بعد بيان رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك لتفاصيل مبادرته للرأي العام، انخرط مجلس الوزراء في اجتماعات مغلقة استمرت ثلاثة ايام بمنطقة سوبا، ليخرج منها المجلس مساء امس الاول بجملة من القرارات تتعلق بتفاصيل المبادرة.. واحدثت القرارات جدلاً واسعاً بالاوساط الرسمية والشعبية بفحواها والزمن المقيدة به للتنفيذ، واستعرضت (السوداني) القرارات بعدة جوانب ومع عدد من الشخصيات لبيان واقعية القرارات وإمكانيتها لحل الأزمة الوطنية الراهنة، متطرقةً لحجم الإرادة لانفاذ القرارات ومتابعتها من قِبل شركاء الحكم والقوى السياسية، إضافة لتوضيح ابرز معوقات النفيذ.. أهم قرارات المجلس وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف كشف عن خطة ل (6) أشهر لمعالجة الأوضاع الاقتصادية أفضى اليها اجتماع سوبا، مستعرضا جملة من القرارات كتقديم منحة شهرية قيمتها 10 مليارات جنيه لكل العاملين بالدولة، غير خاضعة للضرائب، واضاف: تُخصص النسبة الأعلى للدرجات الأدنى، وذلك لمقابلة الظروف الاقتصادية الحالية اعتباراً من يوليو 2021م. وأشار يوسف إلى استمرار الدعم الحكومي للدواء وغاز الطبخ والكهرباء والدقيق. وقد تحدثت أيضاً بالمؤتمر الصحفي الذي عُقد بوكالة سونا للأنباء مساء أمس الأول، وزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار و وزير الإعلام. وتحدثت المنصة عن قرارات المجلس بشتى المحاور، حيث جاء بالمحور الأمني والعسكري دعم ومساندة قوات الشعب المسلحة في إعادة انتشارها داخل الأراضي السودانية بالحدود الشرقية لحفظ أمن وممتلكات المواطنين بالمناطق الحدودية، إضافةً لدعم قوات الشرطة بكل المُعينات والإمكانيات اللازمة لتمكينها من بسط الأمن وسيادة حكم القانون. وحث المجلس بذات المحور على الإسراع بمناقشة وإجازة عدد من القوانين كقانون الأمن الداخلي و قانون الشرطة و قانون جهاز المخابرات العامة. وطالب بتوفير الموارد اللازمة للإسراع في تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية من اتفاقية جوبا لسلام السودان. وعن قضايا الانتقال الديموقراطي امهل المجلس شهراً لتشكيل المجلس التشريعي، وللفراغ من إعداد مشروعي قانوني مفوضية الانتخابات ومفوضية صناعة الدستور وكذلك مشروع قانون مجلس القضاء العالي. وأكد المنصة بالمؤتمر على دعم المجلس للجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وتوفير الموارد اللازمة لها للقيام بمهامها، ودعم عمل اللجنة الوطنية للتحقيق في فض الاعتصام بما يمكنها من الفراغ من عملها، قاطعاً بتسليم المطلوبين للجنائية الدولية. وقد اعلن المجلس على خفض الصرف الحكومي بتطبيق عدة سياسات تتعلق بتخفيض تكلفة المشاركة في المهام الرسمية الخارجية و تخفيض حصص الوقود للسيارات الحكومية، وإجراءات أخرى. كما أشار إلى تدابير توفير الكهرباء وبعض الخدمات. واقعية القرارات عضو مجلس الشركاء والمجلس المركزي للحرية والتغيير جمال إدريس وصف قرارات مجلس الوزراء بالتمنيات، آملاً أن يتم إنجازها سيما بالملف الاقتصادي بسبب احتياجه لقرارات جوهرية لإحداث تحول به. وقطع إدريس بحديثه ل(السوداني) بأن قرارات مجلس الوزراء لا تؤثر على استمرار وزيادة التضخم، مشيراً إلى أن انهم سياسات وإجراءات توقف التضخم وذلك بسيطرة الحكومة على الصادرات وإنشاء بورصة للذهب. وطالب إدريس الحكومة باتباع منهج حشد الموارد المحلية وفقاً لما طالبت به اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير. واضاف: السياسات الحكومية الخاصة بالاقتصاد التي تم تنفيذها زادت نسبة التضخم لذلك هذه القرارت التي اتخذتها الحكومة لمواجهة آثار سياستها الاقتصادية من زيادة المرتبات ومراقبة الأسواق عبارة عن مسكنات وكان يجب اتخاذ قرارات أكثر قوة. واردف:ماحدث بشأن الدولار الجمركي سيزيد الأسعار، كان يجب الالتفات للضرائب بتوسيع المظلة الضريبية وفرض ضرائب نوعية على شركات الاتصالات. ويذهب القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار بالتأكيد على أن القرارات محاولة لتخفيف الأزمة الاقتصادية، لافتاً إلى أن الحكومة نظرت لآثار الازمة ولم تعالج الأسباب الحقيقية للازمة والمتمثلة في سياسة البنك والصندوق الدوليين. وقال كرار ل(السوداني) إن القرارات أتت في الوقت بدل الضائع. المحلل السياسي د. محمد نقد الله يرى أن القرارات واقعية وممكنة التنفيذ، مشدداً على عدم ورود قرار غير موجود في متناول اليد الداخلية واضاف:معظمها إدارية تتعلق بترتيب البيت الداخلي وايجاد برامج دعم. ونوه نقد الله بحديثه ل(السوداني) إلى أن تنفيذ القرارات يتوقف على الإرادة السياسية واتفاق الجمهور ليس الموجود بالشارع وإنما موظفي الدولة. الخبير الأمني والعسكري