طرق مدينة نيالا بدت نظيفة من الأوساخ، لا شيء يلفت الانتباه في ذلك الصباح الباكر سوى صوت خرير الماء في الوادي، وصور رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وأمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد تزين طرقات المدينة، وعبارات "كلنا قطر"، "بشير الخير وتميم المجد" كانت هتافات يرددها أعضاء الاتحاد الوطني للشباب السوداني داخل قاعة فندق الضمان الذي احتضن ختام فعاليات مؤتمر شباب ولايات دارفور للتنمية ودعم العودة الطوعية، بفعاليات مصاحبة من مخيمات صحية وزواج ألفي شاب من الأسر العائدة لمواقعها الأصلية. وهي المناسبة التي حظيت بتشريف مساعد رئيس الجمهورية ووفد رفيع المستوى من شباب وقيادات الحكومة القطرية برئاسة ممثل وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري اللواء حمد بن أحمد النعيمي. ترشيح البشير وتسلم مساعد رئيس الجمهورية د. فيصل حسن إبراهيم توصيات مؤتمر شباب دارفور التي كان أبرزها دعم ترشيح رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتأسيس جمعيات إنتاجية للعائدين لمناطقهم الأصلية وإقامة مشاريع تنمية ريفية متوازنة وزيادة رأس مال المؤسسات الشبابية العاملة في مجال التمويل. ووصف د. فيصل لدى مخاطبته ختام مؤتمر الشباب الفعالية بالحدث الكبير ورسالة للذين أرادوا إضعاف السودان وتقسيمه مرة ثانية، ولكن شبابها يجتمعون اليوم للتنمية بعد اكتمال المصالحات وجمع السلاح، وقال إن قدرة السودانيين وأصدقاءهم كانت أكبر من كيد الذين أرادوا أخذ السودان للجنائية، وأضاف: "لسنا في حاجة للجنائية، الآن اكتملت كل المصالحات بين الفرقاء". غناء وأنغام قطرية الوفد القطري الزائر لم يكتفِ بالمشاركة الرسمية عبر الكلمة التي ألقاها ممثل وزير الدولة لشؤون الدفاع اللواء حمد النعيمي، والتي أشاد فيها باهتمام الحكومة السودانية بالشباب، وقال إن الدولة هي التي تستفيد من طاقات شبابها في جميع المجالات، مؤكداً دعم قطر الكامل لمشروع الزواج الذي ينظمه الاتحاد الوطني للشباب السوداني بإكمال عشرة آلاف شنطة زواج لكل ولايات السودان. وأضاف النعيمي: "الوطن الذي يبحث شبابه عن النهضة والتنمية لن يضام رغم تربص المتربصين". لم تكن مشاركة قطر بتلك الكلمات ولكن شبابها شكّلوا لوحة رائعة عقب ختام المؤتمر؛ حيث أهدى اللواء النعيمي مساعد رئيس الجمهورية د. فيصل حسن إبراهيم سيفاً أطلق عليه "سيف العزة والكرامة والسلام"، ورقص د. فيصل والنعيمي معاً على أنغام الأغنيات القطرية التي استخدم فيها شباب البلدين السيوف. رسائل وتحذيرات المحطة الثانية في جولة د. فيصل حسن إبراهيم ووفده المرافق كانت لمقر المؤتمر الوطني للقاء الهياكل القيادية للحزب في ولاية جنوب دارفور، في وقتٍ سرت تسريبات وشائعات عديدة حول تأخر زيارة د. فيصل للولاية التي شهدت في الفترة الماضية خلافات كبيرة بين قيادات المؤتمر الوطني، لدرجة أن عدداً من مخالفي رئيس الوطني بالولاية والوالي آدم الفكي، اعتبروا عدم زيارة نائب رئيس الحزب دليلاً على عدم الرضا عن الوالي وحكومته. ولكن مناسبة اللقاء تحولت لمفاجأة أخرى حينما أرسل د. فيصل رسائل داعمة لحكومة الولاية، وأخرج كثيراً من المفاجآت والرسائل لعدة جهات داخل الحزب وحتى لشركاء العملية السياسية. د.