** لا حول ولا قوة إلا بالله، لم أكن اتمنى ان انعي اليوم استأذنا الكبير وشيخ الصحفيين السودانيين المغتربين وقدوتهم ومصحح مسارهم، استاذ الاجيال الطيب محمد عبد الرازق الشهير بالطيب شبشة. ** حللنا في السعودية منتصف سبعينيات القرن الماضي ووجدناه هناك ضمن الفريق الكبير من خيرة صحفيينا الذين حضر للسودان رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك وعاد للرياض وفي معيته أعمدة صحيفتي الايام والصحافة العريقتين، فريق قاده الطيب شبشة وضم الأساتذة الكبار، على ياسين، حسن مختار، جاهوري، وآخرين، كانوا دعامة للصحيفة، وانتشرت سمعتهم، وكان ذلك من أسباب استعانة كل الصحف السعودية بالسودانيين في السبعينيات. ** ليت الذاكرة والزملاء يساعدوني لنتذكر تلك الأقلام التي استمرت حاملة لواء سمعة الصحافة السودانية ومنهم في صحيفة المدينة الأساتذة هاشم كاروري، حسين حسون، وراق، عبد الباسط، معاوية ياسين، عبد الله عباس الذي انتقل الآن لصحيفة عكاظ العريقة، التي كانت محطتي الأولى وسبقني الأساتذة سباعي عثمان، عكاشة محمد طه، بيرم، كباشي، عبد العظيم عوض، وأتى بعدي الأساتذة عثمان عابدين، عثمان سيد أحمد، الشاعر عبد العال السيد، ياسر شقشقة، وفي صحيفة البلاد الأستاذ الفاتح محمد الأمين وفي صحيفة اليوم بالدمام الأساتذة محمد عبد الرحمن، الكاريكاتير بدر الدين مصطفى، جبر الله عباس، صلاح الحسن، صلاح مضوي، حسام أبو العزائم ومهند كمال حامد. وفي صحيفة الشرق الأوسط وعرب نيوز الأستاذ الكببر السر سيد أحمد، وفي صحيفة الرياض الأستاذ جعفر الرياضي، وفي صحيفة الندوة الأستاذ أحمد الحبو. ** نترحم على من فقدناهم من الزملاء المغتربين، واعتذر للجيل الجديد ولمن لم تسعفني الذاكرة السبعينية من ذكرهم، ونسأل الله العافية لمن ينتظر. **أعود لمن فقدناه هذا الأسبوع الأستاذ الطيب شبشة وكان من جيل الرواد في الخمسينات وخزانة تاريخ وتوثيق للصحافة السودانية مع استاذ الأجيال محجوب محمد صالح أطال الله عمره، كنت استغل كل دقيقة لأسمع الطيب شبشة لأنهل من علمه وخبرته، وفي السنوات الأخيرة لم أكن افارقه في زياراته للبلد وكان يقيم مع صديقه الأستاذ علي ياسين. ** انتهزت فرصة لاحشد أربعة من قمم الصحافة السودانية في حلقة من برنامجي السهرة، لمة حبان، واي قمة إن لم تكن الطيب شبشة، عبد الله عبيد وكمال حسن بخيت، رحمهم الله والاستاذ ميرغني ابوشنب أطال الله عمره. **ليت الأخوة في فضائية الخرطوم يعيدون بث هذه السهرة المليئة بالتاريخ والمواقف، والطرائف، وفيها سمعت بأن شبشة كان من الصحفيين القلائل الذين يدخلون على مولانا الحسيب النسيب السيد علي الميرغني رضي الله عنه، وابتسمت حين ذكروا أن مولانا كان يداعب الطيب بأنه الا يزال شبشة ولم يتحول إلى كربة؟ ** الطيب شبشة كان الوحيد الذي يكتب افتتاحية صحيفة الجزيرة مع رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك، وتحايلت عليه مؤخرا ليشاركنا بمقال في صحيفة الانتباهة، وكان مقالا من عظمة مقالات جيل الرواد. ** كنت على اتصال يومي معه، هو في الرياض وإنا في المدينةالمنورة، ولما غادرت إلى الإمارات، تواصلنا عبر رسائل التواصل يوميا حتى آخر رسالة جاءتني منتصف الأسبوع من نفس الهاتف، تنعى (والدنا الطيب شبشة). ** رحمك الله استاذ الأجيال، وجزاك خيرا كثيرا لما قدمته من جهد وعمل ودروس وطنية مهنية ستكون خالدة بإذن الله، والعزاء لاسرته الصغيرة أبنائه عبد الله وأحمد وحمد ووالدتهم المكلومة وأسرته الكبيرة التي هي كل السودان وشرائح من مجتمع السعودية الصحفي، {إنا لله وإنا إليه راجعون}. ** تواصل الفقد، واحزنني رحيل عدد كبير لا أعرفهم ولكنني أكثر حزنا ومنهم عشرون نفسا في عطبرة من مصابي انهيار احد مواقع التعدين الاهلي، وآخرون جراء حادث مروري قاتل بالقرب من الزيداب، غادر العشرون مستشفى عطبرة في جنازة جماعية إلى مقابر الشرقي، رحمهم الله. **من الذين احزنني رحيلهم ولا أعرفهم وهم أربعة جراء حادثين مرورين مروعين في العاصمة القطريةالدوحة، أحدهم العداء السوداني الأصل عبد الإله هارون، بطل قطر وآسيا وحامل برونزية العالم في سباق 400 متر، وكان المرشح الأبرز لذهبية دورة طوكيو الأولمبية. **اخوتنا في الدوحة شيعوا اسرة سودانية كاملة تتكون من الاب محمد جلال الدين وزوجته زينب أحمد وطفلهما الوحيد، الذين راحوا نتيجة سائقة متهورة تجاوزت الإشارة الحمراء لتضع نهاية أسرة كانت تستعد للعودة النهائية للوطن هذا الأسبوع، ** جن جنوننا وقد اتانا خبر غير مؤكد لرحيل استاذ الدراما الممثل المخرج محمد السني دفع الله، وانهالت الاتصالات منا لاخوتنا في الدوحة ورد علينا الأساتذة هاشم كرار وعمار عبد الرحمن ومحمد الكبير الكتبي، بأن المتوفى وسبحان الله اسمه محمد السني وهو من أبناء مدني، وهاتفنا زميلنا السني بأسلوبه الساخر، بأنه حي يرزق وايقظته الاتصالات من نومة وشخرة عميقة. ** توفي احد ابرز أطباء العظام وإصابات الملاعب البروفيسور العالم زهير مكي الذي عمل مع الرياضيين والفرق القومية وكليات الطب، بلادنا فقدت علما وعالما كبيرا. ** ام المدائن عطبرة فقدت هذا الأسبوع العديد من فلذات كبدها، خالنا السيد أحمد القوصي أشهر تجار الفاكهة ورائد اول محل للعصائر الطازجة المخلوطة (جنة الفواكه) والذي اشتهر محله بما يعرف بكرسي الفنان الخالد حسن خليفة العطبراوي، حيث كان يجلس فناننا الكبير طيلة النهار، وأصر المرحوم أحمد القوصي ليخرج الكرسي ويظل مكانه دون أن يستخدمه احد. ** أهلنا آل القوصى من أشهر الأسر الكريمة في عطبرة ودنقلا، ومقابر عطبرة التاريخية يسمونها (شيخ أحمد) وهو الحاج أحمد القوصي المتوفى عام 1928م. ** عطبرة فقدت الشاب فارس علي محجوب طالب الطب الذي توفي فجأة، وكذلك فقدت أسرة شيخ الجزارين ابشر التوم ابنهم محمد عبد العزيز ابشر التوم. ** من العاصمة السعودية جاءنا خبر وفاة الرياضي الكبير الأستاذ صلاح بشير بكراوي رئيس رابطة مشجعي الهلال بالرياض، والفنان الشاب مصطفى قرع. **رحم الله الصحفي المراسل الشهير بالنيل الأبيض الأستاذ بابكر الجاك واسكنه الجنة واسكن كل موتانا {إنا لله وإنا إليه راجعون}