الفريق جلال تاور قال ل(السوداني) إن تنفيذ القرارت لن يتم بين يوم وليلة، مشيراً إلى أن هنالك قوانين موجودة وتحتاج فقط لتعديل كقانون الأمن الداخلي الذي عُرض على مجلس الوزراء بيد انه توقف في مكان ما، وأضاف: كذلك تعديل قانون الشرطة وجهاز الأمن وهذا يتعلق بالعسكريين، وتابع: بالطبع هذه مسائل ضرورية بسبب شكوى من إمكانيات القوات النظامية وظروف العمل ولابد أن تنفذ تلك القرارات ولاتصبح مجرد وعود.. الأزمة الحالية وعن إمكانية أن تخل قرارات المجلس الأزمات الحالية، جزم ادريس بعكس ذلك، وقال فيما يتعلق بالازمة السياسية فنحن ساعون لحلها باللقاءات مع الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي لحل المشاكل داخل التنظيم، والعلاقات التنظيمية بين قوى الحرية والتغيير، والازمة ليست سياسية كما قال رئيس الوزراء بل بالاقتصاد ومعاش الناس. من جانبه قطع كرار بأن رفع الأجور للقطاع العام سيؤدي إلى زيادة التضخم، واضاف:القرارات وان كانت مؤقتة لحل الضائقة المعيشية ستصب الزيت على النار. وبالاتفاق الجزئي اوضح نقد الله أن القرارات ستساهم في تخفيف الضغط على الازمة إلا انها لم تحلها بصورة نهائية، واضاف:حل الازمات بدون معالجة الميزان التجاري والعجز في الموازنة يصبح غير واقعي وتحقيقه بأقل من سنة غير واقعي. تاور قال إن القرارات بالشأن الأمني مجرد محاور لعلاج الازمة الحالية، لافتاً إلى أن هنالك محاور أخرى كالسياسية والاقتصادية ولايمكن أن تكون حلا للأزمة الأمنية ولكن ستحل جزءا من الازمة، وتابع: حل أزمة دون أخرى سيقود لتعقيدات أخرى.. الإرادة للتنفيذ وتمثل الإدارة السياسية لشركاء الحكم والقوى العمود الفقري لتفيذ ماسبق، وفي هذا السياق قال ادريس أن هنالك جزءا من القرارات يلي العسكريين وآخر يلي المدنيين، مشدداً على ضرورة أن يعمل المكونان على لإنجاز وتحقيق هذه القرارات، وأردف:ما أتى من قرارات بشأن القوات النظامية يحتاج لرغبة مشتركة من الجانبين لأجل انفاذها، وكذلك يحتاج الأمر لوحدة القوى السياسية لتصنع بدورها قوة يمكن من خلالها الزام الحكومة بشقيها المدني والعسكري، وتابع:لذلك يجب أن نقوي انفسنا أولاً لتكون القوى السياسية مقنعة بوحدتها وخطها ومواقفها، والعكس اذا ظلت ضعيفة. وأشار كرار إلى أن شركاء الحكم سبب الأزمة، بسبب موافقتهم على الإجراءات الاقتصادية، واضاف قاطعاً: لايمكن أن يكونوا حل للازمة وهم سببها. اما نقد الله فجزم بأن معظم الشركاء لديهم الإرادة الكافية لتنفيذ تلك القرارات لجهة انهم يتحملون نجاح وفشل الفترة الإنتقالية. تاور نوه من جهته إلى تماسك الشراكة بين مكونات الفترة الانتقالية بان تكون كلمتهم واحدة وصوتهم واحد بداخل الحرية والتغيير والمكون المدني والمكون العسكري ومواجهة تحدي الوفاق الوطني ابرز المعوقات والإشارة إلى ابرز المعوقات قال ادريس انها تتمثل بعدم وجود الإرادة السياسية وتضارب الآراء، واضاف: على سبيل المثال في السيطرة على الذهب، هنالك سياسات بشأنه من صندوق النقد الدولي ولايريد الحكومة أن تتدخل بانتاجه، ومن ناحية أخرى هنالك مستفيدون يقومون بتهريب الذهب وتصديره دون عائد للخزينة العامة والبنك المركزي، وتجاوز المعوقات يترتب على وحدة القوى السياسية. وتمسك كرار بموقفه أن القوى السياسية هي من يعيق التنفيذ بالإضافة إلى استمرار سيطرة سدنة النظام القديم والرأسمالية على الاقتصاد. نقد الله أتى برؤية مغايرة عن المعوقات وقال:البعض يرى التمويل كأبرز معوقات تنفيذ تلك القرارات ولكني اعتقد أن المعوق الأول المورد البشري في الخدمة المدنية وهياكلها او على المستوى السياسي ككل واتخاذ القرار او حتى على المستوى الشعبي فيما يرى تاور عدم توفر الموارد المالية ابرز معوقات التنفيذ.. مبادرة حمدوك رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، كشف الثلاثاء الماضي عن شروعه بإجراء لقاءات ومشاورات واسعة مع قيادات السلطة الانتقالية والقوى السياسية والمدنية وقوى ثورة ديسمبر، وذلك بخصوص تطوير مبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام)، والتي تهدف لتوحيد مكونات الثورة والتغيير وإنجاز السلام الشامل، وتحصين الانتقال الديموقراطي وتوسيع قاعدته وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة (حرية، سلام وعدالة)، واستعرض حمدوك بمؤتمر صحفي بعدها بيوم، تفاصيل المبادرة، كاشفاً عن مظاهر الأزمة العامة وخطرها على الانتقال، وتطرقت تفاصيل المبادرة إلى إصلاح القطاع الأمني والعسكري وقضايا الاقتصاد والعدالة والسلام، إضافةً إلى تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ومحاربة الفساد، وكذلك السياسة الخارجية والسيادة الوطنية، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.