فيصل أقرَّ بوجود أزمة اقتصادية في البلاد، مؤكداً مقدرة الدولة على تجاوز الأزمة الاقتصادية من خلال إنجاح الموسم الزراعي وزيادة الإنتاج وإعمال الفكر والجهد، مشدداً على أن الاقتصاد لن يهزم الدولة أو يسقطها وستصمد بمثلما صمدت من قبل فلم تسقطها العداوات الكبيرة وحصار العشرين عاماً الماضية، وأضاف فيصل لدى مخاطبته قيادات المؤتمر الوطني بولاية جنوب دارفور في نيالا أمس " بشروا ولا تنفروا". ودعا لرفع شعارات جديدة توافق المرحلة وروح الوفاق التي تنتظم البلاد بعد أن تم استهلاك كل الشعارات القديمة. موجهاً قيادات وقواعد الحزب بالتواجد في أوساط المواطنين والعمل على إنجاح الموسم الزراعي وإسناد برامج حكومة الولاية والالتزام بدفع الاشتراك الشهري. وكشف عن توجه نحو 800 مهندس وفني سوداني في مجال النفط إلى دولة جنوب السودان لاستئناف العمل بالحقول النفطية بموجب الاتفاق الذي أُبرم بين البلدين، وقال إن المؤتمر الوطني مقبل على تحدّي إعادة البناء، داعياً قيادات وقواعد الوطني لإكمال العملية في جوٍّ من النزاهة والإخلاص والابتعاد عن الاصطفاف القبلي والتكتلات المصلحية. وتوعد فيصل كل من يعمل على تعكير صفو عملية البناء بالاصطفاف القبلي بالمحاسبة والفصل، وأضاف: "كل من يفعل ذلك سيذهب غير مأسوف عليه". قانون الانتخابات قانون الانتخابات الجديد الذي خلف موجة من الاعتراضات في أوساط كثير من أحزاب حكومة الوفاق الوطني، كان حاضراً في خطاب د. فيصل أمام قيادات الوطني بالولاية، حيث دعا قواعد الحزب للتواجد في أوساط المواطنين والعمل على حل قضاياهم، وأضاف: "مقبلون على انتخابات إن ظللتم تتجادلون في القاعات ولم تنزلوا للمواطنين لن نحصد سوى الهشيم"، مؤكداً أن المؤتمر الوطني حزب جماهيري وليس صفوي، مما يستوجب على عضويته العمل والانتشار وسط الجماهير. وأرسل د. فيصل رسائل سياسية للمعترضين على قانون الانتخابات كان أهمها تأكيده حرص المؤتمر الوطني على روح الوفاق، مشيراً إلى أن اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية، وأن أي حزب محترم لابد أن يحقق نسبة في الانتخابات. وعَدَّد د. فيصل مزايا مشروع القانون الذي أُودِع منضدة البرلمان، وأشار لتخفيض دوائر المجلس إلى 300 دائرة مقسمة مناصفة ما بين الدوائر الجغرافية والنسبية، واعتبر وجود هذا العدد كافياً لتمثيل السودانيين في البرلمان بجانب إتاحة القانون الفرصة للتحالفات السياسية. وأكد د. فيصل جاهزية الوطني للمشاركة في قضية الدستور، وقال إن حزبه لديه رؤية كاملة حوله، وأن الوطني يؤيد نظام حكم رئاسي لامركزي، ويتفق مع ما وَرد في مخرجات الحوار الوطني حول القضاء والجيش والخدمة المدنية. زيارة دقريس مساعد رئيس الجمهورية وقف على أوضاع العائدين لموطنهم الأصلي بوحدة دقريس بمحلية السلام وتعهد بإنشاء نادٍ شبابيّ للمشاهدة وماكينة لإنتاج الطوب، وتعهد بمتابعة تنفيذ كل مطلوبات العائدين عبر حكومة الولاية، فيما أعلنت وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب تبرعها للعائدين بمبلغ مليار جنيه بجانب دعم تنمية المرأة بمبلغ 50 ألف جنيه قدمتها وزيرة الاتصالات د. تهاني عبد الله.