خلال الأسبوع الماضي أجاز مجلس الوزراء مشروع قانون الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، توطئة لرفعه للاجتماع المشترك ما بين مجلسي السيادة ومجلس الوزراء لاعتماده قانوناً ينشر في الجريدة الرسمية وينفذ. برز مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإنجليزية: (Public sector Private sector Partnership – P.P.P) كسياسة تمويلية تستهدف تنفيذ المشروعات بالشراكة ما بين الحكومة والشركات الخاصة. وذلك بعد أن لوحظ أن الشركات الوطنية، والعابرة للقارات، أصبحت تملك قدرات مالية كبيرة يمكنها أن تعمل في مجالات كانت في السابق قاصرة على القطاع العام. مثل مشروعات البنيات التحتية كالطرق والجسور والصرف الصحي، والمشروعات الخدمية كخدمات الصحة والتعليم وخدمات الأمن. تستند الشراكة بين القطاعين العام والخاص على ترتيبات تعاقدية بين واحد أو أكثر من الجهات الحكومية، وإحدى شركات القطاع الخاص في مشروعات معينة، يتم بمقتضاها قيام الشريك الخاص بإمداد الحكومة بالأصول والخدمات، والتي تقدم تقليدياً من القطاع العام، بصورة مباشرة. ويتوقف شكل التعاقد بين القطاعين العام والخاص، على المهام التي يتولاها القطاع الخاص، وحجم المشاركة بين القطاعين في أطر عدة تشمل: تصميم المشروع، وتمويله، وتشييده، وتشغيله وصيانته. وبناء على ذلك، تقوم الحكومة بتحديد أي من تلك المهام التي سيتولاها القطاع الخاص لتنشأ بمقتضاها صورة تعاقدية، يمكن تنظيمها وفق أحد الأشكال التالية: عقود الخدمة، عقود الإدارة، عقود الإيجار، عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT) أو البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية (BOOT)، أو البناء والتملك والتشغيل (BOO) بتفرعاتها الكثيرة. القانون الذي أعدته وزارة العدل، بمعاونة خبراء من البنك الدولي، منذ العام 2017 يفصّل التزامات ودور كل من القطاع العام والقطاع الخاص في إنفاذ المشروعات. وهدفه الأساس تشجيع القطاع الخاص للولوج في تمويل هذه المشروعات من خلال توفير الحماية له وتجنيبه الخسائر. ولكن الأمر لا علاقة له بمفهوم الخصخصة، أو تفويت المرافق العامة للقطاع الخاص، كما أشارت لذلك بعض الكتابات على الوسائط. مفهوم الشراكة امتد الآن إلى ما يعرف بالشراكة متعددة القطاعات Multi Sectors Partnership (M.S.P) على سبيل المثال فإن العمل في مشروع زراعي ضخم يمكن أن يتم من خلال شراكة تقدم فيها الحكومة الأرض، بمشاركة شركة من القطاع الخاص تقدم أنظمة الري والمدخلات، ومشاركة من جمعية تعاونية للمزارعين توفر العمالة الزراعية وترعى حقوق المزارعين. ومثال آخر إنشاء مستشفى لعلاج السرطان، يمكن أن يتم بشراكة من الحكومة التي تمنح الأرض، ومنظمة طوعية تستقطب التمويل، وشركة مقاولات من القطاع الخاص تنفذ المشروع، وشركة متخصصة في إدارة المستشفيات لإدارة المشروع. والكاسب النهائي من كل هذه الشراكات هو المجتمع. أشير إلى أن وزارة المالية قد أنشأت في وقت سابق (إدارة الشراكة مع القطاع الخاص)، وندعو السيد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي لرعاية هذه الإدارة الوليدة. والله الموفق.