق الحياة ومجابهة تحدياتها المتجددة في اطار المتاح للعقل البشري من التجول والتأمل الثاقب والانتقال روحاَ وجسدا في آلاء الله وفي آياته الكامنة في النفس وفي الآفاق وذاك طريق محفوف بالمخاطر والمعاناة والصراع بين الحق والباطل والخير والشر ويبقى المأمول بعد هذه الميسرة تأكيد وحدانية الله، وان هذه الحياة التي نعيشها منذ بدء الخليقة ثم ما تعتريها من تفاصيل الى خواتيمها تدور في فلك مقادير الله سبحانه وتعالى، أعمارنا حظوظنا سعداء ام أشقياء، ارزاقنا وذرياتنا التي تتولى الخلافة من بعدنا الخلافة التي تقوم على تكريم الإنسان في البر والبحر وتميزه بالعقل عن سائر المخلوقات مع التأكيد على السعي لإعمار الارض بإضافات مادية تنهض بهذه الحياة هي موجودة اصلا يرتقي اليها عقل البشر باعمال العقل والتفكير المباح وذلك بمقادير يقررها رب العباد نعماَ يتفضل بها الله على عباده الذين يأخذون حظهم ومتعتهم منها في الإطار المباح دون ان يتفلت العقل ويزهو وينسب ذلك الكسب لتهيؤاته الفطيرة وخياله المريض ويتطاول على المنعم والمعطي. ييقى سعي الانسان في هذه الدنيا لتحقيق مطلوبات الخلافة وتحقيق هذه المعاني الجميلة لتعمر الارض، وفي هذا الاطار تأتي إبداعات الانسان المختلفة في ظل معطيات تتشكل وفق حاجات الانسان والاستعانة بالبدائل الممكنة في حالة الندرة والعوز والمعاناة حتى لو كانت الطبيعة ضنينة وشحيحة في عطائها نجد الإنسان قادرا على تدبير وتكييف ظروفه واستجلاب ما يعيينه في هذه الطبيعة القاسية، فالحياة تدرجت من بدائية موغلة في الادوات والوسائل وفي بساطة حاجات الانسان ومطلوباته الى سمو الحياة وتطور شقها المادي الى ان جمعت الدنيا عبر التكنلوجيا بأركانها الاربعة في غرفة صغيرة وطوعت الدنيا رهن الطلب والاشارة، تعاطي الانسان بإيجابية مع الحياة بابتكار وتبني مبادرات للقفز فوق المتاريس المقعدة تتجلى فيها بعض الإشراقات الجديرة بالذكر والاندهاش في اطار النعم والمعاني، فقبل ايام كنت على موعد مع قناة الجزيرة الوثائقية التي أهدتني حكاية من فلسطين تنم عن عطاء متفرد في البحث عن الحياة عرضت صورة لأب فلسطيني تسلل الى احد السجون الإسرائيلية التي يقبع فيه ابنه المحكوم بالمؤبد وتمكن من تهريب (نطفة ) ابنه ويزرعها في رحم زوجته بواسطة كادر طبي فلسطيني ونجحت العملية وحملت الزوجة وولدت طفلاَ جميلاَ بعد شهور الحمل، مبادرة ناجحة في البحث عن الحياة والتشبث بها، نفوس ابية لا تعرف المستحيل.